|
خانيونس تعيد إحياء ذكرى الجندي المصري فرغلي
نشر بتاريخ: 13/06/2015 ( آخر تحديث: 14/06/2015 الساعة: 11:36 )
غزة- معا- ثمانية وأربعون عاما مرت على نكسة سبعة وستين التي حملت معها حسرة في قلوب الفلسطينيين والعرب، وما بين قصص الهزيمة والحسرة التي خيمت على الأمة العربية آنذاك كان هناك عشرات قصص البطولة للفدائيين والجنود العرب الذين قاوموا الاحتلال والعدوان، كقصة الضباط المصري محمد فرغلي الذي استشهد أثناء تصديه للقوات البرية الإسرائيلية التي اجتاحت مدينة خان يونس التي ظلت تقاتل حتى بعد سقوط سيناء.
بداية القصة يقول وليد العقاد صاحب (متحف العقاد للآثار ) ان قصة الضابط محمد فتحي فرغلي "بدأت في الخامس من حزيران من عام سبعة وستين، حيث كان هذا الضابط برفقة مجموعة فلسطينية مقاتلة في منطقة الكتيبة وسط خان يونس، والتي اطلق عليها هذا الاسم لوجود مقر "كتيبة" حربية للجيش المصري والفلسطيني في ذلك الوقت. ويضيف في هذا اليوم كنت ابلغ من العمر سبعة عشر عاما، اشتد القصف الإسرائيلي على خان يونس، وارتكبت إسرائيل مذابح ومجازر في شوارعها، خرجنا من المنزل للبحث عن مكان آمن، بعيد عن القصف الذي كان يطال مقر الكتيبة المصرية القريبة من "بيتنا"، فذهبنا للبساتين والأشجار للاختباء والاحتماء من القصف حيث كانت توجد بعض الوديان لمجرى المياه وبعض أنابيب المياه الضخمة التي كانت تستخدم كملاجئ تحت الأرض. إحنا كويسين ما تخافش ويستطرد العقاد قائلا: وهو يرجع بذاكرته إلى الوراء، عند وصلنا للمكان وكان القصف شديد ومركز على مدينة خانيونس، ظهر الضابط المصري وبرفقته عدد من الفدائيين الفلسطينيين بشكل مفاجئ من بين الأشجار ، حيث كانوا يتربصون القوات الإسرائيلية الغازية، وقام والدي بالصراخ عليهم بان يأتوا للاحتماء من القصف، الذي كان يطال كل شيئ وينهمر بشكل مخيف على وسط المدينة وضواحيها، لكن الضابط المصري وبكل شجاعة قال لوالدي "معلش يا حج إحنا كويسين ما تخافش علينا المهم انت خليك مكانك وحافظ على نفسك وعلى اللي معاك" انتهى الحديث بين والدي والضابط المصري، وساد الصمت لأكثر من خمسة عشر دقيقة يقول العقاد قبل ان تندلع المواجهة. مواجهة عسكرية ويتابع العقاد بمرارة، لم نفهم مغزى الضابط الا بعد دقائق حينما وصل رتل عسكري من الدبابات الإسرائيلية، يتقدمه جيب عسكري (قيادة)، حينها هاجم الضابط المصري والفدائيين الفلسطينيين، الجيب العسكري وقتلوا من بداخلة (ضابط ومجندين) ونتيجة للاشتباك المسلح العنيف، أشعلت النار في الجيب، لم تكتف المجموعة بذلك فوصلوا للجيب وقاموا بأخذ مقتنيات عسكرية عبارة عن (خرائط ووثائق مهمة)، وعند مغادرتهم المكان كانت دبابة إسرائيلية بين الأشجار تراقبهم وتترصدهم وعند اكتشافهم، أطلقت قذيفة مدفعية أصابت الضابط بإصابات خطيرة استشهد على إثرها بعد وقت قصير فيما أصيب احد الفدائيين في ساقه. ويضيف قام ابي بحفر حفرة ودفن الشهيد محمد فرغلي فيها تحت شجر لوز كانت مزروعة في المكان. نقل الجثمان ويقول العقاد مرت السنين ثقيلة ومحملة بالهموم والأحزان وبعد اثنين وأربعين عام كاملة قررت بلدية خانيونس (جنوب قطاع غزة) شق طريق جديدة في وسط المدينة منطقة "المحطة" الطريق الجديد كان يتقاطع مع قبر الشهيد "فرغلي" وتوجهنا الى المكان لنقل جثمانه من المكان وحين فتح القبر حصلنا على المتعلقات الخاصة به والتي لا زالت الدماء موجود عليها، فتم اخذ بطاقة التعريف الخاصة به "الهوية العسكرية" وساعة يد خاصة به وتم تسلميها انئذاك لوفد الصليب الأحمر الذي جاء للبحث عن الجنود القتلى والمفقودين ، اما فيما يتعلق بالجثمان فتم نقلة إلى قبر يليق بتضحيات الضابط ( محمد فرغلي ) وبسالته في الدفاع عن خانيونس والأرض الفلسطينية ، حيث كان هيكلة العظمى واضحا لحظة نقلة للجثمان". ويشير العقاد الذي لا يزال يحتفظ بمقتنيات الضابط المصري بانه تم العثور على خوذته العسكرية، وحذائه (البسطار) العسكري، و(جعبتة ) و"القايش" وشرباته التي لا تزال أثار الدماء عليها حتى هذه اللحظة. وبين العقاد، أنه يسعى حاليا لزيارة مصر، والبحث في كل بيت وشارع في مدينة "المحلة الكبرى" مسقط رأس الشهيد (محمد فرغلي) لتسليمهم المقتنيات الخاصة به ، والحديث إليهم عن بطولته وتضحيته الكبيرة التي لا يمكن وصفها بكلمات او بعض السطور ، ما حدث في ذلك الوقت كانت معجزة عسكرية بين ثلاثة فدائيين ورتل عسكري مدجج بالدبابات والأسلحة الثقيلة يقول (العقاد). وحدة دم ومصير ويتابع وليد العقاد المختص بشؤون الآثار والتاريخ ، وصاحب متحف العقاد للاثار ان العلاقة بين الشعبين (المصري والفلسطيني) علاقة وطيدة مبنية على وحدة الدم والمصير فآلاف الجنود المصريين روا بدمائهم ارض (فلسطين) بدء من حرب ثمانية وأربعين وحتى حرب سبعة وستين ... فالعلاقة التاريخية التي تأسست منذ التاريخ وتضرب بجذورها اعماق التاريخ القديم والحديث، ولا يمكن لبعض الحوادث العابرة التي حدثت مؤخرا أن تؤثر او تنغص عليها ... فكل ما يجري الآن مجرد سحابة صيف عبارة في تاريخ هذه العلاقة التي تعمقت بالدماء والتضحية، فالمواقف المصرية تجاه الشعب الفلسطيني كبيرة ولا يمكن حصرها. |