|
المصالحة: ورابع المستحيلات
نشر بتاريخ: 18/05/2015 ( آخر تحديث: 18/05/2015 الساعة: 13:22 )
الكاتب: صادق الخضور
لأنها باتت أسطوانة مشروخة، ولأنها خضعت للمرة الألف لمحاولات بائسة لاستنهاضها، تعود المصالحة والحديث عنها لتصدّر عناوين الصحف ووكالات الأنباء، ولم تبق عاصمة عربية تعتب علينا، ولا شخصية سياسية مرموقة عربيا ودوليا إلا وأدلت بدلوها في هذا البئر الذي يبدو أنه بات حاويا لكل شيء إلا للمصالحة، فلماذا يتواصل الدوران في حلقة مفرغة؟
ربط المصالحة بحل قضية الموظفين في غزة، يعطّل المصالحة، ويصيبها في مقتل، فلماذا لا يتم تأجيل هذا الملف لثلاث سنوات ثم تكون هناك حلول عملية؟ المعابر وتسليمها، الضريبة وفرضها، الصلاحيات، وتمكين حكومة التوافق من العمل، قضايا لا تحتمل التأجيل لأنها تمس كل مكونات العمل في قطاع غزة، ولا يعقل أن يظل الحديث عن المصالحة ملهاة تطيل أمد المأساة الحقيقية وهي الانقسام. نسأل ونعرف الإجابة ضمنا: أما حان الوقت لنغادر هذا المربع؟ وألم يدرك دائمو الحديث عن المصالحة أنها باتت مستحيلة فعليا؟ قد ينظر البعض للموضوع من زاوية معينة، لكن والحق يقال إن النظرة هي خلاصة تجارب مريرة لمحاولة بعث الحياة في قضية موات، فالأنفس اليباب باتت عاجزة حتى عن وجود فرصة لدفع عجلة المصالحة للأمام. لقد بذل الرئيس عباس محاولات كثيرة للمصالحة ذهبت أدراج الرياح، ومواقفه منحازة دوما لصالح تحقيق المصالحة، وهو ما يجعل هناك ضرورة لتسمية الأمور بمسمياتها حيال كل ما يرتبط بالمصالحة عفوا بتعطيلها، إذ إن الموضوع ليس المصالحة بل استحالتها، ورغم ذلك، ومن باب الأمل نواصل الحديث عن الموضوع باعتباره مصالحة. هل يوجد فلسطيني لا يريد المصالحة؟ الإجابة يفترض أن تكون لا، لكن للأسف الواقع يقول: نعم، يوجد، فقد رهنا هذا الملف بأجندة ورؤى خارجة عن سياقنا. لقد باتت المصالحة عبئا، وهي التي يفترض أن تكون أفقا، وصار الدوران في حلقة مفرغة، والمحاولات غير المجدية من التواصل القاسم المشترك بين جميع المحاولات المرتبطة بإنجاز المصالحة، وسط تسويف ومماطلة، وتهرّب فعلي من المصالحة. الحديث الآن يدور عن اشتراطات لتحقيق المصالحة، وسيكون مضافا إليها بعد سنة من الآن في حال تواصل الانقسام- وهو مرشح لذلك- قضايا بقاء المعابر على حالها، وتثبيت الضريبة الجديدة، وتذكروا هذا جيدا. لذا، فإن المطلوب هو الصدق مع الذات من الجميع: هل لا زال هناك أمل لتحقيق المصالحة؟ سؤال لا يملك إجابته إلا صنّاع القرار هنا وهناك، والمصارحة مطلوبة، أما أن تتواصل حالة تمييع القضية ومطمطة الموضوع أكثر من ذلك، فهذا سيعزز الانقسام الذي لم تعمّق في الفترة الأخيرة، وبلغ ذروته عندما تم منع حكومة التوافق من ممارسة حقها في العمل بأريحية في قطاع غزة. نطمح للمصالحة، ونتطلع إليها، لكن لا نريد لها أن تكون رابع المستحيلات، إذ إن موروثنا العربي رصد مستحيلات ثلاثة: الغول، والعنقاء، والخل الوفي. وباتت المصالحة الفلسطينية رابعها أو هي على وشك أن تكون، وهو ما سيجعل التاريخ يخلّد هذه الإشكالية في ذاكرته، فهل يرضيكم هذا؟؟؟؟؟؟؟؟ قد يبدو ذلك إنجازا إن جاز لنا أن نسميّه "إنجازا"!!!!!!! |