|
المدخل لحل أزمتنا الاعتراف بالفشل
نشر بتاريخ: 11/08/2015 ( آخر تحديث: 11/08/2015 الساعة: 11:27 )
الكاتب: مصطفى ابراهيم
لم يعد الأمر يتعلق بالشفافية وبالصبر على أزمة الكهرباء المستفحلة في قطاع غزة فقط، فحياتنا عبارة عن مصنع أزمات عظيمة، ليس أخرها أزمة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" المفتعلة، أو أولها حديث الساعة في وسائل الإعلام الإسرائيلية وما يتم تناوله بالبحث والنقاش والتحليل عن من سيخلف الرئيس محمود عباس والمديح الذي تكيله له على مواقفه وتصديه إلى اندلاع أي احتجاج ضد الاحتلال وجرائمه، ومنع أي احتجاجات على حرق عائلة دوابشة، وهل سيستقيل أم سيبقى إلى أجل؟
ونحن لا نعلم شيء سوى ما تلقي به وسائل الإعلام الإسرائيلية لنا من أخبار، و ما يصلنا من أخبار الصالونات وما يتهامس به الناس و المصادر المجهولة والمعلومة والأخبار المتناثرة عن معارك صامتة والتحضير لمعارك قادمة وتغييرات جذرية في قيادة حركة فتح وترتيبات يقوم بها الرئيس لتقييف وتفصيل قيادة لفتح على مقاسه. لو توفرت النوايا الحسنة و الإرادة الحقيقية للتغيير والشعور بالناس والضنك الذي يعانونه لما عظمت مأساتهم كما هي عليه الآن، إذا هي ساعة الحقيقة في إدراك ان الناس لم تعد لديهم القدرة على الإحتمال وقواهم وهنت وصبرهم نفذ ويحاولون منح الفرصة تلو الفرصة للقيادة والفصائل ولا احد يعلم متى تندلع الشرارة والانفجار الكبير، وأي رهان على صبر الناس فهو خاسر وطبيعة البشر أنهم لا يستسلموا ولا يستكينوا، والشعب الفلسطيني حي وهذه الكبوة لا تعبر عن حقيقته وقوته وحيويته المثيرة وعطاءه الذي لا ينضب. ربما يكون هذا حلم لكن لا احد منا يستطع التنبوء بمزاج الناس وحركتهم وعدم قدرتهم على القبول باستمرار الظلم والقهر الذي يعانونه. والحلول الترقيعية والفردية في تدبير الناس لشؤونهم لن تجدي نفعاً، فالناس جربوا وحاولوا اجترار حلول فردية ونجحوا، لكنها حلول تعبر عن أزمة القيادة و المسؤولين وعجزهم عن توفير الحلول الخلاقة والإبداعية، ومن ارتضى ان يحكم الناس عليه تقديم تنازلات لصالحهم وليس لصالحه وصالح جماعته وحزبه ورؤيته. والقضية ليست متعلقة بالطعام والشراب والحد الأدنى من العيش، إنما هي العيش الكريم و الحرية والكرامة وسيادة القانون والمساواة والعدل. ساعة الحقيقة والشجاعة تقتضي من القيادة والفصائل و في مقدمتهم حركتي فتح وحماس بالاعتراف بفشلهم في قيادة الشعب الفلسطيني، وعدم قدرتهم على تنفيذ وعودهم للناس. والحديث الممجوج بتحقيق الانتصارات والتعظيم من أنفسنا وقدراتنا الخارقة على التغلب على عدونا قبل مشكلاتنا وأزماتنا المستعصية، ولدينا قدرة كبيرة على تبرير كل الأخطاء التي نرتكبها، كيف ذلك ولم نعترف مرة واحدة بهزيمتنا وفشلنا المريع على جميع الأصعدة، سواء في تجربتنا النضالية ومقاومة الاحتلال أو حياة الناس اليومية. القيادة والفصائل لم تفكر مرة واحدة في القيام بمراجعات حقيقية ونقد التجربة الطويلة أو فتح حوار ونقاش وطني عام للتعلم والاستفادة من التجارب و الخبرات السابقة، فاستمرار هذا الحال والتعامل بردود الأفعال وهي جاهزة وبقدرة عجيبة تصبح هي الحلول، هذا هو غياب العقل و الكوميديا السوداء الذي نعيشها، فالبحث في التفاصيل أكثر من البحث في القضايا الكبرى والانهيار الكبير في النظام السياسي الفلسطيني و منظومة القيم هو خطير ومؤشر لانهيارات أخرى. هذا يتم بفعل ومساهمة من أركان النظام السياسي الذي يقع على عاتقه النهوض بالقيم والمبادئ الوطنية وتعميمها والاستفادة من تجاربه السابقة. فإذا كان هذا حال النظام الذي أصبح من سماته عدم الثقة به، و هو المسؤول عن هذا الحال وعدم قدرته على ترسيخ منظومة القيم وهو من يمارس كل أشكال الاستبداد وعدم إيمانه بالآخر وعدم قبول النقد والرأي الآخر، ومتمرس حول فكرته ورؤيته لقيادة شعب تحت الاحتلال ويناضل من اجل الحرية بطريقة أقرب إلى الفنتازيا منها إلى إدراك حجم الكارثة. سنبقى سخرية للآخرين ونضحك على أنفسنا إذا ما تم إدراك ما نحن به من مصيبة ومستمرون بالقول أننا نحقق انتصارات عسكرية وسياسية ودبلوماسية، ونحن لم نستطع إدارة حياة الناس والواقع مأساوي و كارثي، وسلوك القيادة والفصائل يعزز من هذا الواقع. |