|
دعوة لحوار النخب العربية لبلورة رؤية شاملة لمواجهة تداعيات المتغيرات
نشر بتاريخ: 06/05/2015 ( آخر تحديث: 06/05/2015 الساعة: 19:21 )
البيرة - معا - دعت مجموعة من الشخصيات السياسية والأكاديمية ونشطاء المجتمع المدني إلى حوار واسع ومتعدد بين مختلف النخب السياسية الديمقراطية والوطنية والإسلامية، من أجل الوصول إلى تسويات تاريخية بين هذه التيارات في مختلف البلدان العربية، لا سيما تلك التي تشهد متغيرات وثورات دون إقصاء أحد.
وبحث بعض الحضور فكرة بلورة نداء عربي مشترك تصدره عشرات الشخصيات من النخب العربية ومؤسسات المجتمع المدني، يطرح رؤية واضحة إزاء كيفية التعامل مع المتغيرات العربية، وبخاصة في البلدان التي تشهد صراعات داخلية تطغى فيها المذهبية والطائفية، وكذلك الانقسامات في بلدان أخرى، بما فيها الانقسام الفلسطيني الداخلي، بما يسهم في استعادة مكانة القضية الفلسطينية على رأس سلم الأولويات العربية. ونوه البعض إلى أن هذا النداء ينبغي أن يكون بعيدًا عن التجاذبات السياسية والتحالفات، ويهدف إلى تقليل المخاطر والأضرار الناجمة عن المتغيرات في المنطقة العربية، لا سيما في فلسطين، كون القضية الفلسطينية هي قضية العرب، وتتطلب تضافر كل الجهود الفلسطينية والعربية وتضامن المجتمع الدولي من أجل إنجاز الحقوق الفلسطينية. واعتبروا أن الأولوية ينبغي أن تكون لتعزيز العمل العربي المشترك بما يخدم المصالح العربية، والتعامل وفق ذلك مع التحالفات والمحاور الإقليمية والدولية، وبما يشمل إعادة تقييم علاقة العرب بإيران وتركيا على أساس المصالح المشتركة ومحددات الجوار. جاء ذلك خلال جلسة حوارية نظمها المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الإستراتيجية (مسارات) حول المتغيرات العربية والإقليمية والدولية وانعكاساتها على القضية الفلسطينية، واستضاف خلالها سمير حباشبة، الوزير الأردني السابق، الذي قدم مدخلا للحوار، بحضور أكثر من ثلاثين شخصية من السياسيين والأكاديمين والنشطاء، في مقر المركز بمدينة البيرة. وافتتح الجلسة الحوارية هاني المصري، مدير عام مركز مسارات، الذي طرح تساؤلات حول الحاجة إلى مواقف آنية تعالج مشكلة هنا وأخرى هناك، أم إلى رؤية شاملة تنبثق عنها خارطة طريق تتناسب مع حجم المشكلات التي تمر بها المنطقة، منوها في هذا السياق إلى أهمية إطلاق حوار هدفه التوصل إلى مصالحات وتسويات شاملة بين مختلف التيارات الوطنية والديمقراطية والإسلامية التي تقبل بمبدأ الشراكة السياسية ومفهوم الدولة السيادية التي تلتزم بقيم المساواة والعدالة والديمقراطية والحرية وتحترم الإرادة الشعبية في كل من البلدان العربية. وأكد أن الانتخابات حتى تكون الحل للأزمات في البلدان العربية يجب أن تكون نزيهة وتعددية وقائمة على التوافق بين مختلف المكونات الفكرية والسياسية والقبول بمبدأ تداول السلطة بعيدا عن الإقصاء، مشيرا إلى خصوصية الحالة الفلسطينية في ظل مرحلة التحرر الوطني، التي تقتضي التوافق على هدف ووظيفة الانتخابات تحت الاحتلال، في سياق إعادة النظر في شكل السلطة ودورها ووظائفها، حتى لا تعيد إنتاج الانقسام بصورة أشد ضررا. من جانبه، قال حباشنة إن الانتفاضة الأولى أعادت الاهتمام للقضية الفلسطينية وأدرجتها على سلم أولويات القمم العربية، خلافا للسنوات الأربع التي سبقت الانتفاضة، إلا أنه خلال الفترة الأخيرة تراجع الاهتمام بها بسبب انشغالات المنطقة بما يجري فيها من متغيرات وتحولات، سواء في سوريا واليمن والعراق وليبيا، أم في غيرها من البلدان العربية. وطالب بضرورة بذل جهد عربي رسمي وعبر مؤسسات المجتمع المدني من أجل إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية. ودعا إلى حوار مستمر بين النخب الفلسطينية والأردنية، كون الواقع الذي يعيشونه واحدًا والهم واحدًا والهاجس واحدًا، وبما يمكن من بلورة رؤى حول