وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

"الرصاص المطاطي الأسود" يسرق أحلام الطفولة

نشر بتاريخ: 14/04/2015 ( آخر تحديث: 14/04/2015 الساعة: 19:40 )
"الرصاص المطاطي الأسود" يسرق أحلام الطفولة

القدس- تقرير معا - ربما تندمل الجروح في جسم الأطفال وتختفي آثار الإصابة فيه ويعالج العضو المصاب أفضل علاج..إلا أن آثارها النفسية والسلوكية تبقى ماثلة في تصرفاتهم وتحركاتهم شهوراً بعد إصابتهم وقد تستمر لسنوات، لصعوبة تجاوز تلك الآثار وانعكاسها على شخصيتهم.

الطفلان محمد عبيد 6 سنوات من قرية العيسوية وزكريا الجولاني 13 عاماً من مخيم شعفاط، لا يزالان في مرحلة الطفولة..أحلامهما المتقاربة، لا تتجاوز اللعب بالكرة، ومرافقة الأصدقاء وتبادل الأحاديث معهم، تغمرهما السعادة عند انتهاء الدوام المدرسي ليعودا الى المنزل لإكمال ما تبقى من يومهما، إلا أن الاحتلال الإسرائيلي غير أحلام الطفلين ليكون تفكيرهما بإصابتهما وفقدانهما للنظر دون ذنب!! أما "مشوارهما اليومي" هو زيارة الطبيب والجلسات العلاجية.

الطفل زكريا الجولاني.. استهدف من قناص اسرائيلي وهو يحمل حقيبته المدرسية

الطفل زكريا يحيى الجولاني أصيب أواخر شهر آذار الماضي برصاصة مطاطية من قناص إسرائيلي وفقد عينه اليسرى، ولم يخبر أهله بوضعه الصحي خوفا على وضعه النفسي".

وقال والد زكريا:" أصيب ابني بالعيار بينما كان مغادرا مدرسته التابعة لوكالة الغوث باتجاه المنزل، حيث لم تكن هناك أي مواجهات أو مشاكل، وهذا ما أكدته لنا الشرطة الإسرائيلية، التي حضرت الى المستشفى للتحقيق في الحادث."

وأوضح والده أنه قام بفحص الكاميرات الموجودة بالمكان، وتأكد أن لحظة إصابة ابنه لم تكن هناك أي مواجهات أو رشق حجارة، وقد أطلقت مجندة إسرائيلية عيارات مطاطية باتجاه الأطفال مما أدى الى إصابة ابنه في عينه اليسرى".

الطفل محمد عبيد... الخوف والمرض يلازمه منذ اصابته

أما الطفل محمد عبيد 6 سنوات فلا تزال آثار الرصاصة التي أصيب بها أواخر العام الماضي ظاهرة على تصرفاته ووضعه النفسي والصحي، ويقول والده :"لم يعد محمد كما كان فهو يخاف بشكل كبير، يخاف التحرك في المنزل لوحده ويريد أن يبقي أي شخص بقربه حتى داخل المنزل، فقد أصيبت الشبكية في عينه وتضررت بشكل كبير، وهو يرى بشكل جزئي".

ومما يزيد من سوء وضعه النفسي نظرة الأطفال الآخرين إليه (نظرة جديدة) لم تكن قبل إصابته.

وأضاف :"جلسات علاجية مستمرة منذ أشهر لطفلي، في محاولات لمعالجة الشبكية، رغم تأكيد الأطباء ان نظره لن يكون كالسابق".

الدكتور أمين أبو غزالة" "الرصاص الأسود" يسبب جروحا عميقة

وأوضح مسؤول الإسعاف والطوارئ في جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني الدكتور أمين أبو غزالة لوكالة معا ان الرصاص المطاطي أسود اللون بدأت القوات الإسرائيلية باستخدامه منتصف عام 2014، وذلك خلال المواجهات التي اندلعت في مدينة القدس عقب استشهاد الفتى محمد أبو خضير، وفي بداية الأمر كان يعتقد انه رصاص "حي" ولكن بعد البحث تبين انه رصاص مطاطي "من نوع جديد".



