|
قصتان قصيرتان
نشر بتاريخ: 10/06/2015 ( آخر تحديث: 10/06/2015 الساعة: 11:45 )
الكاتب: عطا الله شاهين
ردٌّ ساذجٌ للغاية
تفَاجأَتْ ذات مساءٍ صديقته الأجنبيّة حينما تجوّلتْ مع صديقٍ لها في مدينة تصنّفُ على أنها منطقةِ( أ) وشاهدتْ دوريّةً لقوات الاحتلال عندما كانتْ تسير ببطءٍ في شارعٍ رئيسي ، فسألته هل أنتَ متأكّدٌ بأنّنا في منطقة ذات سيادة ؟ فردَّ عليها مطأطأ رأسه بالـتأكيد ، فقالتْ : إذن ماذا تفعلُ هذه الدورية هنا وفي منطقةٍ ذات سيادة لكم ؟ فقالَ لها خلّيها على الله .. فسألته شو يعني لا أفهمُ .. فقال لها من أين لنا سيادة ما دام الاحتلال موجود ، نحنُ يا صديقتي فقط نحب الاستنكار والادانة حينما تقتحمنا قوات الاحتلال فلا تندهشي .. فابتسمتْ الصديقة ابتسامةً عادية فيها شيء من الحزن وقالتْ له بصوتٍ حزين ردُّكَ ساذجٌ للغاية وفيه حماقة مشوبة بالحزن يا عزيزي .. فسكتَ وتنهّدَ وقالَ لها لا تسأليني إذا ما شاهدت هنا أي شيء لا يروق لكِ فأنا حزينٌ على حالنا.. رجلٌ عجوز يطربُ على تذمّرِ زوجته رجُلٌ يناهزُ المائة عام مِنْ عُمره يُدخّنُ كل يوم بشراهةٍ ٍفتقوم زوجتها كعادته بالتذمر منه كلما رأته يدخن وتقترب منه وتقولُ له السّجائر ستقتلكَ يوما ما ، كفى تدخيناً ، فيبتسم ويجيبها أنا أُدخّنُ مُنذ أكثر مِنْ سبعين عاماً فلو كانَ الدُّخّان أضرني لكنتُ قدْ مُتُّ منذ زمنٍ يا عزيزتي المتذمرة . وها أنتِ تعيشين معي منذ خمسين عاما وأنا أسمع ذات الكلام منكِ بتذمركِ النكد .. فتقتربُ منه الزّوجة وتردُّ عليه أنتَ لمْ تعدْ كما في السّابق فصحتكَ في تدهورٍ فأنا لاحظتُ في آخر فترة أنكَ ضعيفٌ في كل شيء وتبتسم ... وتسكتْ لثوانٍ معدودات ، فينظرُ الرجل الهرم صوبها ويبتسمُ بابتسامة عريضة ويعرفُ ماذا تقصدُ ، لكنّه يتجاهلُها على الفور ويقومُ بلفِّ سيجارةٍ .. فتدنو الزّوجة منه وتقوم بتأنيبه بصوت مرتفع بعض الشيء .. فيردُّ عليها ردّكِ بالنسبة للتدخين ما زال أحمقا ولنْ أقتنع في كلامكِ ما دمتُ حيّا ، أما بالنسبة لصحتي فعليكِ أن تهتمّي بي أكثر وأعذريني للمرة المليون لأنّني لا أستطيع العيش بدون سجائر .. فأنا تعودتُ على تذمُّرك الرّائع .. فالسّجائر يا عزيزتي تنسيني هُموم الدُّنيا ونكدِها .. |