|
رأي في موقف الجبهة الشعبية اتجاه حكومة الوحدة الوطنية...
نشر بتاريخ: 03/07/2015 ( آخر تحديث: 03/07/2015 الساعة: 13:54 )
الكاتب: يونس العموري
لا شك ان ثمة صراع دائر بالمفاهيم وماهية المدركات الظرفية حول حقائق واقع الصراع الفلسطيني الإسرائيلي... وهذا الصراع لاشك انه يحتدم في تفسير الكثير من النصوص بالأدبيات السياسية الفلسطينية وعلى هذا الأساس اعتقد اننا بحاجة لإعادة صياغة المفهوم الوطني من جديد او بالأحرى لإعادة تجذيره من جديد ليتناسب وواقع المرحلة وحقائق مدركاتها الأنية حتى لا نضيح وسط زحمة التنظير الإيدلوجي والفكري ومنطلقات توجهات الكثير من الرؤى والأطروحات السياسية الهادفة الى برمجة الوعي الوطني والعربي للمرحلة بما يتسواق واجندة الكثير من القوى العاملة على كافة الساحات المحلية والإقليمية وبالتالي الدولية والتي ترى في هذه المنطقة بوابة من بوابات العبور نحو السيطرة على سدة الفعل السلطوي على المستوى العالمي والأممي...
واولى هذه المفاهيم التي اعتقد انه من الضروري اعادة صياغتها بما يتوافق والرؤية الإستراتجية للقضية الوطنية برمتها هي توصيف المرحلة الراهنة وماهيتها... ليُصار الى تحديد حقيقة البرنامج السياسي المتوافق عليه وانبثاق الأدوات الرافعة للفعل السياسي بكافة اشكاله سواء أكانت الدبلوماسية او الجماهيرية وصولا الى طبيعة فعل المقاومة ان كان لها دور او هامش في الفعل الفلسطيني هذه الأيام بشكلها العام.... اعتقد اننا بحاجة لمرحلة توصيف فعلي وعملي وعلمي لماهية مرحلتنا الوطنية وهل نحن بالفعل بمرحلة التحرر الوطني ام اننا نمارس الفعل السياسي الإحترافي وكأننا قد اضحينا دولة ذات سيادة تمارس فيها القوى والأحزاب السياسية الفعل السياسي الأحترافي وهذا ما لا يستقيم وحقيقة الواقع الفلسطيني... وعلى هذا الأساس فلابد اذن من تحديد وتجذير توصيف وقائعنا الفلسطينية حتى يُصار لنا ان نعي ادوات فعلنا وهوامش اختلافنا واتفاقتنا... ومن هنا ساسمح لنفسي بعبور النقاش الجاري الأن حول موقف الجبهة الشعبية من عدم المشاركة في حكومة الوحدة الوطنية العتيدة بعيدة المنال والتي اصبحت دربا من دروب الخيال الأمر الذي يعكس حقيقة وجوهر الأزمة الفلسطينية . اولا لابد من ان نتفق على ان الجبهة الشعبية اصبحت مكون اساسي من مكونات السلطة الفلسطينية ومن نظامها السياسي حيث اصبحت ممثلة بالمجلس التشريعي وبالتالي قد صارت مكون من مكونات النظام السياسي من خلال كتلتها بالمجلس النيابي (برلمان السلطة الفلسطينية) بصرف النظر عن مشاركتها في الحكومات المتعاقبة لهذه السلطة، وبصرف النظر عن مواقفها من قرارات الحكومة ومراسيم الرئاسة الفلسطينية واطروحاتها.. وحيث ان المجلس التشريعي (المعطل بفعل واقع الشرذمة والانقسام) بحد ذاته انما يعتبر احدى اهم مؤسسات السلطة الوطنية فبلا شك ان الجبهة الشعبية جزء من النظام السياسي القائم بالأراضي الفلسطينية المحتلة وبالتالي قد صارت شريكة بما يصدر عن هذا المجلس سواء اكانت في صفوف الموالاة او في صف المعارضة وبالنهاية فهكذا هي اصول اللعبة الديمقراطية مع ملاحظاتي العديدة والنقدية حول ما يسمى بالديمقراطية في ظل حراب الاحتلال وممارسته وعدم استواء الفعل الديمقراطي في ظل مرحلة التحرر الوطني وليس بالضرورة ان تكون الديمقراطية على الطريقة الإنتخابية هي الأمثل للجماهير الرابضة في ظل الأحتلال العسكري والإستيطاني والتفريغي .... وفي هذا السياق فإنني ما زلت اعتقد ان المجلس التشريعي للسلطة الفلسطينية قد جاء كناتج من نتاجات اوسلو وتلك الإتفاقات الموقعة مع الجانب الإسرائيلي بصرف النظر عما ألت اليه تلك الإتفاقات الا انها بقيت وستبقى الى حين شهادة ميلاد السلطة الفلسطينية وان حاول البعض ان يسوق الكثير من المبررات للتبرأ من شهادة ميلاد السلطة (اتفاقات اوسلو وتباعاتها .... ان الجبهة الشعبية قد قالت انها ترفض المشاركة في الحكومات المتعاقبة للسلطة وترفض ما يسمى بالاتفاقات الثنائية ما بين حماس وفتح التي لم ترى النور ولها