وأضاف ان الرصاص المطاطي "الأسود" مختلف عن "الأزرق" ليس باللون فقط انما بالوزن وقوة الدفع والثقل، فالرصاص الأسود يسبب جروحا عميقة، بينما الرصاص الأزرق يسبب الرضوض."

المحامية عليان: الشرطة تستخدم "الرصاص المطاطي" بشكل غير قانوني

من جهتها أوضحت المحامية نسرين عليان من جمعية "حقوق المواطن" لوكالة معا أن الشرطة الإسرائيلية استخدمت "الرصاص المطاطي" قبل صياغة آليات ومرسوم وشروط استخدام أو تدريب القوات على استعماله "لتفريق التظاهرات"، وذلك خلافا للقوانين والتي توجب وجود "مرسوم" واضح لاستخدام أي نوع من الأسلحة.

وأضافت عليان ان الشرطة الاسرائيلية سلمت جمعية حقوق المواطن" الاجراء المتعلق باستخدام المطاط الاسود"، واستدل منه أن "الرصاص الأسود" ساري المفعول ابتداءً من تاريخ 1.1.2015، الأمر الذي كشف ان الشرطة استخدمت الرصاص الجديد لمدة 6 اشهر دون وجود تعليمات ومرسوم خاص به.

وأوضحت المحامية عليان ان الجمعية طالبت المستشار القضائي للحكومة بالتحقيق الفوري في استخدام الرصاص الأسفنجي الأسود.

وأكدت عليان أن الرصاص الأسفنجي "الفولاذ المغطى بالمطاط الأسود" استخدمته الشرطة منذ شهر تموز 2014 في مدينة القدس، وهو أخطر من الرصاص "الأزرق" المستخدم، ولفتت عليان أنه ومنذ استخدام الرصاص الاسود أصيب العديد من المقدسيين بجروح مختلفة، وأول إصابة خطيرة سجلت بهذا الرصاص كانت للشاب تيسير صندوقة 31 عاما حيث فقد عينه خلال مشاركته في تشييع جثمان الشهيد محمد ابو خضير، وقد بدأ في ذلك الوقت بحث ودراسة "نوع السلاح المستخدم في مدينة القدس".

وأضافت عليان ان "الرصاص الأسود" أدى الى قتل الفتى محمد سنقرط من حي وادي الجوز مطلع شهر أيلول الماضي، كما اصيب 10 مقدسيين بصورة خطيرة بينهم 4 قاصرين ثلاثة منهم فقدوا البصر الكلي او الجزئي نتيجة الاصابة المباشرة في الوجه.

وأوضحت عليان انه تبين لجمعية حقوق المواطن مدى فاعلية الرصاص الأسود ، علما انه حسب "المرسوم- الاجراء لهذا الرصاص" ان البعد الأدنى المتاح لاستخدام الرصاص الأزرق (من نوع 632) هو 5 أمتار، بينما البعد الأدنى لاستخدام الرصاص الأسود (من نوع 4557) هو 10 أمتار، كما جاء في الاجراء انه يمنع استخدام مزدوج لانواع الرصاص في نفس العملية.

وأضافت عليان انه يمنع استخدام الرصاص الأسود باتجاه القسم العلوي من الجسم، في حين ان معظم الاصابات الخطيرة كانت في منطقة الرأس والوجه والرقبة، كما يمنع استخدامه اتجاه كبار السن والأولاد والنساء الحوامل، وهذا يؤكد عدم اتباع القوات الاسرائيلية لهذه التعليمات.

وقالت عليان:" بعد التوجه والمطالبة بالتحقيق في استخدام الرصاص الاسود، سجلت في نهاية الشهر الماضي اصابة جديدة في عين الطفل زكريا الجولاني، وهذا يعني مواصلة انتهاك السلطات الاسرائيلية للإجراءات المتبعة".

تقرير ميسة ابو غزالة