كيفية مواجهة المخاطر المشتركة، وفي مقدمتها خطر السياسات اليمينية المتطرفة للحكومة الإسرائيلية، مشيدا بمبادرة مركز مسارات لتنظيم هذه الجلسة الحوارية التي يفترض أن تكون فاتحة لحوار منظم بين النخب في البلدين، وبما يفعل دورهم وتأثيرهم على رفد صانعي القرار بالرؤى والسياسات التى تخدم تعزيز العمل الفلسطيني الأردنى المشترك. وطرح فكرة توسيع الحوار ليشمل النخب العربية لإصدار نداء عربي باسم نحو 200 شخصية، يتضمن رؤية بشأن كيفية التعامل مع تداعيات المتغيرات العربية والإقليمية لجهة تقليل الكوارث والأخطار، وخصوصًا التأثيرات السلبية للمتغيرات والتحولات في المنطقة على القضية الفلسطينية، ومخاطر انهيار الدولة والتقسيم في بعض البلدان، مضيفا "ليس من المناسب أن تبقى النخب في صفوف المتفرجين إزاء ما يجري في مصر وسوريا والعراق واليمن، وأيضًا فلسطين". وحذر حباشنة من تفشي مظاهر الاحتراب والاحتقان العدائي القائمة على المذهبية والطائفية، كون الأمة العربية أمة تتنوع بمذاهبها وأعراقها وجغرافيتها على مدى 1400 سنة، وبناء على ذلك يجب أن تكون العلاقة مع إيران قائمة على المصالح والجيرة، وعلينا إدارة الحوار مع الإيرانيين كعرب تربطنا مصالح وأهداف مشتركة. وتطرق إلى تداعيات التغيرات في التحالفات والمحاور العربية في الفترة الأخيرة على المنطقة بشكل عام. وتنوعت آراء المشاركين في الجلسة الحوارية بشأن القضايا التي يمكن أن يشملها حوار النخب العربية، وما إذا كان ينبغي أن يخلص إلى مواقف إزاء ما تشهده بعض البلدان من صراعات داخلية في ظل قراءات متباينة بين النخب العربية لما يحدث، وما إذا كان الحوار سوف يقتصر على التيارات الوطنية والديمقراطية والعلمانية، أم يتسع ليشمل التيارات ذات الأيديولوجيات الدينية التي تتباين مواقف مكوناتها إزاء شكل الدولة ومفاهيم الشراكة السياسية والديمقراطية والتعددية. وأكد معظم المشاركين على أهمية الحوار بين مختلف الأطياف الفكرية والسياسية القومية والديمقراطية والدينية التي تقبل بمبدأ الشراكة في الحياة السياسية، من أجل الوصول إلى تسويات تاريخية بين هذه الأطياف، منسجمة مع قيم الديمقراطية والتعددية وبعيدًا عن الإقصاء، وبالتالي سيشكل هذا الحوار مدخلًا لحل بقية القضايا الأخرى. وفي حين طالب البعض بتمتين الجبهة الداخلية من خلال إجراء انتخابات قائمة على التوافق لتكون مدخلًا للحل، بينما رأى البعض الآخر أن التوافق على أسس الشراكة السياسية الديمقراطية ينبغي أن يسبق الانتخابات كشرط للقبول بنتائجها، مشيرين إلى ما يتضمنه النموذج التونسي من إيجابيات. ونوه بعض الحضور إلى ضرورة أن يأخذ الشعب زمام المبادرة باتجاه التحول الديمقراطي والتصدي للمؤامرات والصفقات التي تحبكها إسرائيل وأميركا، وأن ظاهرة التطرف مثل "داعش" أفرزتها سياسات الأنظمة الاستبدادية القائمة على الإقصاء والفساد والتبعية، بينما اعتبر آخرون أن التيارات الوطنية والقومية والديمقراطية أخفقت في القيام بدورها التاريخي في قيادة التحولات الديمقراطية في البلدان العربية، مما أدى إلى تراجع دورها لصالح التيارات الإسلامية التي انتقلت من مواقع مهادنة النظم السياسية إلى مواقع محاولة فرض التغيير من وجهة نظرها، مستفيدة من مواقف دولية داعمة لوصولها إلى السلطة مع بدء الثوات والانتفاضات العربية في مصر وتونس العام 2011. واحتل موضوع الانقسام الفلسطيني وكيفية إعادة بناء الوحدة الوطنية حيزا مهما من النقاش، حيث طالب بعض الحضور بضرورة تشكيل ضغط شعبي من أجل إجبار طرفي الانقسام على إنهائه واستعادة الوحدة، والعمل على بلورة رؤية واضحة لكيفية التعامل مع ما يجري في البلدان العربية، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للبدان التي تشهد متغيرات وتحولات، مع الالتزام بالقيم والمبادئ القائمة على الحرية والاستقلال والعدالة وحريات الإنسان وحقوقه. |