وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

حركة فتح : بين الخبير الالماني ويعقوب زيادين

نشر بتاريخ: 15/06/2015 ( آخر تحديث: 15/06/2015 الساعة: 13:11 )
حركة فتح : بين الخبير الالماني ويعقوب زيادين
الكاتب: عوني المشني
للتوضيح ابدأ بحكاية ، وللتوضيح اكثر انتهي بحكاية اخرى ، وما بين الحكايتين اتركه ليكتبه القراء قبل عشرون عاما ، اكثر او اقل قليلا ، رتب المناضل القائد مروان البرغوثي بصفته امين سر اللجنة الحركية العليا لحركة فتح للمحافظات الشمالية ، حلقة تدريب حول الانتخابات ، كان المدرب خبير الماني تجاوز السبعين من عمره ، ومتخصص تدريبا وعلما واشرافا في الحملات الانتخابية وقد سبق ان ادار اكثر من ثلاثون حملة انتخابية في كافة انحاء العالم ، وقد حضر الحلقة هذه معظم اعضاء اللجنة الحركية العليا ومن ضمنهم مروان البرغوثي ، الحلقة استمرت ثلاث ايام ، في اليومين الاولين شرح الخبير نظريات ومفاهيم وشكل الحملات الانتخابية ، البرامج ، الاعداد ، الرسالة ، الرؤيا ، الاعلام ، وكل ما من شأنه ان يساهم في ادارة الحملات الانتخابية ، في اليوم الثالث وهذا هو المهم طلب الخبير ان ندرس وضع فتح في اي انتخابات قادمة وضع على السبورة نقاط الضعف والقوة لفتح لحماس لليسار ، واستمد كل معلوماته من اسئلة يوجهها لنا ونحن نجيب ، ومع انه اشترط ان نحيب بصدق كامل لتكون استنتاجاته صحيحة الا اننا وباتفاق بيننا جانبنا الحقيقة احيانا تجنبا من نشر او الحديث عن اخطاء ومفاسد وسوء ادارة خوفا من الفضائح .

وبنهاية يوم كامل من جمع المعلومات والتحليل واعادة الصياغة خلص الخبير لنتيجة كانت صادمة لنا وقتها : " اذا كان هذا وضعكم وبهذه الطريقة تتخذوا القرارات وتتعاطى معها مستويات الحركة المختلفة فانني وبكل اسف اقول لكم انكم ستخسرون الحكم والسلطة وكل شيئ ، اداءكم يشير انكم بالطريق الى النهاية " النتيجة كانت صادمة ولكننا لم نقبلها واعتبرنا انه خبير غير كفوء ، وان فتح شي مختلف لا تنطبق عليها نظرياته السخيفة ، وان نجاحنا واستمرار قيادتنا لشعبنا من المسلمات ، فتح ضرورة وطنية وتاريخ وشهداء واستقلالية قرار وتضحيات ، فتح ابو علي اياد وسعد صايل وابو جهاد ، فتح هذه عملاق غير قابل للخسارة ،  
مضت سنوات ، خسرنا انتخابات التشريعي ، وخسرنا بعدها البلدية ، وها نحن نكابر .

اما نهاية مقالتي فهي حكاية اخرى : في عام ١٩٩٢ واثناء سفري الى تونس كان على متن الطائرة معنا شيخ الشيوعيين الاردنيين يعقوب زيادين رحمه الله ، وفي معرض دردشاتنا عن الوضع والتطورات والحال العربي قال يعقوب زيادين :" حركة فتح جعلتنا نعيد قراءتنا لمفهوم العمل الحزبي في الوطن العربي ، نحن الشيوعيين احزاب بنظام حزبي حديدي ، التزام ، ايدلوجيا ، برامج عمل ، وحدة قيادة ، مع كل هذا انقسمنا وتشرذمنا عشرات المرات وفقدنا المقدرة على التاثير والنجاح ، الحركات الاسلامية نفس الشي وما بتختلف عنا ، بينما فتح تنظيم بدون ايدلوجيا ، بدون حتى برنامج واضح ، بدون نظام عمل دقيق ، كلهم مختلفين داخلها ، يعني تنظيم مهلهل ، ورغم ذلك حافظت على وحدتها وقوتها ، تجاوزت المنعطفات والمطبات ، دول كبيرة عجزت عن تفتيت فتح ، هذا يعني اننا مطالبون بدراسة كل التجربة التاريخية على ضوء تجربة فتح ، انها معجزة " انتهى كلام يعقوب زيادين هذا الرجل المخصرم الذي لا يشق له غبار في الخبرة الحزبية بين الحكاية الاولى والحكاية الثانية كلام كثير ، استنتاجات كثيرة ومهمة ، وتراجعات كثيرة ، بين الحكايتين اوسلو ، وانتفاضة واستشهاد ياسر عرفات ، بين الحكايتين خسرنا انتخابات ، ومؤتمر حركي سادس ، وفترة من الزمن اترك ما بين الحكايتين لكادرات الحركة ليكتبوه ، هم وهم وحدهم من يستطيع ان يقول لنا : فتح اين هي الان ؟!!! والى اين تسير ؟!!! هل يحكم سيرها كلام الخبير الالماني ام استنتاجات يعقوب زيادين ؟؟