|
مدينة الخليل عاشت ليلة من ليالي العمر المفقود مع شاعر القدس تميم البرغوثي
نشر بتاريخ: 29/09/2007 ( آخر تحديث: 29/09/2007 الساعة: 12:18 )
الخليل- معا- جددت أمسيات وفعاليات ليالي رمضان لمدينة الخليل، رغم ابتلائها ومحنتها المستمرة منذ أربعين عاما من الاحتلال، رائحة التاريخ والزمان، فلرمضان عبق وسحر وتأثير خاص في مدينة لا زالت تحافظ على تقاليدها وتعتز بتاريخها وماضيها المجيد، والتأكيد على إصرارها بأن يكون الغد والمستقبل أحلى وأجمل ، وتعطشها لهذه الأمسيات التي انقطعت لأسباب قسرية عدة سنوات، عادت إليها أمسياتها تبشر بالأمل واكتمال بدرها يوم يرحل الاستيطان عنها.
ليلة العمر وارتأت لجنة فعاليات ليالي رمضان والتي تكونت من المؤسسات العاملة والمهتمة بالحقل والحياة الثقافية، وزارة الثقافة وبلدية الخليل ولجنة اعمار الخليل وجمعية التعاون الثقافي الخليل فرنسا والمكتبة المتنقلة واللجنة الإعلامية لإقليم فتح وسط الخليل، ارتأت أن تكون باكورة فعالياتها استضافة شاعر القدس المبدع، تميم البرغوثي، الذي أيقظ الأمل والنور على مدار ساعتين في ليلة وصفت " بليلة من ليالي العمر " أسعد فيها جمهوره الذي تدافع على ابواب مسرح مركز اسعاد الطفولة في المدينة وضاق بضيوفه ولم تتسع جنباته لما يزيد عن ثلاثة آلاف مشاهد قصائد منوعة، باللهجتين الفلسطينية والمصرية مما اضطر المنظمين لتركيب شاشتي عرض خارج المسرح. وما أن أعلن يوسف الترتوري، مدير وزارة الثقافة، ترحيبه بالشاعر البرغوثي، حتى ضج الجمهور الذي تقدمه خالد العسيلي رئيس بلدية الخليل، والدكتور حسين الأعرج محافظ الخليل، والدكتور علي القواسمي رئيس لجنة الاعمار، وعودة الرجبي، أمين سر اقليم فتح وسط الخليل، وأعضاء مجلس تشريعي ووزراء ، وعدد كبير من الكتاب والفنانين وطلبة الجامعات بالتصفيق الحار طويلا ودونما انقطاع، وتحولوا لمقاطع جديدة في متن قصائده، معلنين وبشكل عفوي ان الناس التي تركت لعروض الثقافات الهابطة عبر الفضائيات، يمكن أن يكونوا فاعلين في حياة ثقافية جادة معبرة عن الذاكرة الجماعية الاجتماعية والسياسية والثقافية. وخاطب الترتوري، الشاعر البرغوثي قائلا: "نحن بعض من آلاف مريديك يا ابن مريد، والخليل تفتتح لياليها الرمضانية ببريق قلبك لينسدل قنديل شعرك نورا يضئ قسوة ملامح الليل والجلاد ، هذا الشعر الذي يحك قشرة النور بسماكة الجدار ويضئ بين السماوات والأرض والسقف والعتبة، الذي ما أضاع الرنين الأصيل غير آبه بتفاصيل الليل وغراب الحكاية". ولدى دخول البرغوثي قاعة المسرح ايذانا ببدء أمسيته الشعرية التي عكست وعيا اتجاه الأوضاع التي يعيشها الشعب الفلسطيني والامة العربية المنكوبة بالاحتلالات والتبعية وبؤس القيادات ومرارة الانكسارات حتى أطلق اولى قصائده " أيها الناس " يستصرخهم بالثورة وتغيير واقعهم الأليم على أمل بمستقبل مشرق يعيد المجد التليد ، ولمس في قصيدة مقام عراقي أوجاع العراق ومعاناته، وعزف بجملة من قصائده: عجل