|
مروان مخّول بعد مِشوار بيروتَ المَهول
نشر بتاريخ: 17/07/2015 ( آخر تحديث: 17/07/2015 الساعة: 08:10 )
الكاتب: أسعد موسى عودة
حيفا- معا - منذ ديوانه الأخير ليس الآخِر، "أبيات نسيَتها القصائدُ معي"، الصّادر، أصلًا، عن دار راية الحيفاويّة عام ألفين وثلاثة عشر، وفي العام نفسه عن منشورات الجمل البغداديّة – البيروتيّة ومكتبة كلّ شيء الحيفاويّة – من حينها وحتّى الهُنَيْهة أو حتّى إشعار آخر، وأنا أسايرولا أساير مِشواره الشّعريّ المروان على ناصية اللّغة الأمان، موجِسًا–في كلّ لحظة–خطر أن ينزلق–في أيّ لحظة –إلى الشّارع العامّ فيصدمه خطأ لغويّ أو شعريّ عابر في الزّحام، فيصيبه في مقتل.
هذا وقد نمّت مقابلته في برنامَج "بيت القصيد" مع زاهي وهبي على شاشة الميادين – من جديد – عن كلّ – أو، تقريبًا، كلّ – ما يجب أن يتزيّا به من مَلَكات ويكنزه من مُمتلَكات – في المستوى الشّخصيّ، حيث سنأتي على الإشارة إلى ذلك في المستوى العامّ – نجاح مشروع شاعر: الموهبة الشّعريّة، الطّاقة الإبداعيّة، الثّقافة اللّغويّة والأدبيّة، المعرفة الإنسانيّة، الشّجاعة، والذّكاء. وما كان هذا كلّه على شاعرنا بجديد، وقد كان على معرفتي إيّاه بتليد، وإنّما قد يكون الشّيء الوحيد الّذي جدّده وحدّده لي مروان مخّول في تلك المقابلة المطوّلة، المثيرة والمثرية، في آنٍ معًا – إذا ما غضضنا الطّرف عن بعض زلّات اللّسان والإنسان – هو عمق ارتباطه العفويّ والإنسانيّ – ولربّما الإستراتيجيّ، أيضًا، في مرحلة متقدّمة، وليس في ذلك من حرج بل فيه من فرج – بنصفه الآخر، لبنان. وهو ما سيترتّب عنه وعليه، حتمًا، هذا الارتباط – في الأمدين القريب والبعيد – من كثير وجدير وخطير.
فإنّما بها الشّجاعة – لا بغيرها – ضُرب المثل، مثلًا، بأمثال سقراط والسّموأل والحلّاج؛ الأوّل تجرّع السّمّ دون أن يتنازل قِيد أُنملة عن شيء أو بعض شيء من فكره وتعاليمه، وقد آثر التّالي أن يُقتل ولده على أن يفرّط في وفائه، والأخير مأساته معروفة للصّغير قبل الكبير، حتّى صاروا جميعًا في مصافّ الخوالد والأساطير. فما حبّ السّلامة – أيّها الأعزّة – إلّا ما قيل فيه: "حبّ السّلامة يَثني عزم صاحبه / عن المعالي ويُغري المرء بالكسل". وتعبيرًا عن الفكرة عينها قال التّونسيّ أبو القاسم الشّابّيّ على لسان أمّنا الأرض: "أبارك في النّاس أهل الطّموح / ومن يستلذّ ركوب الخطر / وألعن من لا يماشي الزّمان / ويقنع بالعيش عيش الحجر". وهو الحجر نفسه – يا إخوان –ولكنْ شتّان شتّان بين حجر أبي القاسم الشّابّيّ التّونسيّ وحجر السّوريّ ممدوح صبري عُدوان: "إنْ شئت أن تحيا كريمًا كالحجر / فكُن حجرْ / واقبض حجرْ/ واضرب حجرْ".
هذا ومن نافل القول، أيضًا، إنّ عشمنا في مروان مخّول ألّا تصرفه هذه الجماهيريّة الّتي هو لها أهل بلا أدنى ريب – ألّا تصرفه عن الالتفات، أبدًا، إلى تطوير صنعته الشّعريّة، كيفًا وكمًّا.
|