وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

سماسرة وشاهد زور وإشراف تائه

نشر بتاريخ: 23/04/2015 ( آخر تحديث: 23/04/2015 الساعة: 19:10 )
سماسرة وشاهد زور وإشراف تائه
الخليل- معا- بعد تسع سنوات قررت بلدية الخليل، تنفيذ قرار مجلس التنظيم الأعلى رقم (2005/5) والصادر في آب 2005، ويقضي بإلزام كافة اللجان والهيئات المحلية للتنظيم والبناء، بالتقيد بتطبيق الإشراف الإلزامي، وأذونات الصب، وفي تموز 2014، وقّعت بلدية الخليل بروتوكول تعاون مع نقابة المهندسين للبدء بتطبيق نظام الاشراف الالزامي ضمن مناطق نفوذ بلدية الخليل.

وبعد ثمانية أشهر من توقيع البروتوكول، دعت بلدية الخليل، نقابة المهندسين ومديرية الحكم المحلي ومديرية وزارة الاقتصاد والشرطة والمحافظة والدفاع المدني واتحاد الصناعات الانشائية واتحاد المقاولين والمحافظة، لحضور ورشة عمل لتدارس آليات تطبيق الاشراف الالزامي، وخلال الورشة تباينت وتشابكت وتقاطعت آراء الحضور، فمنهم من وافق على المضي قدماً في تطبيق النظام- الاشراف الالزامي- ومنهم من امتنع عن التوقيع على محضر الحضور، ومنهم من رفض الالتزام بالنظام ومنهم (...).

في هذا التقرير نسلط الاضواء، على نظام الاشراف الالزامي واذونات الصب، ومن هي الجهات المسؤولة عن تطبيقه، تحدثنا مع عدد من الذين شاركوا في ورشة عمل البلدية، واجمع كل من تحدثنا معهم على أهمية الاسراع في تطبيق النظام، لكن هناك عقبات تعترض تطبيقه.
يقول المهندس جاد أبو صبيح رئيس قسم الابنية في بلدية الخليل: "كان الهدف من هذه الورشة وضع كافة الجهات أمام مسؤولياتها لمساعدة البلدية في تطبيق النظام".

النقيب مهندس أسيل خلايلة مسؤولة إدارة السلامة والوقاية في الدفاع المدني مديرية الخليل، قالت: "شاركنا في الاجتماع ولم نوقع على محضر الحضور، تفاجأنا بأن البروتوكول موقع وجاهز بين بلدية الخليل ونقابة المهندسين، نحن لسنا شاهد زور، ورفضنا ان نكون منصتين في الاجتماع، فاللدفاع المدني دور مهم ورئيسي في الاشراف الالزامي، وقدمنا العديد من الملاحظات على البروتوكول ونأمل بأن يتم العمل معها".

الياس شاكر طه عضو اتحاد الصناعات الانشائية والذي حضر الورشة، قال: "نحن مع مصلحة المواطن والوطن، لكننا شعرنا بعدم وجود شراكة بين جميع الجهات والمؤسسات ذات العلاقة بالاشراف الالزامي، ونرفض بأن نكون سيف بلدية الخليل ونقابة المهندسين على المواطنين".

المهندس ظافر سياج عضو هيئة المكاتب والشركات الهندسية في نقابة المهندسين فرع الخليل، قال: "البروتوكول مصلحة للمواطن لحفظ سلامته والحفاظ على حياة الآخرين، وسنتوجه للمحافظ للحصول على قرار إداري يلزم مصانع الباطون بالالتزام باذونات الصب".

نحو 35% من مساحات الأبنية القائمة في الخليل شُيدت بدون تراخيص

يرى كثيرون أن مفتشي بلدية الخليل لا يقومون بعملهم في متابعة المخالفين على اكمل وجه، كما أن المواطنين لم يعتادوا بعد استخدام مهندسين لتخطيط أبنيتهم السكنية، وفي هذا السياق يقول رائد الشرباتي مدير عام مديرية وزارة الحكم المحلي في محافظة الخليل: "ثقافة البناء بدون رخصة موجودة في محافظة الخليل، والناس تبني بيوتها بدون الاستعانة بالمهندسين، وتعتمد على خبرة عامل البناء- المعلم-".

