نشر بتاريخ: 03/07/2015 ( آخر تحديث: 05/07/2015 الساعة: 14:33 )
بيت لحم- معا - نشرت الصحف والمواقع الالكتروني العربية في الفترة الأخيرة أخبار ومقالات وتحليلات كثيرة تحدث عن "تقارب" و "ارتفاع درجة سخونة" وشهر عسل" تشهده العلاقات الثنائية بين مصر السيسي وحركة حماس بعد فترة طويلة من التوتر والقطيعة نتجت عن العلاقة بين حركة الإخوان المسلمين المكروه مصريا وابنتها المسيطرة على غزة لكن المصالح عادت لتفرض نفسها وتعيد العلاقات الثنائية إلى مسار التحسن وذلك بعد اتضاح المصالح المشتركة التي تجلت بأوضح صورها يوم أمس الذي شهد عمليات دامية ارتكبتها "داعش" في سيناء حسب تعبير "روعي كايس" المحرر السياسي لموقع "يديعوت احرونوت" الالكتروني الذي نشر مقالته اليوم الخميس تحت عنوان " الحرب على داعش المصالح المشتركة بين مصر وحماس".
ونشر تنظيم "داعش" في محافظ حلب السورية يوم أمس رسالة "نادرة" من حيث مضمونها حملت عنوان "رسالة إلى رجالنا في القدس" لكن وجهت بالأساس إلى حركة حماس المتهمة بمطاردة نشطاء السلفية في غزة في الآونة الأخيرة الذين يتحدون سيطرة وحكم حماس في غزة عبر إطلاق الصواريخ باتجاه إسرائيل .
ويظهر التهديد الوارد في الرسالة بتصفية وتدمير حكم وحركة حماس فهم وإدراك "داعش" للإمكانيات والدوافع الكامنة في الوضع السائد في غزة.
وجاء الهجوم الإرهابي الذي أوقع يوم أمس العشرات من الجنود ورجال الأمن المصريين بين قتيل وجريح ليذكر حماس ومصر بان "ممثل داعش " في المنطقة حي وناشط وفاعل ويتطور بسرعة .
معبر رفح على سبيل المثال:
أوضح السيسي منذ اليوم الأول لتوليه الرئاسة المصرية بأنه لن يسمح بان تتحول مصر لقاعدة انطلاق لمهاجمة جيرانها وبكلمات أخر قصد "إسرائيل" لكن مصر تخوض حربا لا هوادة فيها ضد الإرهاب في سيناء وبعد أن اتضح لها بان جزءا من هذا الإرهاب "يتغذى " عبر علاقاته مع أطراف تقيم في قطاع غزة برزت الحاجة الملحة التي لا مفر منها والمتمثلة بضرورة إيجاد عنوان داخل غزة يمكن الحديث معه وهنا فان حماس هي العنوان الوحيد.
صحيح ان "درجة حب" المصريين للحركة "الغزية " ليست كبيرة وان المصريين لم ولن ينسوا " تورطها" في أعمال "إرهاب" وقعت في سيناء إضافة لاستقبالها جرحى "الجهاديين" لتلقي العلاج في مستشفيات غزة كما تحدثت جهات أمنية إسرائيلية الأسبوع الماضي عن مساعدة الذراع العسكري لحماس الجهاديين وذلك نتيجة الخلافات السائدة بين الذراع العسكري والمستوى السياسي في حماس حسب ادعاء المحرر الإسرائيلي.
لكن بالنسبة للرئيس السيسي إذا أدى الحوار مع القيادة السياسية لحماس إلى تقليص "تدخل" غزة فيما يجري في شبه جزيرة سيناء حتى بنسبة 20% فهذا يعني انجازا كبيرا وربحا صافيا.
وسادت هذه الروحية خلال الأسابيع الماضية الصحف والصحافة المصرية المؤيدة للنظام المصري حيث سجلت الفترة المذكورة تراجعا في مستويات النقد والتحريض على حماس وضدها ما يجعلنا نفترض أن الأمر يتعلق بسياسة موجهة من جهات عليا.
