|
نكشة التقاعد ... اسماعيل هنية وتجزئة التحرير
نشر بتاريخ: 21/08/2015 ( آخر تحديث: 21/08/2015 الساعة: 15:36 )
الكاتب: جهاد حرب
تصريحات اسماعيل هنية نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في خطابه الأخير المتعلقة بشعار "شمولية الرؤيا وتجزئة التحرير" تثير السخط لضحالة التفكير السياسي لدى حركة حماس أو بعض قياداتها. هذا السخط والضحالة المذكورين اعلاه ناجم أولا: عن تأخر حركة حماس في تطوير فكرها السياسي أو اللحاق متأخرا جدا بباقي الحركة الوطنية لسنوات طويلة أي اكثر من اربعين عاما على اقرار المجلس الوطني الفلسطيني "لمرحلة التحرير" في دورته الثانية عشرة المنعقدة بالقاهرة في حزيران 1974 التي أقر فيها برنامج النقاط العشر (البرنامج المرحلي) الذي أصبح أساسا للبرامج السياسية المرحلية المقبلة. وثانيا: غياب المؤسسة الناظمة لاتخاذ القرارات في حركة حماس في شأن سياسي غاية في الاهمية ويمثل تحولا جوهريا في الفكر السياسي "تجزئة التحرير" أي بالمفهوم الوطني مرحلة التحرير. وثالثا: تدني السقف السياسي للتجزئة بحيث تقتصر على ممر مائي وفك الحصار بمعنى اخر وقف المقاومة مقابل الغذاء، ما يعيد الى الأذهان صورة القضية الفلسطينية للعام 1948، بأنها قضية انسانية وليست سياسية، بعد سنوات طويلة من النضال الوطني لتكريس دولة فلسطين حقيقة سياسية. وكذلك غياب أي افق سياسي لإنهاء الاحتلال بل تكريسه حتى في البحر بحيث لا يختلف الميناء العائم من حيث الجوهر والشكل وفي الاجراءات عن معبر بيت حانون "إيرز" ما بين القطاع واسرائيل، أو معبر الكرامة "اللنبي" ما بين الضفة الغربية والاردن بحيث يعمل الفلسطينيون لدى الاسرائيليين في الترتيبات والإجراءات ويخضعون للقرار الاسرائيلي في حق المرور أو السفر. ورابعا: وقت اتخاذ هذا القرار المترافق مع الحديث عن قرب الوصول الى اتفاق مع الحكومة الاسرائيلية على اقامة حكم ذاتي جديد في قطاع غزة أقل مما ورد في اتفاق اوسلو عام 1993، فالاتفاق الجديد يزيل الرابط ما بين الضفة والقطاع باعتبارهم وحدة جغرافية واحدة كما نص عليه اتفاق اوسلو، مما يمهد الطريق الى اقامة دولة أو امارة أو امبراطورية في قطاع غزة، هذا الامر يتساوق مع الرغبة والطموح والتخطيط الاسرائيلي بغض النظر عن نوايا حركة حماس في تحسين الاوضاع الاقتصادية للقطاع؛ فالطريق الى جهنم مليئة بالنوايا الحسنة. في ظني أن بيع هذا التطور "البضاعة" في الفكر السياسي لحركة حماس كان يمكن أن يكون مستوعبا لو قدم للجهات الداخلية في اطار توحيد الرؤى وبناء برنامج سياسي فلسطيني متفق عليه، وليس لجهات خارجية بما فيها اسرائيل لمجرد الحصول على الاعتراف الاسرائيلي والدولي للعب دور هنا أو هناك في ادارة الحكم في غزة أو الحرب على الجماعات الارهابية وهو ثمن بخس لحجم التنازل. (2) نكشة التقاعد في القطاع العام يدور الحديث بين الفترة الاخرى عن تعديل لقانون التقاعد أو رغبة الحكومات بإحالة عدد كبير من الموظفين الى التقاعد. لكن الحكومة غالبا