ويوافقه في الرأي، المهندس ابو صبيح حيث قال: "لا زالت ثقافة البناء بدون رخصة منتشرة، ونحو 35% من مساحات الابنية في الخليل، بنيت بدون ترخيص، ومن هنا جاءت أهمية تطبيق نظام الاشراف الالزامي".

وأكد رئيس بلدية الخليل الدكتور داود الزعتري على أن البلدية ماضية في تطبيق النظام، لكي يتمتع أبناء الخليل بكافة الخدمات التي تقدمها البلدية.

وألقى المهندس ظافر سياج عضو هيئة المكاتب والشركات الهندسية في نقابة المهندسين فرع الخليل، ألقى باللائمة على من أسماهم "سماسرة" يعملون كموظفين في بلدية الخليل، والذي يُعرقلون معاملات المواطنين، مقابل الحصول على مبالغ مالية دون وجه حق.

واوضح: "مواطن يذهب للبلدية بهدف الحصول على رخصة بناء، ويعتقد المواطن بأن الموظف يعمل لخدمته، فيبدأ هذا الموظف باللف والدوران على المواطن، معاملتك مش راح تمشي، شوف المهندس الفلاني، انا بسلك لك المعاملة، ويتوه المواطن، وكذلك الأمر مع بعض المهندسين الذين يقولون للمواطن نحن سنساعدك وعليك ان تدفع مبلغ كذا، وتصبح رخصتك بين ايديك مع التصاميم".

وتابع المهندس سياج: "على كل مواطن يرغب بالحصول على رخصة بناء التوجه لنقابة المهندسين، ومن خلال الاستشارة الصحيحة، يستطيع المواطن أن يحدد هدفه، كما أنه من الواجب على بلدية الخليل وضع لوحات ارشادية للمواطنين في أروقة البلدية، ترشده الى كيفية الحصول على الخدمة الافضل في البلدية، وبذلك نوفر العناء والوقت والجهد والمال على المواطن، وكل شيء يكون قانونياً".

من جانبه يرى نائب رئيس غرفة تجارة وصناعة محافظة الخليل، عبد الحليم شاور التميمي، أن على بلدية الخليل فرض غرامات مالية عالية على المخالفين، ويعتقد بأن البلدية اذا طبقت هذا الاجراء سيسارع المواطنون للحصول على تراخيص بناء.

وأضاف "المجلس البلدي الحالي ورث عن المجالس السابقة، عددا كبيرا من المباني غير المرخصة، ومسؤولية الترخيص تقع على عاتق البلدية، ولمنع اقامة اي منشأة او بناء بدون ترخيص على البلدية فرض غرامات على صاحب المنشأة ومعاقبة معلمي البناء وفرض غرامات عليهم وكذلك شركات الباطون التي تصب الباطون لمنشآت غير مرخصة".

وتابع في حديثه: "شهدت مدينة الخليل توسعاً عمرانياً كبيراً خلال السنوات القليلة الماضية، وعلى البلدية مسؤولية الاشراف على هذه الابنية، وعليها زيادة عدد المفتشين وعدد ساعات دوامهم، وعليهم العمل في ايام العطل والاعياد الرسمية، للتأكد من أن ما يتم تشييده وبناؤه حاصل على رخصة، والتأكد من أن العمل بالبناء يسير وفق المخططات الهندسية، خاصة وان العمليات غير الشرعية تتم عادة في أوقات الليل أو الصباح الباكر لفرض أمر واقع".

وأكد الياس طه، على أن مصانع وشركات الباطون جاهزة ومستعدة لتطبيق النظام، بعد ضمان قيام البلدية بوقف التسيبات الداخلية، ومتابعة الورش، وعدم المحاباة أو تفضيل شخص على آخر، من قبل البلدية في تطبيق القانون والنظام، وعندما تقوم البلدية بدورها على اكمل وجه، ونحن مع تطبيق القانون.

