وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

خطط الاحتلال

نشر بتاريخ: 23/06/2015 ( آخر تحديث: 23/06/2015 الساعة: 17:21 )
خطط الاحتلال
الكاتب: عثمان أبو غربية
يواصل الاحتلال خطة استنزاف الزمن في إطار متغيرات إقليمية ودولية ومتغيرات في واقع الأرض داخل فلسطين، وهو يستهدف تنفيذ رؤيا لم يتزحزح عنها طيلة أربعة عقود تقريباً، وهي خطة الحكم الذاتي المحدود في الضفة وغير المحدود مؤقتاً في القطاع.
ينطلق الاحتلال من بعض المسلمات لديه أنه لا سيادة غير سيادته بين النهر والبحر.
لم يكن الأمر جديداً، فقد برز ذلك منذ لقاءات بيغن السادات واتفاقهما. ولكن مخاتلة الاحتلال فيه بقيت بين مد وجذب في نطاق انضاج الميدان بكل أبعاده.
يجد الاحتلال اليوم الفرصة مناسبة في ظل التنازع العربي الاقليمي والتدمير الذي يقع، والانقسام الذي يتمدد في المنطقة، ويستشعر بنضج الظروف من خلال اتساع نطاق اتصالاته مع عدد كبير من الأنظمة العربية في السر أو العلن بل وبلوغ الأمر إلى حد مشاركته في تحالفات الاقليم ضد بعضه.
ولعله أيضاً يرى فرصاً لوضع دولي مساند يبدأ من الولايات المتحدة الأمريكية.
تقتضي خطة الاحتلال فصل الضفة عن القطاع فصلاً كاملاً، وربما قبول صيغة فيدرالية أو كونفدرالية بينهما يحكم فيه الأمر الواقع قطاع غزة بينما تتولى الجهات المسؤولة في الضفة مهمة تمثيل الشعب الفلسطيني، وهو ما يمكن ترجمته بوضوح حكم ذاتي في غزة يتم الوصول إليه من خلال اتفاقات مع سلطة القرار فيه التي تتولى الحكم والأمن ثم فتح المعابر والاتفاق على الميناء ومحطات الاتجاه في كل من قبرص وتركيا وبعض المشاريع الأخرى، ومنها مشروع قطري بالاتفاق مع شركات لديه لكل من الطاقة الشمسية والغاز ويكون أحد نتائجه تزويد القطاع بهما.
لقد قطع الاحتلال شوطاً في هذا المجال سواء من خلال الاتصال المباشر أو غير المباشر، وهو الآن معني بصيغة رباعية أو ثلاثية لكيفية التعاطي مع القطاع بمشاركة من بعض دول الطوق، وفي حالة موافقة السلطة الفلسطينية يكون لها صلة بالأمر كذلك.
وإذا تعذرت الصيغة يتم الذهاب إلى صيغة أحادية الجانب لو كانت بالاتفاق سراً وعلناً.
لم يعد الاحتلال يرى مخاطر من القطاع تستدعي اللجوء إلى عمل عسكري كبير أو حرب ضد غزة، ولم يعد ينتظر أي جسر لعلاقاته مع الكثير من الدول العربية، وقد خضع الشعب الفلسطيني لحصار وتضييق خناق يعتقد الاحتلال أنه قادر على التأثير على عزيمة وتصميم الشعب الفلسطيني من خلاله، وهو درس لم يتعلمه الاحتلال، فمنذ أكثر من مائة عام والزمان يشهد أن إرادة الشعب الفلسطيني للحرية والكرامة والسيادة لم تتزعزع.
كذلك يراهن الاحتلال على اصطدام الولايات المتحدة بحقيقة تعذر حل الدولتين الذي قو ض كل أركانه.
وفي نطاق هذه المعطيات تترسخ خطته بحل يقوم على حكم إداري محدود في الضفة ينطوي على التمييز العنصري ولا يعترف بصفة المواطنين الفلسطينية بأكثر من صيغة سكان لا تتوفر لهم فرص المواطنة وحقوقها، ولا فرص المساواة، حيث أن العامل الديموغرافي هو هاجس حساباته الأساسي.
وعلى أساس هذا الهاجس فإن مخططاته تقوم على الطرد السكاني بواسطة المناخات الطاردة والتمييز العنصري وعدم إعطاء صفة المواطنة.
من جانب الاحتلال انتهى حل الدولتين وهو يسعى لمزيد من الانضاج الدولي.
ومن جانب الشعب الفلسطيني يتم تركيز نقاط القوة بغض النظر عن مداها من أجل الحفاظ على الذات وعدم اراحة الاحتلال وحق السيادة وما يتبعه من حقوق أخرى.
يحتاج ذلك إلى وضوح استراتيجية وتركيز إرادة واستخدام نقاط القوة الممكنة والامكانيات المتاحة بحده الأقصى، وكذلك فإنه يحتاج إلى وحدة الشعب الفلسطيني وتماسكه تماسكاً كاملاً وقطع الطريق على الاحتلال وامتداداته للنفاذ من الثغرات.
لا بد من تفاهم وطني على المصير، لأن انعدام ذلك قد يؤثر في أي طرف بأن يعيش على وهم حصاد المرحلة بينما يستمر الاحتلال في تقليب الزمن والمراحل إلى أن يبتلع الجميع.
تظهر إجراءات الاحتلال على الأرض أنه على وشك الفروغ من تنفيذ بعض الخطوات وخاصة في القدس وفي الضفة الغربية، حيث يزداد الاستيطان والمستوطنون وعمليات الطرد والمصادرة والاستيلاء والمناخ الأمني الذي يمكن أن يطال كل مواطن فلسطيني ومن الواضح أن ذلك يتم يومياً وفي ساعة وفي كل مكان.
تتوقع خطط الاحتلال أن يستمر ما يجري في المنطقة لعشرات السنين وأن ذلك سيواصل إيجاد معادلات جديدة مناسبة له.
وما من شك أن للإحتلال وقوى الاستعمار يد في كل ما يجري في الاقليم، ولكن المشكلة أننا نتوقع من الاقليم أن يدرك وينهض ويحاول استدراك ما يمكن استدراكه.
في كل الظروف ومهما كانت المعادلات فإن الشعب الفلسطيني لن يكف عن هدف الحرية والكرامة والسيادة وعن توقعه لأن تدرك الأمة كل الأبعاد والمعطيات وأن يكون لها خطتها واستراتيجيتها المشتركة على قاعدة الحرية والانعتاق من طوق الهيمنة.
إذن تصور الاحتلال مجرد حكم ذاتي منفصل في غزة عنه في الضفة ومتقطع بالكنتونات في الضفة والتخلص من العبء الديموغرافي في غزة وإيجاد قوى طاردة له في الضفة، وكل ذلك على طريق مراحل عبر عقود من السنين أكثر التهاماً للأرض والإنسان وأكثر خطورة في الأمن وفي الاقتصاد على مجمل الاقليم.