داير وعلم وقهوة وأمر طبيعي والحمامة والعنكبوت وقصيدته المهداة الى الشيخ حسن نصر الله ، على أوتار القلوب التي تهفو لسماع المزيد ليرتقي بها، بعد ان ملت لغو الشعارات الزائفة ليقف الجمهور اكثر من مرّة احتراما وإجلالا لشاعرهم ، وما أن أطلق رائعته الشهيرة " في القدس " حتى ذرفت الجماهير الدموع وهم يستحضرون مشاهد التوصيف الذي أبدع فيه الشاعر بصورة ملحوظة ، مستذكرين همّ وأوجاع مدينتهم - شقيقة القدس - مطالبين الشاعر بأن يؤرخ بقصيدة تحكي الخليل وأوجاعها المزمنة. جولة ميدانية وكان الشاعر تميم البرغوثي، قد سبق تقديمه امسيته، عقب افطار رمضاني اقامته لجنة فعاليات ليالي رمضان في جمعية التعاون الثقافي الخليل - فرنسا ، بجولة ميدانية في البلدة القديمة رافقه فيها يوسف الترتوري مدير وزارة الثقافة في الخليل وعودة الرجبي أمين سر فتح وعدد من المثقفين والصحفيين ،حيث شاهد واطلع عن كثب على أوضاعها بفعل التقسيم والتدابير العسكرية والحصار الذي يفرضه الاحتلال بزعم حماية بضع مئات من المستوطنين وسط ما يزيد عن 200 ألف مواطن هم سكان المدينة فأحالها إلى سجن محاط بالاسيجة والأسلاك الشائكة وإلى بلدة أشباح ، وسلب ونهب تراثها الحضاري والتاريخي الذي ينطق كل ما فيها بالعروبة. وقال البرغوثي " ان سكان الخليل والشعب الفلسطيني يتغلبون على الالم والمعاناة بقوتهم وإصرارهم على الثبات في وطنهم مقبلين بفرح وابتسام نحو الحياة التي تجدر بهم " ، مؤكدا أنه لا مكان لليأس عند ابناء هذا الشعب فعليهم الصمود والمقاومة حتى دحر الاحتلال عن أرضهم ومقدساتهم . وما أن أنهى أمسيته حتى انطلق جمهوره نحوه محاصرا إياه بالحب والقبلات مطاليبن توقيعه على دفاترهم وأوراقهم ، لساعة من الزمان التحم فيه الشاعر بالجمهور الذي أحب. اعادة الحياة وقال الدكتور خالد القواسمي، الناطق الإعلامي للجنة فعاليات ليالي رمضان ،ان لجنة الفعاليات ارتأت ان تحيي أمسياتها الرمضانية لهذا العام بعد انقطاع كي تعيد الحياة إلى مساءات الخليل، ولكي يتنفس سكانها هواء يعبق بالثقافة والفن والأصالة والتراث. تخفيف من الكبت ويرى مثقفو الخليل ومواطنوها ان فعاليات ليالي رمضان ستكون فرصة لاقتناص الاستمتاع بالشهر الفضيل وإعادة الأجواء الرمضانية الحقيقية للمدينة العريقة بطقوسها وعاداتها والتخفيف من الكبت الذي يعيشه الشعب الفلسطيني بسبب الحصار وإجراءات الاحتلال، وصوتا عاليا ضد الظلام. وتمنى الفنان التشكيلي يوسف كتلو ان تنتشر الأمسيات الرمضانية لكافة المدن الفلسطينية، مشيرا انها تخفف من الأوضاع المعاشة الأمنية والسياسية، مؤكدا ان من حق هذا الشعب ان يعيش الحياة كباقي شعوب الأرض. وأضاف ان الفعاليات استطاعت ان تعيد البهجة المفقودة على الوجوه العابسة، منوها انه شاهد مدى تفاعل الجمهور مع أمسية الشاعر تميم البرغوثي، حيث ارتفعت الأيادي مصفقة بإيقاع متناغم مع عازف العود تامر الساحوري والبزق تشارلي رشماوي ليرسم لوحة فنية لأمسية رمضانية ساحرة. |