|
من ذاكرة أول أسير فلسطيني
نشر بتاريخ: 28/04/2015 ( آخر تحديث: 03/04/2020 الساعة: 05:09 )
بيت لحم- معا- بجانب ضريح الشاعر الفلسطيني محمود درويش، يعيش رجل في العقد الثامن من عمره، يملأ الشيب رأسه، إلا انه يتمتع بذاكرة قوية تجعله يسرد قصة نضاله مع جيش الاحتلال دون كلل أو ملل، إنه محمود بكر حجازي أول أسير لحركة فتح.
نقطة التحول في حياة محمود حجازي ولد محمود حجازي في عام 1936 وترعرع في مدينة القدس وعاش في ازقتها، ويعود أصله إلى المزرعة الشرقية بجانب عيون الحرامية، وصف حجازي مرحلة الطفولة بالسعادة المطلقة، وأكد على عدم وجود أي نوع من الكراهية او العنصرية بين مسلم ومسيحي ويهودي. اختلفت مفاهيم الإنسانية لدى حجازي منذ ان جاءت "دولة اسرائيل"، وبعد ان شاهد مذبحة دير ياسين وانتهاكات الاحتلال المستمرة للأراضي الفلسطينية. وبعد ان كان حجازي يؤرقه صوت إطلاق النار والقنابل والمتفجرات، بدأ يهوى سماعها كألحان تشجى لها الأذن. رحلة نضال شارك حجازي المقاومة مع عبد القادر الحسيني وكان شبلا من اشباله، وساهم في اخراج اليهود من حارة اليهود التي كانت موجودة في البلدة القديمة، وبعدها أطلقوا عليها اسم حارة الشرف، وأصيب برصاصة وعمره لم يتجاوز 12 عاماً، وانتقل بعد سنوات للانخراط في الجيش الأردني برتبة شاويش. عملية تفجير جسر بيت جبريل كلف حجازي من قبل الرئيس الراحل ياسر عرفات هو ومجموعة من الشبان بالقيام بعملية تفجير جسر في منطقة بيت جبريل تستخدمه السيارات العسكرية الإسرائيلية بالقرب من الخليل في عام 1965، وبالفعل بدأ حجازي بالتدرب مع مجموعة من الشبان على هذه العملية، وفي السابع من كانون الثاني عام 1965 استعدت المجموعة للمشاركة في العملية، وحملوا سلاحهم الخفيف وقاموا بالتناوب على حمل العبوة المقرر تفجيرها في الجسر. وعند الوصول الى مكان الجسر حدث هناك اشتباك بين قوات الاحتلال والشبان، وقام حجازي بالاختباء وراء حجر كبير وبدأ بإطلاق النار تجاه الجنود الإسرائيليين، وبعد أن نفدت الذخيرة، سمع صوت تفجير وأدرك أن الشبان أكملوا طريقهم وقاموا بتفجير الجسر. أول أسير من منظمة التحرير الفلسطينية فتح ابقى حجازي سلاحه بيده وتقهقر إلى الخلف، وهو في طريق عودته سمع صوت 3 جنود يصرخون ويقولوا له "ألقي سلاحك على الأرض وأرفع يديك" وجد حجازي نفسه محاصر، ولا يملك إلا سلاحا لا توجد به حتى طلقة واحدة، قام بإلقاء سلاحه على الأرض، وبعدها قاموا بربطه وألقو به في سيارة عسكرية. تعرض حجازي لتعذيب وضغوط نفسيه في سجون الاحتلال من اجل ان يعترف بمعلومات عن رفاقه في عملية الخليل، وحكم عليه بالإعدام، وطالب حجازي من الحكومة الإسرائيلية الاعتراف به كأسير حرب. اسقاط حكم الإعدام وتنفيذه وبعد ان رفضت إسرائيل طلب اعتباره أسير حرب، وافقت على إحضار محام له من خارج "الأراضي المحتلة"، وهو المحامي جاك برجيس زوج المناضلة الجزائرية جميلة بو حديد، إلا انه بعد ان وصل المحامي إلى الأراضي المحتلة بإيعاز من منظمة التحرير الفلسطينية رفضه الاحتلال وقام بترحيله. لا ينسى حجازي كيف حاولت اسرائيل اغتياله بالسم بعد عودته من محاكمته واسقاط حكم الإعدام عنه، فقد وضع السم في طعامه ما ادى الى تفجير معدته وكاد يفقد حياته، إلا انه قال وبكل فخر.. "لا زلت حيا أرزق". أسير مقابل أسير تناهت إلى سمع حجازي أخبار في داخل سجون الاحتلال عن ان منظمة التحرير الفلسطينية قامت بخطف جندي اسرائيلي يدعى شموئيل فايزر، وتطالب مقابله بالأسرى، وبعدها سمع ان منظمة التحرير تطالب بمحمود حجازي فقط. وبتاريخ 28 كانون الثاني 1971 جرت عملية تبادل أسير مقابل أسير بناء على اشتراط منظمة التحرير الفلسطينية وجرت العملية في رأس الناقورة برعاية الصليب الأحمر. في نهاية حديثه بكى اللواء محمود حجازي حال الأسرى الموجودين الان في سجون الإحتلال، وأكد على ضرورة التحرك والعمل الجاد من قبل الشعب الفلسطيني و المجتمع الدولي من أجل إخراج هؤلاء الأسرى وانقاذهم من غياهب السجون. وأكد على ضرورة التكاتف والوحدة الوطنية قبل كل شيء من أجل تحرير الوطن من براثين عدو لا يرحم ولا يفرق بين كبير وصغير. تقرير: رشا ابو سمية |