|
قراءة للمجموعة القصصية" وردة لصيف واحد" للكاتب ناصر الريماوي
نشر بتاريخ: 06/08/2015 ( آخر تحديث: 06/08/2015 الساعة: 11:20 )
الكاتب: نصير احمد الريماوي
وصلتني مساء يوم الأحد الفائت نسخة إهداء من المجموعة القصصية "وردة لصيف واحد" للكاتب القصصي ناصر الريماوي صاحب القلم الذهبي الذي لا ينضب عطاؤه دوما. وقد شرفني كاتبنا المبدع بإهدائي نسخة منها مشكورا، وقد كان لعنوانها الجاذب واللافت، ومضمونها الزاخر وقع كبير على النفس.
لقد سررت بوصولها رغم المسافات الجغرافية التي تفصلنا عن بعضنا وموانع الاحتلال البغيض لأن الكاتب يعيش في الغربة بالمملكة السعودية حاليا ويعمل في مجال الهندسة الميكانيكية، وأنا أعيش في مسقط رأسي ببلدة بيت ريما داخل فلسطين الحبيبة لكن تراب الوطن يجمعنا. لذلك احتضنتها كالعائد إلى دياره من المنفى. تتكون المجموعة المذكورة من(112) صفحة من القطع المتوسط، وتحتوي على ثماني عشرة قصة، و صادرة عن دار نشر تدعى"الآن ناشرون وموزعون" بعمان. تعتبر هذه المجموعة هي الثالثة بعد صدور مجموعته الأولى "جاليريا" في عام 2010، ومجموعته الثانية "ميراميد" في عام2012م. طبعا ما أن وصلتني المجموعة عن طريق ابن شقيقة الكاتب- التي تسكن في بلدتنا مشكورا- حتى انكببت على قراءتها والغوص في ثناياها للبحث عن دُرَرِها الدفينة. فمنذ الوهلة الأولى أجد أن الكاتب يُدخلك بأسلوبه السردي الخارجي والذاتي المشوِّق في عالم من المشاهدات أو لحظات المعايشة ومدلولاتها النّفسيه والانطباعية سواء أكانت مشاهداته في الغربة وحكايات البحارة، ووصف ترحاله في أوروبا وحياته خارج الوطن الأم فلسطين وعمان، أم الغربة عن الوطن التي تحتل وجدانه وكيانه وأثرها البارز في تفاصيل حياته اليومية. مثله مثل أدباء المهجر الذين يحتل الحنين والشوق للوطن الأم في أدبهم حيزا كبيرا، وها نحن نرى مدى حنين كاتبنا في مجموعته إلى بلدته "بيت ريما" وأشجارها وبساتينها وجبالها ووديانا وهضابها وينابيعها وأزقتها وأحيائها وبيوتها القديمة الصامدة تصارع الاقتلاع، ووجع الرحيل عنها بفعل الاحتلال الصهيوني، وتصوير حياة مخيمات اللجوء الفلسطيني وكفاح شعبنا المُهجَّر في سبيل تحقيق حق العودة وتقرير المصير. كما احتلت الحياة الزراعية التقليدية وأدواتها التراثية مثل، البيادر، والبدّ لعصر الزيتون، والمناجل، والمذراة، وفزعة البيدر، والهودج مكانا هاما وهي كلها قصص بحد ذاتها من وحي تراثنا الفلسطيني الثري بقيمه وعاداته الجميلة التي بدأت تختفي في عصرنا الحاضر. وقد جاء ذكرها في المجموعة لإنعاش الذاكرة العربية والفلسطينية بأهميتها وضرورة الحفاظ عليها لأنها جزء من ثقافتنا الشعبية الفلسطينية وهويتنا التراثية. أرى أن الكاتب "ناصر الريماوي" يمزج في أسلوبه القصصي بين اللغتين النثرية والشعرية في بعض الأحيان لجعل اللغة متينة وجزلة، وانسيابية، ومرنة في بناء متن القصة. كما يلجأ إلى استخدام أسلوب يوجه فيه القاص همّه إلى الحادثة، و هذا النوع يُدعى (قصة الحادثة أو القصة السردية)، وفيها تكون الحركة هي الشيء الرئيسي وعنصر أساسي في العمل القصصي. استطيع القول: بأن "الريماوي" وظّف بذكاء وخبرة متميزة الحركة بنوعيها العضوية والذهنية لتطوير الأفكار العامة نحو الأهداف الذي تهدف إليه قصص المجموعة، كما ترك مجالا للقارئ للتفكير والتحفيز الذهني. ويتميز أسلوبه أيضا بنسيج فني مترابط يصوّر الواقع المعاش، وبوعي بالمكان الذي يجسده في صوره الأدبية. وقد عرض الكاتب مجموعته هذه في قالب أدبي ينبض بالروعة وسعة الخيال وجمال التصوير. لا بد من ذكر أن قصص مجموعة" وردة لصيف واحد" تروي لنا الكثير من الإحساس العميق، وجاء تركيب كل جملة لتكون معبرة في دلالتها بلا زخرفة أو تنميق أو ثرثرة. إن كثرة اطلاع، وتجارب، ومعاناة الكاتب أو الكاتبة أحيانا تعمل على خلق المهارة الأدبية في صياغة جمل سرده أو سردها القصصي، وأن صياغة الجملة التصويرية وتضمينها أفعال الحواس يمنحها رقة الهمس الإنساني ويجعل قيمتها الجمالية فعالة ومؤثرة، وكذلك الجملة المعبرة عن العواطف الصادقة وهذا ما ركز عليه الكاتب "ناصر الريماوي" في قصصه. |