|
هل اتفاق الهدنة في غزة يعد خيانة؟
نشر بتاريخ: 19/08/2015 ( آخر تحديث: 19/08/2015 الساعة: 14:54 )
الكاتب: حسام الدجني
أنباء وتسريبات يدعمها الحراك السياسي والدبلوماسي بين غزة والدوحة وتل أبيب والقاهرة، وعواصم أخرى، كل ذلك يدلل أن اتفاق الهدنة ينضج على نار هادئة، وأن الإعلان عن قرب التوصل لاتفاق ليس سوى مسألة وقت.حركة حماس تلتزم الصمت لأنها لا تريد رفع سقف التوقعات أمام الشعب الفلسطيني، لأنها تدرك أن إسرائيل دولة تجيد لعبة المماطلة والتسويف، وأن هناك أطراف محلية وإقليمية لا تريد لهذا الاتفاق أن يرى النور، لأنه ربما ينقذ حركة حماس ويخرجها من دائرة الحصار والعزل السياسي لدائرة سياسية أوسع وأرحب تستعيد عبرها حماس شعبيتها التي تأثرت بسبب الحصار وضنك الحياة في قطاع غزة.قبل أن تنضج التهدئة ويتم الإعلان عنها دخلت الساحة الفلسطينية حالة من الجدل حول الاتفاق، جدل جزء منه نابع من حالة استقطاب حاد، وجزء آخر مرتبط بحرص وطني مشروع ومبرر ولكنه يفتقد لكامل الصورة حتى يجد تأثيره داخل الرأي العام الفلسطيني.فما هي المواقف من الهدنة وما هي منطلقات كل طرف سواء كان معارض أو مؤيد؟حركة فتح وحلفاؤها بالساحة الفلسطينية يرفضون الهدنة، بينما حركة حماس ومؤيديها يدعمون الهدنة، وبين الموقفين فإن المزاج العام في قطاع غزة أغلبه مع الهدنة لأنه يريد التخلص من الحصار والمعاناة التي أنهكته.وعليه فإن المواقف من الهدنة هي:
أولاً: موقف مؤيد وداعم لها ويستند في دعمه وتأييده من ثلاث منطلقات 1- حالة الحصار الذي أنهك الجميع. 2- حاجة المقاومة للهدنة كاستراحة محارب تجهز فيها أوراقها وتنتظر استقرار المحيط الإقليمي والدولي وتشكّل بيئة داعمة للمقاومة. 3- إدراك تلك القوى المؤيدة بأن الرئيس محمود عباس وحركة فتح مدعومين من أطراف إقليمية تعمل على تضييق خيارات حماس وصولاً لاستنزافها وإضعافها، وبذلك ترى تلك القوى بالهدنة مدخل مهم لتجاوز حالة الابتزاز من قبل الرئيس عباس. ثانياً: موقف رافض للهدنة، من يرفضون الهدنة يستندون إلى: 1- الخوف من مؤامرة تستهدف فصل غزة عن الوطن. 2- ضرب وحدانية التمثيل الفلسطيني المتمثل في منظمة التحرير الفلسطينية. وبين المواقف الرافضة والمواقف المؤيدة أستطيع القول أنه من حق كل طرف أن يبدي رأيه، ولكن السؤال الأهم لمن يرفض الهدنة أو من يقبلها. لمن يرفضها أسأل: أليس الأجدر أن نتأمل سلوك السلطة الفلسطينية تجاه قطاع غزة، ماذا قدمت طوال فترة الانقسام ؟ كم تعيين وظيفي استهدف الشباب بغزة؟ كم دولار صرفت السلطة الفلسطينية على العمال؟ كم أزمة عملت السلطة على حلها طوال فترة الانقسام (المياه-الكهرباء- البطالة-الفقر- الخ..)..؟ كم مرسوم رئاسي أصدره الرئيس من أجل إنهاء الانقسام وتطبيق اتفاقيات المصالحة؟ قد يقول البعض بأن السلطة تنفق رواتب شهرية لـ 55700 موظف، وتصرف على العلاج بالخارج والأدوية وغيره، وتنفق على 72 ألف أسرة ضمن برنامج التضامن الاجتماعي (شيكات الشؤون)، ويضيف البعض: كيف تطلب من سلطة أن تصرف على إقليم انقلب بعضاً منه على الشرعية؟فيرد البعض الآخر ويقول هذا صحيح ولكن مجموع ما تنفقه السلطة بالمقارنة بالإيرادات التي تجنى من غزة عبر المقاصة وحصة غزة من الدعم الدولي وضرائب البنوك والشركات الكبرى يفوق النفقات بكثير، وبذلك تستخدم السلطة الفلسطينية قطاع غزة كبقرة حلوب، وتعاقب قطاع غزة لأن حماس تحكمه، وبخصوص الشؤون الاجتماعية فإنها تأتي بشكل مباشر من البنك الدولي والاتحاد الأوربي للعائلات الفقيرة باستثناء 8000 عائلة يتم صرف شيكاتهم من السلطة الفلسطينية.كنت أتمنى أن لا يقع أحد في هذا الجدل، لا أحد ينفق على الشعب من جيبه الخاص، فمن حق شعبنا العيش بحياة كريمة.أما من يقبل التهدئة فأوجه له السؤال التالي: منذ زمن ونحن ننتقد حركة فتح كونها تهيمن على القرار السياسي الفلسطيني، وتنفرد بالتفاوض مع الاحتلال، وتفرض على شعبنا الاتفاقيات تلو الاتفاقيات، فهل تستنسخ حماس التجربة؟ لماذا لا يتم إشراك القوى الوطنية والإسلامية الفاعلة بالمشاورات مع توني بلير ؟ لماذا لا تعرض حماس اتفاق الهدنة على الشعب الفلسطيني كي يبدي رأيه؟ أليس من الأفضل على حركة حماس أن تبقى في ميدان المقاومة وتترك الحكم طوعاً وبذلك يرفع الحصار ولا حد يلزمنا باتفاق هدنة؟قد تجيب حماس على تلك الأسئلة وتقول: نحن لا نتفاوض مع أحد، وإنما نعمل على تطبيق التفاهمات التي خلص إليها الوفد الفلسطيني الموحد في القاهرة خلال عدوان العصف المأكول، ولن يمر أي اتفاق دون عرضه على فصائل المقاومة.أما بخصوص إجراء استفتاء على أي اتفاق محتمل، فلا أعتقد أن حركة حماس ستمانع ذلك، ولكن الكل يدرك أن نتيجة الاستفتاء ستكون كبيرة لصالح الاتفاق فلا يعقل أن تستفتي شخص مريض على فرص علاجه، أما من يرى أن على حماس ترك ميدان الحكم والتفرغ لميدان المقاومة ففي هذا ظلم كبير فهل المطلوب من حماس وكوادرها أن يستهدفوا وتقصف بيوتهم وييتّم أطفالهم بينما بعض الفصائل يستمتعون في ترف الحكم وامتيازاته؟ أليس الوطن للجميع وعلى الجميع أن يكونوا شركاء بالقرار شركاء بالدم؟ الخلاصة: إن الهدنة هي مرحلة مؤقتة يلتقط شعبنا أنفاسه قليلاً، وتجهز المقاومة نفسها كثيراً، ويستقر المحيط الإقليمي والدولي، ولعل هذا الاستقرار يشكل بيئة داعمة للمقاومة، ومن ثم ينطلق الجميع نحو التحرير والخلاص من الاحتلال، مثل النخلة التي تنحني أمام الرياح العاتية، ولكنها تعود شامخة بعد زمن قصير. |