|
الفلسطينيون و إنتظار المعجزات
نشر بتاريخ: 14/04/2015 ( آخر تحديث: 14/04/2015 الساعة: 12:01 )
الكاتب: مصطفى ابراهيم
هلل الفلسطينيون لقرار الرئيس محمود عباس بالإنضمام لمحكمة الجنايات الدولية و لقرار المجلس المركزي الفلسطيني بوقف التنسيق الأمني مع دولة الإحتلال، وغيرها من القرارات التي إعتقد الفلسطينيين انها قد تساهم في إعادة الإعتبار للمشروع الوطني ولملمة الجراح والدم ينضح من كل مسامهم. أين هم الفلسطينيون الآن من كل تلك القرارات؟ فالقيادة ما زالت تنتظر نوايا المجتمع الدولي و إسرائيل وتناور وهي عاجزة وتعيش حال من التيه وغير قادرة على حسم أمرها بتبني إستراتيجية وطنية لمواجهة الإحتلال وصلفه، والمأساة ماثلة أمامهم سواء في قطاع غزة والدمار والخراب الحاصل فيها والتحذيرات بكارثة إنسانية ووطنية قائمة، أو في مخيم اليرموك فضيحة وعار جميع المسؤولين الفلسطينيين.
فالأيام بالنسبة للفلسطينيين تشبه بعضها في إنتظار الأسوأ والجديد القديم بينهم هو الهم المشترك والشكوى والمناشدات بإعادة البناء و الإعمار، وتنمية غائبة وهوية جامعة بعدما أضحى الفلسطينيين"شذر مذر" في ما تبقى من وطن وخارج الوطن، وبعدما ثبت العجز عن إتمام المصالحة لتحيل حياتهم الى ما هو أفضل. في وقت إنتهت فيه حالهم إلى بيئة حاضنة للتشرد والهجرة و للانقسام والفقر والكراهية والخلاف الدائم وعدم قبول الأخر وإنعدام القيم وغياب الأمل ودمار النسيج المجتمعي. هل ينتظر المنقسمون المعجزات؟ لذا، ولأن الحل واضح وهو الحوار والنقاش الوطني والشراكة حيث أضحىت هذه المقولات تلازم الفلسطينيين منذ سنوات الانقسام وقبله، و أمنية بعيدة المنال بعد كل ما لحق بهم من دمار وخراب وغياب المشروعية عن القيادة والمؤسسات. يجب عدم التعويل على الحل الخارجي والتحالفات الإقليمية والدولية و إنتظار المعجزات سواء من العرب أو الركون لوعود الإدارة الأمريكية وأوروبا، فالعالم والعرب لم يتغيروا ولن يقدموا شيئ إلا إذا توحد الفلسطينيون وأهدافهم واضحة وإعادة الاعتبار للمشروع الوطني، و إسرائيل مستمرة في الدفع باتجاه الإنقسام ومستمرة في الإستيطان والقتل اليومي والعدوان، فالقضية ليست متعلقة بغزة أو الضفة فقط، فالمعاناة التي يعيشها الفلسطينيون في اليرموك تعبر عن العجز العام و تتطلب الجرأة والعمل الموحد وقيام القيادة بمسؤولياتها و إشعار الناس بصدق التحرك لإنهاء مأساة اللاجئين وتجنيبهم ويلات الحرب. ما يريده الفلسطينيين هو الحل العادل لقضيتهم و لأزماتهم الداخلية و إستعادة الكرامة وإحلال العدالة، والبدء بورشة وطنية صادقة ونوايا و إرادة حقيقيتان تعبران عن عدالة القضية ومشروعية مطالبهم، وحل مشكلاتهم بدأ من الإعمار في غزة وفق منهجية واضحة وليس انتهاء بمعبر رفح ومشكلة الموظفين وعديد الأزمات القائمة. هذا ليس ترفاً أو نقاشاً يرافق المأساة التي يعيشها الناس و جولات الردح والخلاف وتحميل المسؤوليات وتشكيل اللجان ولجان الرقابة والمساندة ووضع الفلسطينيين يرثى له، بل يأتي في السياق ذاته، سياق الإلتزام بالوحدة والهوية والإتفاق على عقد إجتماعي جديد، وحالة بناء جديدة تعظم المشترك بين الفلسطينيين وتنهي الإنقسام و الإحتلال، وتتجاوز كل ما هو قائم من التصنيفات الراهنة التي وضعتهم في هذه الأزمة وغيرها. زمن المعجزات لم يعد قائماً، و هي دعوة من أجل ما تبقى من وطن ومشردين في الوطن والشتات خشية من الاستمرار في إنتظار المعجزة، أو أن يحل الصمت أكثر مما هو قائم، فيصبح السكوت موازياً لمشهد الدمار و الإنهيار الكبير في حياة الفلسطينيين و نظامهم السياسي الهش وتشريد مزيد من الآلاف وتعميق مأساتهم و معاناتهم. |