وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

الحكومة والمسؤولية عن ارتفاع الاسعار الجنوني؟

نشر بتاريخ: 21/06/2015 ( آخر تحديث: 21/06/2015 الساعة: 15:02 )
الحكومة والمسؤولية عن ارتفاع الاسعار الجنوني؟
الكاتب: عقل أبو قرع
من يسير في شوارع مدينة رام اللة، وربما في شوارع غيرها من المدن الفلسطينية، في هذه الايام الاولى من شهر رمضان المبارك، يلحظ الغياب الرهيب للسلطات الرسمية، التي من المفترض ان تراقب وان تفتش وان تتأكد من ان التجار يلتزمون بالاسعار، وبالتحديد بأسعار استرشادية كثر الحديث عنها، ويلحظ كذلك ان الشغل الشاغل، والحديث المتواصل للناس هذه الايام هو عن الاسعار، وبالاخص عن الارتفاع الجنوني وغير المنطقي وغير المفهوم في اسعار اللحوم، الحمراء والبيضاء اي الدجاج، ولما لا وان الهم الاكبر للمستهلك وللصائم هذه الايام، هو توفير وجبة الافطار لة ولافراد عائلتة؟

وفي ظل هذه الفوضى والتخبط والتلاعب في الاسعار، يتواصل غياب وجود الجهات الرسمية ذات العلاقة، التي يتوق المواطن والمستهلك والصائم، بلهفة الى وجودها او الى تدخلها او الى الشعور بأن هناك جهات تشعر بما يشعر بة، وانها تقوم بتطبيق ما تتحدث عنة، وانة وكما هو الهدف الاساسي للحكومات في العالم، من المفترض ان تعمل على توفير احتياجاتة وعلى حمايتة من الاستغلال، وان تعمل على توفير حياة كريمة لة، في ظل هذه الظروف المعقدة والصعبة؟
وبدون شك ان الجهات الرسمية، وبالتحديد الوزارات ذات العلاقة، اي وزارة الاقتصاد والزراعة، هما المسؤول الاكبر عن جنون الاسعار هذه الايام، وبالاخص اسعار اللحوم والدواجن، فهل يعقل ان يباع الحد الدنى لسعر الكيلوغرام من العجل ب 60 شيكل، في ثالث ايام شهر رمضان المبارك، وان يباع كيلوغرام الخروف ب 80 شيكل، وحتى ان سعر كيلو الدجاج وصل الى 22 شيكل او اكثر للكيلو الواحد، ولا اعتقد ان هناك بلد في العالم يضاهينا في مثل هذه الاسعار، وفي التقلبات والارتفاعات في الاسعار، التي لا يوجد عليها رقيب او حسيب، ومن الواضح وفي ظل حسابات بسيطة للتكلفة، ان هناك فوضى وجنون وتلاعب واستهتار في رفع الاسعار، ومع التسليم بالجشع والابتزاز غير المسؤول الذي يمارسة التجار، وبالاخص التجار الكبار، على لقمة افواة الصائمين، الا ان الامور بالفوضى الحالية، توحي بالغياب الحقيقي لاية جهات رسمية، والتي في المحصلة وفي مثل هكذا اوضاع، هي المسؤول المباشر عن ما يتم في البلد، وبالتالي عن الوضع الجنوني لفوضى الاسعار؟

والارتفاع الجنوني في اسعار اللحوم والدواجن، ربما ينطبق على سلع اخرى من الخضار ومن الفواكة وما ينتج عنهما او يتبعهما، وهذه السلع، هي من السلع الاساسية، التي لا يمكن للمستهلك الفلسطيني الابتعاد عنها، لانة يحتاجها، والدعوة الى المقاطعة هذه الايام، اي مقاطعة المستهلك لشراء اللحوم مثلا، يمكن ان تجدي، ولكن وفي ظل وجود اناس قادرين ويشترون، او غير مبالين بأرتفاع الاسعار، وفي ظل الحاجة الماسة للمستهلك لان يوفر وجبة، لة ولافراد عائلتة، وبالاخص في ايام شهر رمضان، وحتى من اللحوم البيضاء اي من الدجاج، فأن الحديث عن مقاطعة او عن المحاولة للتوجة الى المستهلك لكي يؤثر هذه الايام، اي في ايام رمضان، من المتوقع ان لا تحقق النتيجة المطلوبة، وحتى لو ان الدعوة بحد ذاتها هي منطقية واحدى الوسائل للتأثير على الاسعار؟
وفي الماضي، كانت ترتفع الاسعار، وكان يوجد هناك مبررات او تفسيرات جاهزة، مثل الاحوال الجوية او ارتفاع سعر العملات، او احداث سياسية، او الاقتصاد الحر والعرض والطلب، وبالطبع كانت وما زالت ترتفع الاسعار، رغم وجود لوائح بالاسعار الاسترشادية صادرة عن وزارة الاقتصاد، ورغم وجود رقابة وتفتيش ومتابعة من الجهات ذات العلاقة، ورغم وجود قوانين وتحذيرات، ولكن ارتفعت وما زالت ترتفع الاسعار، والذي يدفع الثمن في النهاية، هو المستهلك، وافراد عائلتة، سواء اكان هذا الثمن من خلال انفاق المزيد من الاموال، او من خلال تقليل الاستهلاك لحاجات اساسية، او في احيان عديدة، من خلال الاقبال على منتجات اسعارها ارخص، ولكن بجودة متدنية، او ربما تكون فاسدة، او بالادق غير صالحة للاستهلاك؟

والجميع يعرف ان رفع الاسعار وبشكل مزاجي، او استغلالي في الايام الاولى من شهر رمضان، هو عمل مقزز وبدون اية مبررات، والجميع يعرف انة لا يوجد اي سبب منطقي لرفع الاسعار، وان هذة اللحوم مثلا ، سواء اكانت عجول او خرفان او دجاج،هي نفسها الكميات التي كانت تباع قبل فترة قصيرة، بأسعار اقل بكثير، وان هذه الكميات موجودة في المخازن او في الثلاجات عند التجار الكبار، ولكن ورغم التسليم بذلك، فلا تجد تاجر واحد على استعداد مثلا ان يبيع كيلو لحم العجل بأقل من 60 شيكل، او كيلو الدجاج بأقل من 20 شيكل، وهذا يعكس الثقافة المتردية من الجشع ومن الطمع ومن الاستغلال، التي وصل اليها هؤلاء التجار، وهذا يعكس كذلك الحاجة الماسة والفورية لتطبيق قوانين واضحة وعلانية ويراها الناس، مثل اغلاق محل او ملحمة، او حتى الاعلان عن اسماء من يتلاعب بالاسعار، او من يبادر برفعها، وبالاخص اذا كانوا من التجار الكبار، او حتى وضع اعلان على متجر او ملحمة، بأن هذا المحل لا يلتزم او لا يحترم الاسعار، ولكن في ظل الفوضى الحالية، لا يتوقع المواطن ذلك، وبالاخص في ظل الغياب التام لدور الحكومة وجهاتها الرسمية ذات العلاقة؟