|
قصة المجرم رقم "1" في إسرائيل
نشر بتاريخ: 24/05/2015 ( آخر تحديث: 03/04/2020 الساعة: 05:09 )
بيت لحم- معا- بنظرة مخيفة وابتسامة خفية اعتاد المجرم رقم " 1" في إسرائيل "يتسحاق افرجيل" واجه المحيطين به من محامين وصحفيين أو زملاء السجن . في "اللد" ، قاتل أو مقتول: جالس خلال فترة اعتقاله في القسم رقم "6" مشدد الحراسة في سجن بئر السبع كبار قادة عالم الإجرام منهم "ميخا اسلان، غابي بن هرش، هرتسل افيتون ، وشمعيا انجل " هؤلاء الذين كانون ينادونه السجناء بلقب " بروفسورات" وتعرف خلال فترة اعتقاله أيضا على زوجته الحالية التي قدمت إلى السجن لإجراء دراسة بحثية ضمن دراستها الجامعية لتقع في حب وعش المجرم الكبير . ولم يقف سحر شخصية هذا المجرم على الأشخاص المحيطين به بل وصل إلى داخل "المؤسسة الرسمية " حيث نجح "افرجيل" بإقامة علاقات مع الوزير السابق " يوسي ساريد " ونال احترام ومحبة مدير السجن في ذلك الوقت "شلومو تفايزر" وأثار ضجة إعلامية كبيرة في مسعى منه للحصول على إفراج مبكر بحجة انه من التائبين الذين استفادوا من السجن وأعادوا تأهيل أنفسهم . واجرى عام 1996 مقابلة صحفية نادرة من داخل أسوار السجن مع الصحفية المشهورة " اليانا ديان " قال فيها " تربينا في اللد على مفهوم إن هذه المنطقة لا ترحم فإما تكون فيها قاتلا أو مقتولا وهناك يسود ما يشبه التقليد أو الروتين ما يمنعك من الإدراك بأنك مجرم بل تنظر إلى نفسك كانسان عادي، فهل هناك خيار أمام المتوحش سوى أكل اللحم الأحمر؟. ونجح " افرجيل" عبر إطلالاته الإعلامية واشهرها ظهوره في برنامج " الدائرة" الذي يقدمه الصحفي "دان شيلون " في الحصول على تعاطف الجمهور إضافة لحصوله على "شعبية " واسعة ليطلق سراحه بعد 11 عاما فقط وكان ذلك في عام 1997 . وعمل في البداية لصالح "زئيف روزنشتاين " لكنه ادرك وبسرعة كبيرة بانه قادر على العمل بشكل مستقل فدشن "كازينو " يشبه كازينو " روزنشتاين" ما تسبب بصدام وصراع مرير بينهما استمر لسنوات طوال مع استهلال الصراع الدموي وقف "افرجيل " والمجرم المعروف " الفرون " في ناحية فيما اصطف المجرمان " روزنشتاين و ابوتوبل" في الناحية المقابلة. وتشير المعلومات الاستخبارية الإسرائيلية الى محاولة "بليكس ابوتوبول" تصفية "افرجيل" لكنه فشل ليلقى في ابريل 2002 مصيره المحتوم رميا بالرصاص على مدخل " كازينو" يمتلكه في العاصمة التشيكية "براغ" وكان القاتل حسب اعتقاد الشرطة احد رجال "افرجيل" . ونجا "روزنشتاين" مع مرور الأيام من 5 محاولات لاغتياله وجميع المعتقلين على خلفية هذه المحاولات كانوا من "جنود افرجيل " لكن لغياب الأدلة أطلق سراحهم وطالت محاولات الاغتيال "اسي ابوتوبل" نجل المجرم المعروف "فليكس" من محاولة اغتيال أطلق خلالها "مجهول" صاروخ لاو" باتجاه منزله بمدينة نتنانيا . وشهد مطلع عام 2000 سلسلة تفجيرات لعبوات ناسفة هزت شوارع المدن الإسرائيلية وشهد هذا العام أيضا ولادة مصطلح "عملية مسلحة جنائية " وكانت اول عملية "جنائية مسلحة " وأكثرها شهرة محاولة اغتيال "روزنشتاين" وهنا بدا "افرجيل" يحظى بالاهتمام الإعلامي الواسع متحديا في سمعته هدف الشرطة "رقم واحد" في ذلك الوقت . وشكل يوم 11/ 11/ 2003 حيث كانت الانتفاضة الفلسطينية الثانية في أوجها نقطة تحول هامة في مجرى الحرب ضد الجريمة المنظمة حين دوى انفجار هائل شارع" يهودا هليفي" وسط تل أبيب اعتقد الشرطة في بداية الأمر بان الحديث يدور عن عملية فلسطينية لكن الصورة الكاملة اتضحت سريعا للشرطة حيث نجا " روزنشتاين" من انفجار عبوة ناسفة شديدة الانفجار وضعت قرب بناية تواجد فيها بهدف قتله وأسفر الانفجار عن