نشر بتاريخ: 04/08/2015 ( آخر تحديث: 04/08/2015 الساعة: 21:07 )
كتب : محمد اللحام
شارك منتخب فلسطين في التصفيات التمهيدية لكاس العالم عام 1934، وعام 1938 ،وكان المنتخب الأول عربيا وأسيويا في المشاركة بالتصفيات، بعد أن كان ثاني هذه الاتحادات الذي يؤسس عام 1928 بعد الاتحاد المصري ،إلى أن أصبحت فلسطين في خبر كان كفعل ماض ناقص ، لتتأهل بعد ذلك للغياب مجرورة بالكسرة الظاهرة بفعل النكبة والاحتلال الإسرائيلي الذي تسلل في الدقيقة 48 و67 ، وحتى ما بعد الدقيقة 90 دون صافرة من حكم غير نزيه، لتغيب شمس الكرة الفلسطينية عن الكرة الأرضية بفعل فاعل وبفعل ضمير غائب .
وعبر سنوات طويلة من الاحتلال حاولت الكرة الفلسطينية التدحرج والخروج من خانة الفعل المجرور والاسم المنقوص غير المضاف وغير المتصل، وتكتفي بجملة اسمية في الشتات للحفاظ على تواجد اسم فلسطين في المحافل الخارجية ، ومعها جملة فعلية متواضعة في الداخل وبالمجل هو جمع تكسير .
منذ سنوات قريبة ،أصبح المنتخب الفلسطيني الملقب "الفدائي" نسبة لسنوات الثورة والفداء ضد الاحتلال والطغيان يمثل هوية وطنية من خلال التحاق المهارات الكروية بهذا الإطار الجامع للكل ألفلسطيني ويشترك أبناء القدس والضفة الغربية وقطاع غزة ومن الأراضي المحتلة عام 1948 وأبناء الشتات والمهجر في ارتداء الزي الرسمي تحت علم واحد يمثلون وطنا واحدا كان قد تمزق وتكسر بفعل الاحتلال ومن بعده الانقسام أيضا، ليكون المكون الشرعي الوحيد الذي يمثل الكل الفلسطيني في كافة أماكن تواجده، راسما فلسطين التاريخية رغم كل الحواجز والمعوقات .
من مفارقات منتخب الفدائي المحزنة والمفرحة في نفس الوقت انه يحتاج في العديد من الأحيان لمترجم أو أكثر، ليس بغرض الحوار مع خصم بل للحوار الداخلي بفعل القادمين اليه من أمريكا اللاتينية ومن أوروبا وقد ولدوا هناك والكرة شدتهم لجذرهم والتحقوا بها التحاقا بفلسطين وطن أبائهم وأجدادهم .
اليوم يصل الفدائي لأول مرة لنهائيات أسيا، حين عجزت دول تحتل مكانة جار ومجرور من الوصول إلى ذلك .
جملة من الانتهاكات الإسرائيلية عام 2014 لا محل لها من الإعراب أو الصرف في القوانين الدولية، باستشهاد حوالي 30 رياضيا نتيجة جدول ضرب عدواني على قطاع غزة، وعملية طرح حواجز وجدران في الضفة الغربية لم تمنع الفدائي من نفض غبار النار كطائر "الفنييق" وعودة التحليق.
وها هي فلسطين تلملم جراحها وتحمل همها وهمومها، وتفرد جدائلها بكرة قدم تعبر الكرة الأرضية وتحلق بقوة في مجموعتها التمهيدية لتصفيات مزدوجة لكأس العالم وأمم أسيا ،وتخسر بصعوبة بالغة وفي الوقت بدل الضائع أمام السعودية وفي السعودية ،لتذهب وتسحق ماليزيا بالستة على ارض ماليزيا .
اعتادت المنتخبات العربية والأسيوية بان تمني النفس بوقوع فلسطين في مجموعاتها ،على اعتبار أنها بمثابة مضاف أو مضاف إليه في أحسن أحوالها وصيدا سهلا، إلا أن الواقع أصبح غير ذلك .
فقواعد اللغة لا تتغير إلا ان قواعد اللعبة قد تغيرت بفعل أن منتخب فلسطين تحول من اسم فاعل إلى ضمير مستتر في محل رفع فاعل .