|
وقفة تأمّل... بين السياسة والمؤسساتية والفردية!!؟
نشر بتاريخ: 07/06/2015 ( آخر تحديث: 07/06/2015 الساعة: 10:27 )
الكاتب: د. سهير قاسم
سنوات مضت على دولتنا الفتية كانت كافية لتوفيرسياسات بناءة تسهم في التطور الإيجابي، العديد من القضايا التي لم تعد تحتمل أكثر وباتت وتحتاج إلى نقاشات موسعة وجادّة،وإلافإننا ننقاد نحو المجهول، لا قدر الله،ونضيف على ذلك من باب التوضيح مصطلحًا ساد وما زال يسود الوسط المهني وهو"تمشية الحال"الذي يستفز العقول ويستخف بها،أما آن له أن يغيب! لنتخيل أن كلامنا بات يعمل تحت هذا الشعار والذي يعني إطلاق العنان لمصالح الذات لا غير ويندرج أي فعل تحت ذلك العنوان "التصالح مع ثلة قليلة من أجل تسليك الحال بأهداف خاصة ضمن فترات زمنية محدودة قد تنتهي بانتهاء الخدمة أو الانتقال إلى موقع آخر".
عبر هذه السطور أودّ طرح مشكلة مهنية واقعية تمسّ الجميع ويصاحب هذا الطرح مقترحايحتمل الصحة والخطأ، لكنه سهل المنال ان أصغت إليه الآذان خاصة أن القضية المطروحة لا ترتبط بمؤثرات أخرى أو باتفاقيات دولية أو احتلال أو أية ضغوطات خارجية كانت أو داخلية، المسألة أبسط من ذلك ومهما كانت الظروف صعبة تحت الاحتلال،هناك أمور يجب أن تُنجز بزوال الاحتلال أو بوجوده،باعتبار أن رسم السياسات وتصميمها قضية غيرقابلة للتأجيل أو المساومة، وهي أمر في غاية الأهمية، وكثير هم من يتحدثون عن أهميتها،ولكن...؟؟! وحتى نبتعد عن العمومية من الضروري أن نطرح على أنفسنا أولا مجموعة من الأسئلة الضرورية، هل يوجد في مؤسساتنا سياسات واضحة مرسومة أم هناك سياسات رهينة بتغير المسؤول والوزير تأتي وتتلاشى بحضوره وقد تذهب بذهابه؟!إن كنا عند الشق الأول من السؤال فذلك إيجابي وحينها نوفر عناء الحديث، ولكن ماذا إن كنا عند الشق الثاني،فهل نحن في مراحل الخطر التي ما زالت تقودنا بعد سنوات عديدة مضت، وقد تراكمت الخبرات ولم تعد صالحة أصلا؟!الحقيقة مريرة، وما زلنا منذ سنوات عديدة في دائرة ضيقة نتمحور حول ذاتنا، فإلى أين نتجه! ويأتي السؤال الأكثر عمقًا: لماذا لم نبدأ حتى هذه المرحلة في وضع سياسات لمؤسساتنا في جميع مجالاتها، أليس من الأجدر أن تثبت السياسة في المؤسسة وتتنوع الإجراءات والآليات،حتى نبتعد عن أمزجة شخوص تروح وتغدو بين فترة وأخرى. لماذا تبقى العقول أسيرة لسياسة مسؤول أو غيره قد امتلك حرية تامة في نسف سياسات لمجرد النسف أو وضع سياسات من أجل أن يكتب اسمه في سجل التطوير؟! ولا أحب التدليل على صحة المعلومة بدول أو حكومات، لا أكنها الاحترام، ولكن لماذا تبقى السياسة واحدة في دول متقدمة وفقط الذي يتغير المسؤول الذي يحمل صفة الجديد، لكن دوره أن يستكمل النافع مما صنعه السابقون قبله، لا أن يهدم كل شيء لمجرد الهدم، وذلك لا يعني عدم امتلاكه الصلاحيات، لكنها مخططة غير عشوائية، كيف لا وهي سياسات ترتبط بمجتمع وتتعلق بمصالح أجيال المستقبل. من الضروري الاتفاق على سياسة المؤسسة حتى لا تصبح رهينة لمزاج مسؤول هو في المحصلة يمثل فردا وعقلا واحدا لا مجموعة عقول تتشاور وتتباحث في أمورها، قد يكون ضحية لجماعة متطرفة يمينا أو يسارًا، وحينها حق لنا أن نسأل مجموعة أخرى من الأسئلة: كيف لنا أن نضمن ما نفكر به ونخطط له ونتوافق له؟