مقتل 3 أشخاص وإصابة 19 اخرين وقررت الشرطة على خلفية هذا الانفجار إقامة الوحدة " لاهف 433" لمحاربة الجريمة المنظمة . وأدركت الشرطة فورا بان الأمر يتعلق بصراع بن " افرجيل" ورزنشتاين" الذي بات يتدخل في كثير من "الأعمال" في منطقة " غوش دان" وهي تل أبيب ومحيطها وعلى وجه الخصوص محاولته السيطرة على "أعمال" جمع وإعادة تدوير زجاجات المشروبات الفارغة وهي تجارة بمئات الملايين تتصارع عليها عائلات الإجرام في إسرائيل للسيطرة عليها . والتقطت الشرطة خلال تسجيلها مكالمات "افرجيل" الذي كان وقت الانفجار خارج "البلاد " الهاتفية عبارة واحدة تشير إلى تورطه في الانفجار قال فيها المتصل بالمجرم رقم "1" محاولا فيما يبدو تحذيره " لا تخرج من البيت المنطقة ساخنة ". وفشلت الشرطة في محاولاتها المتكررة الهادفة إلى محاكمة وادانه " افرجيل" بالمسؤولية عن الانفجار سابق الذكر لان " افرجيل " بكل بساطة لا يتحدث عبر الهاتف سوى في حالات محددة وقليلة وكان يتحدث مع " رفاقه" في المناطق المفتوحة فقط خشية التصنت عليهم كما كان دائما يقطع حديث الأشخاص الذين يشرعون بالثرثرة الزائدة . واعتقلت الشرطة في إطار سعيها لاعتقال منفذي الانفجار عدد من المجرمين بينهم أصدقاء " افرجيل" القدامى مثل " هرتسل تسيون ، غولان افيتون " ومع ذلك لم تجن الشرطة شيئا وبقي الملف مقيد ضد مجهول حتى يومنا هذا . الانهيار: وتوصف الفترة الواقعة بين 2002-2000 بالذهبية بالسنة للمجرم رقم "واحد" حيث نجح بتجنيد المقامر المعروف "عوفر مكسيموف" وضمه لعضوية العصابة كما نجح بجني مبالغ مالية هائلة وزعها على رجاله ليشتري ويضمن ولائهم وثقتهم وحتى خصومه في تلك الفترة " يوسي و شايموسلي " تمتعوا هم الآخرين بالأرباح التي وصل جزء منهم اليهما عبر " مكسيموف" الذي سدد ديونه لهم . وتعتقد الشرطة ان مبلغ 250 مليون شيكل تم سرقتها من خلال " النصب والاحتيال" في تلك الفترة من بنك " التجارة " حيث ساعد هذا المبلغ في حينه على بناء منظمات الإجرام من الشمال حتى أقصى الجنوب تلك المنظمات التي عملت تحت وصاية وحكم وسحر " افرجيل". وقبل أن يتم افتضاح امر سرقة البنك تم إبعاد " غادر بموافقة وتوصية العصابة ورغبته وبموافقة ضمنية من الشرطة " " افرجيل " عام 2002 إلى الخارج "خارج إسرائيل" واستغل هذا الإبعاد لإقامة شبكة تهريب " اكستازي" حول العالم وانضم إليه في هذا العمل صديقه القديم من قسم "6" في بئر السبع وابن مدينة " اللد" أيضا المجرم المعروف لدى الشرطة الإسرائيلية " غبي بن هروش" الذي كان معروفا في سوق " الاكستازي " الإسرائيلية لكنه لا يملك أي شيء أو أية سيطرة في أسواق أمريكا والعالم الخاصة بهذا المخدر . وحتى يتمكن " افرجيل" من تعزيز وتثبيت درب " المخدرات" الخاصة بعصابته الممتد من الولايات المتحدة " دولة المصدر" عبر دول أمريكا الجنوبية وصولا إلى هولندا ومنها إلى إسرائيل كان يتوجب عليه توحيد عدة عصابات ومنظمات إجرام وتحويلها إلى منظمة واحدة كبيرة ونجح " افرجيل" بمساعدة الأموال التي سرقوها بالنصب والاحتيال من " تشحيم" عجلات منظمة تهريب المخدرات العالمية التي أقامها بالتعاون مع مجرمين إسرائيليين آخرين ليسيطرة على مسارات تهريب المخدرات حول العالم. واعترضت أجهزة الأمن الأمريكية وتحديدا إدارة مكافحة المخدرات " DEA " مكالمة هاتفية بين " مئير افرجيل " وهو شقيق المجرم رقم واحد و المجرم " بن هروش " اشتكى فيها الأخير من مشاكل تتعلق بجباية الأموال من رجال الأعمال ومنهم رجل الأعمال " موتي عطية" وقال " افرجيل الشقيق" ردا على هذه الشكوى " لا يوجد لديه عصير ليمون في البيت هذا هو الوضع " هو إشارة إلى ضرورة