وفي هذا السياق يمكننا الحديث عن قضية معبر رفح الذي يشكل شريان اتصال غزة بالعالم الخارجي الذي بات يفتح خلال الفترة الماضية على فترات متقاربة أكثر .
المصريون على إطلاع ودراية بما تناقلته وسائل الإعلام حول اتصالات تجري بين إسرائيل وحماس عبر الوسيط القطري تتعلق بوقف نار طويل المدى وهم " المصريون" لا يريدون البقاء خارج الصورة وهم منتبهون تماما لمبادرة الملك السعودي الجديد سلمان الخاصة بإقامة تحالف سني واسع مضاد لإيران والمحور الشيعي يضم مصر وخصمها اللدود قطر وتركيا واحد المطالبة السعودية التي يمكن تخمينها في هذا السياق هو عدم السماح لحماس بالعودة مجددا للارتماء في الحضن الإيراني التي تحاول مد ذراعها في أرجاء المنطقة وهذا ما يفسر تقدم مصر مرة تلو الأخرى باتجاه "حماس" فيما يتعلق بقضية معبر رفح هذه السياسة التي تخدم في بعض الأحيان مصالحها الداخلية مثل إدخال مواد البناء إلى قطاع غزة وخلق فرص عمل بمدينة العريش وفي أحيان أخرى يراد منها مناكفة قطر واظهر مصر بمظهر الدولة الوحيدة التي تهب لمساعدة غزة .
قد تؤثر الأعمال الإرهابية التي شهدتها سيناء يوم أمس على وتيرة فتح معبر رفح لكن من الناحية الإستراتيجية فان قرارا بفتح المعبر يخدم المصلح المصرية.
البعد الإسرائيلي
ويمكن إضافة النشاط والحيوية المصرية المتعلقة بمحاولة إحياء العملية السياسية بين الفلسطينيين والإسرائيليين إلى سلة المصالح المصرية مع حماس حيث يعتقد المصريون بان مساعدة السيسي لقطاع غزة ستحول دون قيام حماس بخطوات من شأنها المساس بمحاولات استئناف المفاوضات بين حكومة نتنياهو والسلطة الفلسطينية الأمر الذي يظهر المصريون اهتماما ومصلحة كبيرة في تحقيقه ولهذا يمكن فهم التقارب الدبلوماسي العلني بين مصر وإسرائيل وتعيين سفير مصري جديد لدى تل أبيب والزيارة التي قام بها مدير عام الخارجية الإسرائيلية "دافيد غولد" إلى العاصمة المصرية ضمن حاجة مصر ونشاطها لإحياء العملية السياسية.
استلمت مصر في آذار الماضي رئاسة القمة العربية للعام الجري وقامت بخطوتين هامتين هما: إقامة القوة العربية المشتركة لمحاربة الإرهاب وحل لجنة المتابعة الخاصة بمبادرة السلام العربية التي ضمت في عضويتها قطر، السودان ، الجزائر ، ولبنان اللتان لا مصلحة حقيقة لما بتقدم العملية السلمية وأقامت بدلا عنها لجنة تضم في عضويتها مصر ، السعودية ، الأردن ، المغرب وهنا يدور الحديث عن أربعة دول لها مصلحة حقيقة بدفع عملية السلام مع إسرائيل قدما ، يريد المصريون استغلال الوقت حتى أيلول القادم لتحريك العملية السياسية قبل توجه محتمل للفلسطينيين إلى مجلس الأمن والأمم المتحدة وهي خطوات أحادية اثبت التاريخ بان المصريين لا يؤمنون بها ويعتبر الرئيس السيسي اقرب بكثير من الأفكار الدولية الخاصة بالمفاوضات منه إلى خطة محدودة بجدول زمني تنتهي بإعلان أحادي الجانب عن إقامة الدولة الفلسطينية كما هو حال المبادرة الفرنسية على سبيل المثال.