ما الضمان لاستمرار الإنجازات الفعالة في ظل تغييرات سريعة باتت تجهدنا وتبعدنا عن التفكير الحقيقي البناء،لا مجرد الوقوف والتفكير بما يريد المسؤول الجديد؟! لا أريد تحميل الموضوع أكثر مما يحتمل، لكن لنفترض جدلا أن حالة التشتت الحاصلة والارتباك قد سببتها التغييرات في الشخوص وكثرتها والاستمرار في البحث عن شخوص، فهل ستؤول بنا الأمور إلى وجود سياسات واضحة؟ أو سنستمر في التغيير لأجل التغيير؟ والسؤال الأصعب، هل العمل المؤسساتي ومأسسة المؤسسات يتطلب تغيير وزير أو مسؤول واستبداله بآخر؟ ويتبعه سؤال آخر كم من المرات سنبقى قيد التجريب والتبديل، فهل وصلنا إلى ما نصبو إليه!هل الجديد بمفرده قادر على التغيير؟ هل سيحبس مصالحه الخاصة ويسمح للمصلحة العامة أن تنطلق؟ علينا التفكير في التأسيس والعمل المؤسساتي بجدية دون طرقها كشعارات هنا أو هناك.لا عائق أمامنا للتفكير في تشكيل لجنة مصغرة تتحمل مسؤولياتها العالية لما في مصلحة الأجيال، تعمل في الخفاء وتبقى ثابتة،حتى لا تتداخل الأفكار والمصالح الخاصة بالعامة، وحتى لا نقف عند أفكار قد تضيع بين الفينة والأخرى. حتى لو كانت البداية الآن،المهم رسم الطريق ويكون المتغير هو الوزير أو المسؤول،بذلك نحافظ على سياسات المؤسسة، وعندها لا تترك الأمور لعبث أفراد أو مصالح خاصة أو غيرها، فالأصل أن السياسة باقية ويتم العمل فيها باستمرار خاصة إن كانت إيجابية، ولا تكون عرضة لتغييرات آنية، فبغض النظر جاء المسؤول أو ذهب تبقى السياسات المدروسة المخططة الناجحة الأصل والمسؤول هو الفرع الذي تنبثق أفكاره من السياسات لا العكس. ذلك الطرح لا يعني أبدًا التقليل من قيمة المسؤول الذي تقع على عاتقه مهمات كبيرة، حيث إن هناك العديد من الآليات والإجراءات التي لا بدّ أن يضطلع بها. ولكن المقصود أن ينطلق في عمله من ثوابت وسياسات راسخة لا تتحرك بقدومه أو بذهاب آخر. وبذلك يتحقق الانسجام، وتصبح لدينا ضمانات بعدم العبث بسياسات مؤسساتنا ومراكزنا التي جُبلت بدماء الشهداء، ثم لا تختلط الأوراق كما تختلط الآن.وحتى لا نضيع في كل مرحلة ونحن نفتش عن الكفء، ولا نقف حائرين وربما نقول: هل غاب عن هذا الوطن الأكفاء؟ إن الفرد الذي يعمل بفردية مطلقة مشكلة، نحن في أمس الحاجة إلى التعاون المثمر البناء، لا نريد أن نصل مرحلة شخصنة الأمور ومهاجمة الفكرة لمجرد صدورها من شخوص بعينهم وقد تصل الأمور إلى السؤال عن الشخص قبل الاهتمام بالفكرة، فتلك مصيبة تقودنا إلى الظلمات، وحينها كل منا يمسح ما يبنيه الآخرون،ونقف عند مجرد التفاخر بأننا أصحاب الفكرة الجديدة بغض النظر عن جدواها؟! |