ردعه . وسجل الأمن الأمريكي نص المكالمة المذكورة على هذا النحو : بن هروش: يجب علينا الاهتمام بالديون مئير افرجيل: ربما يمكننا تقسيطها على دفعات شهرية ، سأذهب وأحدثه سأذهب غدا لأصيده وسأصيده لأجلك غدا صباحا . بن هروش: " ابقي المبتسم في البيت " يقصد بالمبتسم زعيم العصابة "يتساحق افرجيل". وتم تقديم لائحة اتهام ضد "بن هروش" بمدينة لوس انجلوس اظهرت العديد من عمليات الابتزاز التي وصلت قيمتها ملايين الدولارات . وجاء في لائحة الاتهام بن "افرجيل" و "وبن هروش" يدفعون لجهات معينة 1:3 مليون دولار لتبييضها ويجبرون من يتلقى هذا المبلغ على إعادته لهم 2 مليون ما راكم مبالغ طائلة في جيوب "افرجيل" مصدرها الابتزاز وإجبار رجال الأعمال على تبييض أمواله والتربح من هذه العملية بدلا من أن يدفع لهم . وتدرك الشرطة الإسرائيلية بان الأموال التي ينقلها ويحولها "بن هروش" تساعد "افرجيل" على تثيب مكانته ليس فقط في عالم الجريمة الإسرائيلي بل على مستوى العالم تلك الأموال التي حولته إلى المهرب الحصري الوحيد لمادة "الاكستازي" إلى الولايات المتحدة الأمريكية لدرجة ان صحيفة "الغارديان " البريطانية وصفت منظمة "افرجيل" قبل خمس سنوات كواحدة من اكبر خمس منظمات إجرامية على مستوى العالم إلى جانب عصابات مكسيكية وكولومبية. ومرت الأيام والسنين دون أن تنجح الشرطة الإسرائيلية في وضع يهدها على " افرجيل" لكن الأمريكان هم من نجحوا عام 2008 في تقديم لائحة اتهام ضده يتهمونه فيها بتهريب المخدرات ومحاولة قتل فقامت إسرائيل بتسليمه للولايات المتحدة حيث حكم بالسجن الفعلي لمدة 10 سنوات بتهمة التورط بمقتل تاجر مخدرات وعاد "افرجيل " في يناير 2014 ليقضي بقية فترة اعتقاله في السجون الإسرائيلية بدلا من سجن " لمفيك" المريح نسبيا حيث حمل هنا اسم لسجين رقم "66226" . وتعلل الشرطة الإسرائيلية موافقته على العودة لقضاء بقية محكومتيه في السجون الإسرائيلية بحاجته إلى إعادة ترتيب أمور عصابته ومعالجة الفوضى التي تركها خلفه بعد تسليمه للولايات المتحدة . وجرة نقله فورا الى زنزانة انفرادية في سجن "الجنوب" وحينها ورغم ضعفه واستعانته بجهاز خاص لتحسين مستوى السمع لديه قال عضوي العصابة " يتسحاق وايلن "بن شطريت" لمحققي الشرطة " حين يصدر الأمر يجب تنفيذه دون اية محاولات للتذاكي ". وتضمن حالة الفوضى التي أعادت "افرجيل" سلسلة من عمليات الاغتيال ومحاولات الاغتيال المثلث المتشكل من المناطق "رئيشون ليتسيون ، بات يام ، حولون " تلك العمليات التي أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 17 من رجال العصابات وجرت هذه العمليات بقيادة الرجل الذي يثق فيه افرجيل "كثيرا ويعتبر موضع ثقته "يعقوب عكا " من القدس و " وتي حسين" من ريشون ليتسيون " فيما انفصل الإخوة "موصل" عن عصابة " افرجيل" وأقاموا عصابتهم الخاصة التي دخلت في صراعات عنيفة في منطقة المثلث. وتسبب انفصال "افرجيل " بسبب الاعتقال في تسلق عدد من العصابات التي جرى اعتقال عدد من قادتها خلال الأيام الأخيرة ضمن ما بات يعرف إعلاميا في إسرائيل بقضية " 512 " التي أسفرت عن اعتقال العشرات من قادة عالم الإجرام المنظم في إسرائيل وعلى رأسهم " يتسحاق افرجيل" الذي لم يعود عالم الإجرام الإسرائيلي بعد اعتقاله كما كان قبل هذه القضية التي يبدو ان الشرطة متأكدة تمام هذه المرة من قدرتها على إدانته ورجال عصابته بعشرات الجرائم بينها القتل والتخطيط للقتل وأعمال الابتزاز وتهريب المخدرات وغيرها ما يعني وفقا لمصادر إسرائيل نهاية عالم المجرم رقم " واحد " ليثبت التاريخ مرة أخرى عدم وجود جريمة كاملة . متابعة : فؤاد اللحام |