يقول طه: "حسب القانون ممنوع صب الباطون الا بوجود مهندس مشرف، ويمنع الصب قبل الاتصال بجهات الاختصاص وأخذ عينات من الباطون للفحص، وبذلك نضيق الخناق على المصانع التي لا تلتزم بالمواصفات والمقاييس الفلسطينية، هي حلقة كاملة والجميع مشترك فيها، والدور الأبرز فيها للبلدية، وتطبيقه ليس من مسؤولية أصحاب مصانع الباطون".

وكيل نيابة للبلدية
ويعتقد رئيس بلدية الخليل، بأنه يوجد تقصير في الادوات التنفيذية، وخاصة الشرطة، حيث تقف البلدية عاجزة عن وقف التجاوزات، وقال: "هناك الكثير من القرارات التي اتخذت بحق متجاوزين ومخالفين، والبلدية جهة غير منفذة، ولضمان تنفيذ القرارات الصادرة بحق المخالفين، سنتوجه في بلدية الخليل خلال الفترة، لطلب وكيل نيابة للعمل داخل مبنى البلدية ويتبع لمحكمة البلدية مع وجود عناصر، وبذلك يكون لنا نيابة وصلاحيات تنفيذ".

للوقوف على مدى قانونية قيام بلدية الخليل، بطلب الحصول على وكيل نيابة يتبع للبلدية، توجهنا الى الخبير في الشأن القضائي المحامي سائد العويوي، والذي قال: "مسؤولية تنفيذ الاحكام الصادرة عن محكمة البلديات، تقع على عاتق البلدية، حيث تقوم البلدية بتعيين موظفين تابعين لهذه المحكمة صلاحياتهم مشابهة لصلاحيات موظفي المحاكم النظامية".

وأضاف العويوي: "بمقتضى الأمر العسكري الاسرائيلي، بشأن تأسيس محاكم بلدية (الضفة الغربية) رقم (631) لسنة 1976، وخاصة في المادة (11) تنفيذ الأحكام: (أ) بالرغم مما ورد في المادة 353 من قانون الإجراءات الجزائية، تكون المحكمة البلدية مسؤولة عن تنفيذ الأحكام الصادرة من قبلها. (ب) بالرغم مما ورد في الفقرة (أ) تكون البلدية مسؤولة عن جباية الغرامات المفروضة من قبل المحكمة البلدية ذات الصلاحية للحكم في منطقتها ، كما أن المادة (12) من ذات الأمر تطرقت للموظفين حيث جاء فيها: (أ) تعين البلدية من بين موظفيها ما يلزم من الموظفين للمحكمة البلدية ذات الصلاحية للقضاء في منطقتها. (ب) إن الصلاحيات المعطاة لموظفي المحكمة، بموجب قانون الإجراءات الجزائية تعطى كذلك لموظفي المحاكم البلدية".

وزاد في حديثه "تشكل محكمة البلدية من قاض منفرد، وتكون المحكمة ذات صلاحية للقضاء بكل مخالفة ضد أنظمة البلدية الكائنة في منطقة صلاحياتها، وكذلك بكل مخالفة ضد أنظمة البلدية ضمن حدود تلك البلدية، ويكون ممثل الادعاء أمام المحكمة ممثل البلدية والذي يعين من قبل رئيس البلدية من بين موظفي البلدية بصورة تحريرية، ومن هذا المنطلق، نرى بأن المُشرع لم يشترط وجود وكيل نيابة في محكمة البلديات، وعلى البلدية أخذ دورها والقيام بواجبها في مناطق نفوذها، وتطبيق الأنظمة والقوانين".

ما هو نظام الإشراف الالزامي؟
يقول المهندس سياج: "النظام عبارة عن قيام أي مواطن قبل عملية تشييد البناء باتباع عدة خطوات، رخصة من البلدية، إذن بالحفر، وإذن بالصب وإذن بالاشغال، وذلك تحت اشراف مكتب هندسي أو مهندس معتمد من قبل نقابة المهندسين".

