وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

مصالحة الرئيس عباس مع دحلان

نشر بتاريخ: 22/04/2015 ( آخر تحديث: 22/04/2015 الساعة: 11:11 )
مصالحة الرئيس عباس مع دحلان
الكاتب: سفيان أبو زايدة
ينشر الكثير بين الحين و الاخر في وسائل الاعلام حول محاولات لرأب الصدع الفتحاوي و انهاء الخلاف الذي طالما استنزف الكثير من الطاقات الفتحاويه و الوطنية و انعكس و ما زال بشكل سلبي على الحاله الفلسطينية العامه.
صحيح هناك قضايا وطنية كبيرة اهم بكثير من قضية الخلاف بين سيادة الرئيس عباس و الاخ محمد دحلان ، تستحق من الكل الفتحاوي و الوطني تسخير الطاقات من اجل التعامل معها. ما يحدث لاهلنا في مخيم اليرموك و استمرار حالة الانقسام و اوضاع الشعب الفلسطيني بشكل عام و في غزة بشكل خاص و الاستيطان و الاحتلال و الحصار و انكماش المشروع الوطني الفلسطيني. كلها قضايا تستحق ان تتصدر اهتمام القيادات الفلسطينية و الرأي العام الفلسطيني.

مع ذلك لا بد من التوقف قليلا حول حقيقة ما تم تداوله مؤخرا حول وساطه اجراها اللواء عباس ابراهيم بمبادرة ذاتية من اجل انهاء هذا الخلاف الذي ينعكس سلبا ليس فقط على الشأن الفلسطيني ، بل ايضا على الوضع الامني اللبناني وفقا لما يراه رجل الامن الاقوى في لبنان.

اللواء عباس ابراهيم لم يكن يقصد ان يزج نفسه في خلاف فتحاوي داخلي او الشأن الفسطيني الداخلي، حيث لدى الرجل ما يكفيه من مهام و تحديات جسام ، و لكنه و بحكم اطلاعه على تفاصيل ما يجري في المخيمات الفلسطينية و انعكاس ما يجري هناك على الوضع اللبناني ، ادرك اللواء عباس ابراهيم ضرورة توحيد الموقف الفلسطيني ، وخاصه الشأن الفتحاوي على الساحة اللبنانية .

من هذا المنطلق طلب اللواء عباس ايصال رساله من خلال السفير الفلسطيني في بيروت للرئيس عباس بضرورة انهاء الخلاف الداخلي من اجل مصلحة فلسطين و مصلحة لبنان على حدا سواء. السفير اوصل الرسالة سريعا مما قاد الى لقاء في عمان بين الرئيس عباس و اللواء عباس ابراهيم . و لان اللقاء كان في عمان و لاهمية الدور الاردني تم وضع الجانب الاردني بما يجري.
تمخض عن هذا اللقاء وقف الحملات الاعلاميه بين الطرفين من اجل تهيئة الاجواء و تنقيتها على امل ان ينجح هذا الجهد المحمود من الشقيق اللبناني.

و على الرغم من عدم وجود تقدم حقيقي يمكن ان يبنى عليه الا ان الابواب لم توصد بعد ، خاصة من قبل الاخ محمد دحلان الذي ليس لديه اي شروط نزولا عند المصلحه العامه التي على ما يبدو يفهمها و يشعر بها اللواء عباس ابراهيم اكثر بكثير من قيادات فلسطينية مهمتها تحريض الرئيس عباس و الدفع باتجاه تشديد المواقف، ليس حرصا على فتح بل اعتقادا منهم ان اقصاء دحلان عن المشهد الفلسطيني يخدم مصلحتهم و ان عودته ستضعف من دورهم و تعيدهم الى حجمهم الطبيعي. هذا يعني اننا امام معادله غير معقدة تقول ان كل من استفاد من الخلاف بين الرئيس عباس و دحلان يضع قدمية في الارض و ظهره على الحائط لعدم انهاء الخلاف، و ان كل من سيتضرر من عودة دحلان و انهاء الخلاف ايضا يضع قدميه في الارض و ظهره على الحائط و يبدي مواقف متشددة اكثر من صاحب الخلاف نفسه. لكن القناعه في نفس الوقت ان الرئيس عباس اذا ما توفرت لديه الاراده لن تكون لديه اي مشكله، و ان المستفيدين من الاقصاء و المتضررين من العودة بغض النظر عن مواقعهم و اسمائهم سيتأقلمون مباشرة مع رغبات السيد الرئيس .

على اية حال ، الانطباع ان اللواء عباس ابراهيم مع الاسف الشديد لم يكن سعيدا من النتائج التي تمخضت عنها هذه الاتصالات ، على الاقل حتى الان، و كان يرغب في عدم دخوله في تفاصيل و تكتيكات ليس لديه مصلحه او وقت لاشغال نفسه بها. ما يهمه هو توحيد الموقف الفتحاوي على الارض اللبنانية و لا يريد ان يضطر للتعامل مع جهتين او قوتين على الارض.

و بغض النظر عما يقوم به اللواء عباس ابراهيم من دور ايجابي بحكم موقعه و تأثيره على الساحة اللبنانية ، الا ان قرار محكمة جرائم الفساد برد الدعوى التي قدمت ضد النائب دحلان بحكم تمتعه بالحصانه شكل بادرة امل ، ليس فقط لشجاعة هذا القاضي الذي اصر على الدفاع عن سلطة القانون احتراما لنفسه و لمكانته رغم كل ما قد يحمل ذلك من مخاطر شخصية ، بل شكل ايضا بارقة امل حيث تم ربط هذا القرار بما تم تناقله في وسائل الاعلام حول جهود المصالحه . و لكن مع الاسف الشديد هناك ممن يضعون اقدامهم في الارض، و الذين صدموا من قرار القاضي لن يدخروا جهدا من اجل اطفاء بارقة الامل هذه.

مرة اخرى و كما كتبت في اكثر من مناسبه، المشكلة ليست قضائية، و ليست ايديولوجية ، القضية كلها و بكافة مكوناتها في يد الرئيس العباس، و لو كنت مكانه او كنت قريبا منه في هذه الايام لقلت له التالي:
سيادة الرئيس ، و انت تدخل عقدك التاسع اطال الله في عمرك لم يتبقى لك الكثير من الوقت لكي تحقق انجازا سياسيا في ظل هذه الظروف و التعقيدات الاقليمية، اجزم ان القضية الفلسطينية لن تجد لها حلا في عهدك و ان اقامة الدولة و اقتلاع الاستيطان هي على الارجح مهمة من سيأتي من بعدك. لذلك امامك اربعة مهمات مترابطه تستطيع ان تنجزها خلال عام ، الاولى و الاهم لملمة الشمل الفتحاوي و هنا ستجدني اصغر جندي عندك، و الثانية لملمة الوضع الفلسطيني الداخلي و انهاء الانقسام و ايضا ستجدني عنصرا متطوعا دون راتب او مهمات، و الثالثة اعادة بناء مؤسسات المنظمة و استرداد مكانتها ، و الرابعه و الاخيرة قبل ان تنهي مسيرتك الطويله هي اجراء الانتخابات الرئاسية و التشريعية.