|
التسلل والانفاق.. خياران احلاهما مر لقضاء رمضان والعيد في قطاع غزة
نشر بتاريخ: 26/09/2007 ( آخر تحديث: 26/09/2007 الساعة: 10:26 )
غزة- معا- خضرة حمدان- حلّ رمضان " كل عام وانتم بخير" انا لست وحدي هنا عالق بين الارض والسماء بقربي مئات من الشباب والسيدات والمرضى والأطفال".
هذا حديثهم لذويهم على الهاتف.. يحول بينهم فقط معبر رفح، ولأنه المنفذ الوحيد لقطاع غزة على العالم الخارجي تتقاطر عليه يوميا وفود المسافرين الراغبين بقضاء شهر رمضان وعيد الفطر برفقة ذويهم في قطاع غزة. لا جديد، لا أنباء، لا حديث يدور بين المعنيين عن هذا المعبر الذي استبدل بمعبري "العوجا- ايرز" دون ان يحل كل المشكلة، فالعالقون يزداد عددهم يوما بعد يوم فيما امتنع قرابة 700 مسافر من العالقين من القدوم عبر العوجا خوفا من اعتقالهم على يد قوات الاحتلال الاسرائيلي التي تحبذ دوما عودة السيطرة لها لاسيما بعد سيطرة حركة حماس على قطاع غزة. بعض العالقين عاد عن طريق انفاق لها ملاّك "نفق خاص" والغريب ان صاحب النفق يطلب على كل "رأس" من العالقين 4000 دولار للعبور إلى قطاع غزة حيث يفضل العديد البقاء في سيناء تائها على ان يدفع هذا المبلغ "الباهظ" فيما لا يجد المضطر بداً من دفع هذا المبلغ مخاطراً بماله وحياته للعودة إلى ذويه. طريقة أخرى ابتكرها " اليائسون" من أمل فتح المعبر وهي "التسلل" بين اشجار الزيتون ليلاً, واتقاءً لكشافات الإضاءة العالية من الجانبين الاسرائيلي والمصري ورغم امكانية إطلاق النيران بين الفينة والأخرى قفز بعض العالقين من فوق "السلك" الفاصل رفح الفلسطينية عن رفح المصرية وفر هرعا إلى الاراضي الفلسطينية. من هؤلاء المواطنين المسنين ابو علي وابو خالد من رفح, يفوق كلاهما الأعوام الخمسين, قالا ضاحكين لـ "معا: "اجتمعنا مع ثالث واتفقنا على الهرب فالبقاء في مصر تائهين لشهرين كاملين وقرب حلول رمضان كان كابوسا يؤرق حياتنا". ويضيفا "هذه المسألة تحتاج قوة قلب, اجتمعنا لنتباحث مشاكلنا, علمنا ان اموالنا مستنزفة في مصر, وابناؤنا في قطاع غزة أحوج إليها, وعلمنا أن مصالحنا ستتعرض لخسائر كبيرة كما عانى بعضنا من أمراض فقررنا القفز عن السلك, وهذا تم, ونعتقد ان المصريين فطنوا لذلك ويسيرون بدوريات منتظمة ليلا لمنع المزيد من القفز". ويضيف ابو علي وابو خالد ضاحكين:" طريقة غاية بالصعوبة والخطورة ولكنها مغامرة عشقنا فصولها رغم أعوامنا الخمسين". وحين لا يستطيع آخرون القفز أو المخاطرة تبقى المشكلة عالقة إلى حين يقرر المعنيون النظر بعين الرحمة لمن فصلهم المعبر عن ذويهم. علا تشتاق لزوجها وتقول: "هل يحن علينا المعنيون ويفتحوا معبر رفح في هذا الشهر الفضيل؟" سؤال مشروع للزوجة التي غاب عنها زوجها لأربعة شهور متتالية بالرغم من رغبته بالعودة في الاسبوع التالي لسفره. وتضيف علا ابو مطير, من غزة, الأم لطفلة والحامل بشهرها السادس "لم نتوقع ابدا أن ياتي شهر رمضان وعائلتنا مشروخة لقسمين, قسم هنا والقسم الآخر تفصلنا عنه بوابة ولا نستطيع رؤيته وانا جل خوفي ان يستمر الغياب دون افق لحل هذه المشكلة". ولعل اغرب ما يمكن ان يضاف لمعاناة عائلة نصفيها منفصلين بفعل السياسة ان يتم فصل زوجها محمد ابو مطير عن العمل, والا يصرف له راتب كان من الممكن ان يساعد الزوجة على تلبية متطلبات شهر رمضان دون الركون لعائلة الزوج. اما المواطن عبد الناصر البيوك من خان يونس فيؤكد حاجة عائلته لرؤية نجلهم المريض بالسرطان محمد وشقيقه عبد الله الذي رافقه الى مصر منذ ستة اشهر. ووجه البيوك نداء لكافة المعنيين والمسؤولين عن معبر رفح بالمسارعة بفتحه كون البقاء في مصر يقلق ذوي المريض على صحته, عدا عن تكلفة الحياة هناك قائلا "ان شقيقيه يدفعان ايجار شقة بالقاهرة بما يعادل الف جنيه شهريا عائلتهما بحاجة ماسة لهذه المبالغ". وقال البيوك: "يبدو ان الشعب الفلسطيني يدفع دائما فاتورة التناقضات والخلافات السياسية ايا كانت اطرافها سواء فلسطينية فلسطينية او غيره". وسواء كان الراغب بالعودة إلى غزة مقيم بها أو زائر فإن المعبر موصد بوجه الجميع، دون امل بفتحه حتى للراغبين بأداء مناسك العمرة بالأراضي الحجازية. وللمعاناة أوجه مختلفة فوالدة المهندس خالد حمدان بغزة تشتاق لرؤيته بعد غيابه عامين وتتمنى قدومه من جنوب افريقيا لتقوم بتزويجه ولكنه دائما يقول لها "إلى ان يفتح معبر رفح". |