الكثير من الملاحظات عليها كونها قد جاءت لتكرس واقع الإستقطاب الثنائي ما بين فتح وحماس وهي على حق بذلك وكان الأجدر ان تكون الاتفاقات والتوافقات ما بين كافة الأطراف الفلسطينية الشريكة بالوطن وعلى الأقل الشريكة بمكونات المجلس التشريعي للسلطة لطالما ان الحديث عن السلطة والأراضي الفلسطينية المحتلة مع العلم ان الهم الوطني الفلسطيني الذي تحاول التوافقات معالجتها تعدى مسألة السلطة وامتد الى م. ت . ف وهو الأمر الذي يستدعي مشاركة الكل الوطني في صياغة مفاهيمها الجديدة او فعل اصلاحها الجديد... هذا بالشكل اما بالمضمون فقد قالت الجبهة الشعبية... (....وكونها المعبر الصادق والمدافع الأمين عن المصالح الوطنية والديمقراطية الجذرية لجماهير الشعب الفلسطيني، ولكي تبقى ممسكة بشعارها "الحقيقة كل الحقيقة للجماهير"، اتخذت قرارها القاطع بالاعتذار عن المشاركة في حكومة المحاصصة السياسية والوظائفية)... معتبرة أن عدم مشاركتها يعود لاسباب سياسية تتمثل في كتب التكليف التي تدعو الى احترام الاتفاقيات الموقعة بين قيادة م.ت.ف واسرائيل, التي تضمنت الاعتراف الرسمي باسرائيل, ووقف المقاومة ويبقي على جذور الصراع الداخلي بين الرئاسة والحكومة, وحركتي فتح وحماس, وشكل هبوطاً عن برنامج القواسم الوطنية المشتركة، برنامج الحد الادنى المتمثل في وثيقة الوفاق الوطني التي أجمع ووقع عليها كل الوان الطيف الوطني الفلسطيني السياسي والاجتماعي, على حد تعبير الجبهة.... وهذا يستدعي منا التوقف قليلا امام هذا الخطاب ... حيث انه وبالعودة الى البدء نلحظ ان ثمة تناقض بالموقف على اعتبار اننا وكما اسلفنا ان شهادة ميلاد السلطة والذي يعتبر المجلس التشريعي من اهم مكوناتها قد جاء بموجب اتفاق اوسلو واخواته... ولا يمكن ان نخفي هذه الحقيقة حتى وان قيل ان النظام الأساسي الفلسطيني هو الركن القانوني الذي يستند اليه المجلس التشريعي وتكويناته وهذا برأيي مجافي للحقيقة... فما زال اتفاق اوسلو هو السند القانوني للسلطة وبالتالي للتشريعي التي عبرته الجبهة الشعبية مؤخرا ... بل ان الإنتخابات الأخيرة للتشريعي قد تم خوضها وفقا للتفاهمات ما بين م. ت. ف واسرائيل وخصوصا في القدس.... وفيما يخص احترام الإتفاقات فبتصوري ان من عبر الى دهاليز الفعل السلطوي من بوابة التشريعي وقد يكون العبور لاحقا الى الحكومات او الى التشكيلات الأمنية لسلطة اوسلو يحترم بشكل او بأخر الإتفاقات الموقعة وان كانت بالطرق غير المباشرة... لا شك ان من حق الجبهة الشعبية ان لا تشارك بأي حكومة لا تتفق معها بالبرنانج او الرؤية السياسية لكن ليس من حقها ان تتناقض وواقعها وظرفية فعلها السياسي بالسلطة ( المجلس التشريعي والأجهزة الأمنية ) ... اعتقد ان الجبهة الشعبية وغيرها من فصائل العمل الوطني مطلوب منهم اليوم واكثر من اي وقت مضى الإجابة عن السؤال الأكثر الحاحا وهو توصيف المرحلة فلسطينيا ... وهل ما زلنا في مرحلة التحرر الوطني ام نحن في مرحلة فعل الإحتراف السياسي..؟؟ ان عبور الجبهة الشعبية الى ساحة اللعبة السياسية بالملعب السلطوي ومن خلال المجلس التشريعي هو بحد ذاته اقرار واعتراف بمحددات واساسيات السلطة الفلسطينية (الإتفاقات الموقعة) ومن قال ان من يعارض اتفاق ما او برنامج يتم التصويت عليه ضمن ما يسمى بنظام الفعل الديمقراطي لا يكون شريكا بالقرار المُتخذ حسب نظام الأقلية والأكثرية... بل لا شك انه نظام الأكثرية والأقلية ووفقا لما يسمى بالنظم الديمقراطية بات مطلوبا... وقد اتفهم موقف الجبهة الشعبية بعدم المشاركة بحكومة الوحدة الوطنية كونها تأتي كإستمرار للمحاصصة الثنائية والإستقطاب الحاد ما بين فتح وحماس لكن لا يمكنني ان ان اتفهم ارجاع عدم المشاركة الى ما يسمى الإعتراف بالإتفاقات الموقعة كون الجبهة الشعبية وغيرها قد تجاوزت هذه النقطة بلحظة قبولها بقوانين اللعبة الديمقراطية السلطوية الفلسطينية المستندة للإتفاقات مع الجانب الإسرائيلي وممارستها للعملية الإنتخابية وبالتالي عبورها الى التشريعي.... |