ضعيفة في مواجهة الانتقادات الموجهة لها من النقابات وأحيانا كثيرا من المتنفذين في البلاد. وبغض النظر عن أهداف الاطراف المختلفة ومواقفها إلا أن ترشيد النفقات في الموازنة العامة تحتاج الى حلول جذرية، خاصة ان الرواتب تستنفذ الحصة الاكبر من نفقات السلطة لتضخم الجهاز الوظيفي للسلطة وهنا الحديث عن الشقين المدني والامني، حيث لا يصلح على اهميته الترشيد في جوانب اخرى كالسيارات والمحروقات باعتبار تكلفتها ثانوية في الموازنة وهذا لا يعني بالمطلق عدم القيام بذلك. لكن التركيز ينبغي ان يكون في العيوب الكبرى للانفاق. وفي الوقت نفسه معالجة المشاكل الاجتماعية كالفقر وجيش العاطلين عن العمل من خريجين وغيرهم. الموازنة بين رعاية البلاد والعباد وتوفير الحماية الاجتماعية وبين القدرات و الامكانيات المتاحة و"تشبيب" الجهاز الحكومي يحتاج بشكل دائم الى التفكير خارج الصندوق للتمكن من معالجة الخلل المزمن دون افتقاد المواطنين للثقة وخاصة الشركاء والمساهمين في انشاء السلطة وبناء مؤسساتها أو ما يطلق عليهم "جيش الموظفين". هذا الامر أيضا يحتاج الى رؤية لدى الحكومة بين ما هو مستطاع والرغبات والتطلعات بدءً من نوعية التعليم ومسارات التعلم الى ضمان حياة كريمة لموظفيها. دون الدخول في التعديلات التقنية المقترحة في مشروع قانون التقاعد المعروض على مجلس الوزراء، أو ادراج تعديلات للقانون على جلسات مجالس الوزراء المتعددة أو النكشات المتكررة للتقاعد، فإن الولوج الى المقترحات الفعلية، في ظني، أفضل وهي في الوقت نفسه تحتاج الى روية وحكمة، ونقاش جدي. وهذا المقال لا يدعي انه يقدم حلولا بقدر ما يحاول ان يناقش أو ان صاحبه يحاول ان يقدم مساهمة متواضعة في النقاش الاولي، قد تغضب الاصدقاء قبل غير الاصدقاء، لكنها على تواضعها تضع هذا الامر من مجرد نقاش داخل مجلس الوزراء الى العلن وفي الصحافة. الاقتراح العملي الذي يتضمنه هذا المقال هو اجراء تقاعد واسع وفقا لما يلي: أولا: احالة جميع الموظفين ممن بلغوا سن الستين عاما بغض النظر عن المكانة والكفاءة التي يمتلكونها أو الثقة التي يحظون بها، وفي جميع المؤسسات دون استثناء إلى التقاعد. وثانيا: احالة كل من خدم 28 عاما "وفقا لقسيمة الراتب أي السنوات المقبولة للتقاعد" وعمره فوق 55 عاما الى التقاعد اجباريا بحيث يحصل على راتب تقاعد نسبته 75% من راتبه. وثالثا: فتح باب التقاعد الاختياري لتشجيع مَنْ بلغت مدة خدمته 20 عاما وتجاوز عمره خمسة وأربعين عاما بنسبة تقاعد معقولة ما بين 60% - 70% من راتبه. ورابعا: احالة رؤساء المؤسسات الموظفين الى التقاعد عملا بالنص القانوني في قانون التقاعد العام وتعديلاته شريطة ان يكون مبررا كغيابهم عن الدوام أو عدم وجودهم على الهيكليات المقرة والمعتمدة لمؤسساتهم أو عدم حصولهم على تقييم جيد لعدة سنوات، أي وجود قيود "محددة وواضحة ومعلنة" على ممارسة هذا الحق لضمان عدم التعسف باستخدام هذا الحق، وبكل تأكيد مع ضمان حق التظلم للموظفين أمام مجلس الوزراء. |