وجاء في قرار مجلس الوزراء رقم (6) لسنة 2011، بنظام الأبنية والتنظيم للهيئات المحلية، المادة (93) على جميع الدوائر والمؤسسات العامة والخاصة والشركات عدم القيام بتزويد الأبنية بالمياه أو الكهرباء أو الهاتف أو المجاري العامة أو إصدار رخص لمزاولة المهن أو الحرف أو الصناعات أو القيام بمعاملات إفراز الأبنية بقصد البيع قبل حصول صاحب الترخيص على إذن إشغال من اللجنة المختصة.

نظام الاشراف الالزامي، كما يقول المهندس ابو صبيح: "يهدف الى اتخاذ اجراءات تحد وتمنع عمليات البناء الغير مرخص، ويوقف عمليات التعديات على الملكية العامة والخاصة، من خلال ضبط أي عملية بناء واجبار كل مواطن على التقيد بكافة الاجراءات والقوانين وشروط السلامة العامة".

وقال الدكتور الزعتري: "هناك بعد تنظيمي للمدينة، ونعتبر النظام شيء اساسي في ظل عدم وجود مخطط هيكلي تنظيمي او مخطط تفصيلي يحدد تقسيم المدينة الى فئات سكنية، سكنية تجارية، صناعية، حدائق ومنتزهات، وهذا التقسيم من شانه ان يميز بين المناطق ويضع المسؤولية على المجلس البلدي في التخطيط للتوسع المستقبلي لاستيعاب نمو السكان وفق استراتيجية".

وشدد نائب رئيس غرفة الخليل، على وجوب قيام بلدية الخليل، بتنفيذ النظام، مضيفاً": منذ 30 عاماً ونحن نطالب بلدية الخليل بعمل مخطط هيكلي للمدينة، وتقسيمها الى مناطق سكنية، تجارية، ولا يجوز بناء مصانع داخل المناطق السكنية، وعدم المتابعة والتفتيش من قبل البلدية، وشُح الأراضي دفعت الكثيرين لبناء منشآتهم الصناعية داخل التجمعات السكنية، ونأمل بعد انشاء المنطقة الصناعية في الخليل، التخلص من هذه المشكلة في غضون السنوات القادمة، وتصبح الخليل نوذجاً للبناء وجميلة المظهر لزائريها وسكانها".

وأشار المهندس سياج، الى أن اذن الصب يتكون من أربع نسخ بحيث يحصل المكتب الهندسي على هذه الاذونات التي يجب أن تنال موافقة وزارة الحكم المحلي والمجالس البلدية وان المكتب الهندسي المشرف على العمل هو الذي يجب أن يتابع هذه الالية.

الدفاع المدني مُغيب دوره
جاء في اجراءات السلامة العامة في المباني العالية، المادة (1) المباني العالية: هي كل مبنى يزيد ارتفاعه على مستوى سطح الأرض بأطول من ستة عشر متراً والذي يشتمل على أكثر من خمسة طوابق فوق سطح الأرض. مادة (3) لا يجوز مباشرة الأعمال الإنشائية قبل الحصول على تصريح مبدئي من المديرية العامة للدفاع المدني. المادة (6) يمنع إشغال المبنى أو المنشأة أو أي جزء منها إلا بعد الحصول على الموافقة النهائية من المديرية العامة للدفاع المدني.

تقول النقيب مهندس خلايلة: "من خلال متابعتنا في الدفاع المدني، نرى بأن الجميع يحاول تجاهل الدور الرئيسي للدفاع المدني، فنصوص الانظمة والقوانين واضحة للجميع، لكن يتم تغييب دورنا في التأكد من توفر السلامة العامة لجميع المباني، ومن يقصدنا يأتي بهدف الحصول على إذن لتشغيل المصعد".

وتابعت في حديثها: "دورنا رئيسي يبدأ من لحظة بدء المواطن بالحفر عليه التأكد من حصوله على إذن من الدفاع المدني، وكذلك حينما يريد أن يشغل ما تم بناؤه، عليه أن يأخذ إذن الاشغال من الدفاع المدني، نحن نهدف الى حماية مواطننا وتسهيل حياته وحياة الآخرين، والتأكد من توفر السلامة العامة".

تقرير: محمد العويوي