|
تأمّلات في الثّانوية العامة...بين النمطية والتغيير؟؟!!
نشر بتاريخ: 03/08/2015 ( آخر تحديث: 03/08/2015 الساعة: 11:26 )
الكاتب: د. سهير قاسم
إن التأمل في الواقع التربوي المُعاش يُحتّم النظر إلى قضايا يجدر التطرق إليها إن توافرت النوايا الجادة للتغيير الفعال لا التغيير من أجل التغيير أو من أجل إرضاء فئة هنا أو هناك. ذلك التغيير الذي يتطلب القناعة النابعة من الذات دون إغفال للرغبة الحقيقية في ظل التركيز على العمل المؤسساتي والخبرات العميقة التي ستقود إلى إيجاد جيل قادر على النهوض بالمجتمع الفلسطينيّ.
وتشكّل الثانوية العامة مفصلاً مجتمعيًا مهمّافي العديد من الأنظمة التربوية في العالم إذ إن لنتائجها الأثر الكبير على مستقبل الطلبة وتوجهاتهم. لذا بات من الضروري التفكير في الثمار التي تُجنى من استمرار الحال على ما هو عليه في ظلمتطلبات العصر المعرفي والتقني التي باتت تفرض نفسها على الساحة التربوية حيث نشهد تطورات متسارعة ترمي بظلالها في المجالات كافة. وإن تخصيص الحديث في الثانوية العامة كجزء مهم في المنظومة التربويةيتطلب التطرق إلى مجموعة من القضايا ذات العلاقة، منها تشخيص واقع الطلبة في جميع المراحل العمرية بوجه عام وفي المرحلة الثانوية على وجه الخصوص، في ظل الإيمان المطلق بتوافر الإمكانات والقدرات لدى الطلبةوأخص المجالات التقنية،آخذين بالاعتبار مجالات استخدام هذه الإلكترونيات من خلال الإجابة عن أسئلة عديدة، منها: هل يتمكن الطلبة فعليا من قراءة البيانات والنماذج الرسمية المحوسبة على صفحات التواصل أو غيرها بصورة صحيحة! وما درجة الارتباط بين استخدام الطلبة لهذه الصفحات؟وهل يصب ذلك الاستخدام فعليا في المسارات الصحيحةوالغايات الرئيسة في العملية التعليمية التعلمية؟ أم أن هذه الاستخدامات مجرد مران روتيني غير ذات صلة بالتوظيف الفعال؟ وبعيدًا عن تعميم الحالات وإطلاق الأحكام، هناك الاستخدام الشكلي المجرد دون استثمار للقدرات،فكانت الفجوة بين التعلم الرسمي والواقع الحياتي، فلماذا يغيب التفكير بسياسات تجسر الهوة بين التعليم الرسمي والحياتي خاصة في السنوات الثلاثة الأخيرة من عمر الطالب لتسهيل مهماته؟ حتى يكون الأداء تطبيقيا وليقدر على تلبية مهمات العصر مطمئنا بقدرته،على الأقل لفهم التخصصات المطلوبة ومعرفة مضامينها،وكذلك قدرته على اختيار تخصصه وفق رغبته بيسر وسهولة دون إرباك، ذلك من شأنه الإجابة عن تساؤلات الطلبة المتكررة،ما الأفضل وفق سوق العمل؟ هذا إن توافر سوق العمل فعليا! إضافة إلى العديد من الأسئلة التي نجد أنفسنا عاجزين عن الإجابة عنها. ألم يحن فعليا الوقت للتفكير في تقديم الأنسب لهؤلاء الطلبة الذين يُقدّم إليهم النصح عشوائيًا؛ فقد يبتعدون عن مسارمهنة التعليم أو غيره وقد يذهبون إلى تخصصات عصرية كالقانون ... لكنهم سرعان ما يصطدمون بالواقع بعد مضي فترة قصيرة ولا يجدون الوظيفة، إن اتفقنا على أن الوظيفة هي الهم الأكبر!ألا يفرض علينا ذلك مسؤوليات كبيرة تجاه شريحة هم بأمس الحاجة إلى تقديم إجابات بعيدة عن حلول مؤقتة،لتكون ذات جدوى لهم. فلماذا لا يتم إثارة مثل هذه القضايا؟ هل هناك تدارس فعلي لخيارات هذا الطالب دون تخطيط مؤسساتي! وأما نتائج الثانوية العامة، التي أصبحت جزءًا من النظام المعمول التي لا تقل خطورة عن القضايا الأخرى،فهل تتفق بصورتها الحالية مع قناعاتنا التربوية،وهل النظام الحالي يلبي الحاجات، ألا يحتاج إلى تأمل وإعادة نظر؟ لماذا يتم التركيز على الجانب الإعلامي الرسمي بالصورة التي تكرّس فكرًا عقيما باعتبار أن الطالب المتفوق هو الحاصل على النتيجة الأعلى، في الوقت الذي نتفق فيه بأن التحصيل لا يحاكي نوعية التعليم،وقد أجمعنا على وجود ذكاوات عديدة وطرائق تعلم يختلف فيها الطلبة، وبالتالي نعترف بأن نظامنا التعليمي غير قادر على الوصول إلى جميع الطلبة! فلماذا نكرس أن هذه الفئة من الطلبة هي المتميزة، ونحاسب آخرين لم يحصلوا على العلامة العليا؟! ما نشهده في الواقع التعليمي خطير،ومع محاولات الهروب،إلا أننا نشعر بالحزن عندما نقف حائرين أما التساؤل الكبير، إلى أين نحن ذاهبون؟ ألم يحن وقت التأمل الفعلي؟خاصةأننا نشهد كل عام الخطأ نفسه، لم تكن المرة الأولى، في كل عام نتحدث ويتحدثون، وكأن الهم بات مجرد التركيزعلى دقيقةالحضور والتأخير، التي لا أقلل من شأنها،لكن هل ستكون هذه الدقيقة جلّ همنا وغاياتنا! ولا تقل خطورة مرحلة احتضارالطلبةعند انتظارهم لنتائج الثانوية العامة،قد تبدو شكلية، لكنهاجوهرية وجزء من النظام والتنشئة السليمة، هذه القضية ذات استحقاق نفسي لا تتلاشى بيسر لدى طلبة مروا بها، لماذا يتم الإعلان على هذه الشاكلة، ومن الذي يستفيد من هذه الحملة؟وما ذنب طلبة لم يحالفهم الحظ في المشاركة في حملة جوال لإعلان النتائج، فوقعوا فريسة للدعاية والتشهير، لم يكن الفارق مجرد دقائق بل زادت الفترة عن الخمسين دقيقة بين الإعلانين: الرسمي... والإعلام؟؟!ظن فيها كثيرون منهم بأن الفشل حليفهم، كيف لا وقد أُعلنت النتائج وسط تسابق إعلامي سنوي، هذه القضية جزء من عجز النظام، وهي تضاف إلى تقليديته، وأتساءل لصالح من يكون هذا المشهد الهزلي!أم أن الأهداف الكبيرة قد ضاعت ما بين المؤسسة التربوية والمؤسسات الإعلامية!! هل نتسابق ليكون الطلبة فريسة لوسائل الإعلام التي لا أعيبها في تحقيق أهدافها،لكن العيب يتركّز على الغياب المؤسساتي عن تحقيق الغرض بأهداف تربوية غير ربحية تحافظ على الأهداف الساميةالتي يتوقع أنها تُغرس على مدار أعوام تحضيرية في الدراسة والتحصيل؟ ما الانطباع الذي تركته تلك التجربة المريرة على الطلبة أنفسهم؟ هناحق لنا أن نطرح الهم الكبير الذي ليس مجاله هنا، هل يقود الإعلام المؤسسة أم تقود المؤسسةالإعلام! إن هموم الطلبة تضعنا أمام مسؤوليات جسيمة تجاه النظام، هؤلاء الطلبة الذين باتوا لا يفقهون ماهية تخصصات يلتحقون بها دون علم بها، وأتساءل،هل مسألة التفكير في طرح حلول أو حتى بدائل مناسبة مسألة معقدة إلى هذه الدرجة؟هل يصعب التغلب عليها أو التخفيف منها في ظل أهداف غير ظاهرة قد تتوارى خلفها أهداف وسياسات دفينة ربما تسعى إلى تحقيق أرباح شكلية وزائلة... حتى لو كان ذلك على حساب قضايا مهمة تفوق الأهمية المادية!!أم أن الأفضل متاح والبدائل حاضرة، لكنهابحاجة إلى التنازل قليلا عن الذاتية والتفرّد والعمل من أجل إنعاش المؤسسة لا إنعاش المصلحة الشخصية بغض النظر عن مصالح الآخرين!!! |