|
القدس.. روحٌ وُلدت من عَبقِ التاريخ
نشر بتاريخ: 04/09/2015 ( آخر تحديث: 04/09/2015 الساعة: 16:57 )
بقلم: ايمان احمد الحمري
القدس" ..روحٌ وُلدت من عَبقِ التاريخ ... وترعرعت في أحضانها الأمم " أنا بدون هذه الروح من أكون؟! سلامٌ مني إلى من ترعرع في بلدِ السلام ..سلامٌ مني إلى بلدِ السلام التي ما عاد يسكنُ فيها سلام.. كيفَ حالكم هذه الأيام؟؟ صدقوني لا أعرفُ من أين أبدأ؟ وكيف أنتهي؟ وكيف لجسدٍ أن يتكلم بدون روحٍ ؟ جسدٌ مكبلٌ بخيوط الصمت.. جسدٌ انتزعت منه روحه عامَ 1948 ليشاهد موته بعينيه.. ويتقلب بين طيات الزمان.. ويتباطأ عن الخفقان.. ويتلاشى بين الأركان .. أتدرون من أنا..؟؟ أتدرون لما أنا هنا..؟؟ لا تسألوا عن هويتي!! فبدونِ القدسِ...أنا لا أعرف من أكون!!.. أنا عاشقةٌ أقف الآن أمام أوراقي البالية لأكتب رسالة إلى روحٍ حرمني المجرمين والقتلة من رؤيتها كل يوم.. أمسكُ قلمي لأكتب إلى وطن الحب والشمس والأنبياء ..إلى المدينة التي قال عنها الله سبحانه وتعالى.. " )سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله(..من أنا بدون القدس؟ أنا بدونها كالبحرِ الذي جفَت أمواجهُ منذُ قرون..!! أنا بدونها كالجثةِ الهامدةِ التي ترقدُ في سكون..!! أنا بدونها كطفلٍ فقدَ حُضنِ أمه الحنون..!! أنا بدونها كأسيرٍ يقبع خلفَ قضبانِ السجون..!! أنا بدونها كأم الشهيدِ محمد أبو خضير الذي عُذِبَ ابنها و استشهدَ على يد المستوطنِ الملعون..!! أنا بدونها بقايا إنسان في عالٍم مجنون!!.. بعدي عن القدسِ يقتلني.. بعدي عن القدس يحرقني.. بعدي عن القدس يؤذيني.. يمزقني ويضنيني.. دعوني اليومَ أغوص في أعماقكم.. دعوني أعانقُ فيكم الرو حَ التي ترعرعتُ بعيدةً عنها.. دعوني أعبرُ من نافذة الجرح لاقفَ أمامَ الروح المثخنة بالدماء.. دعوني أجمع باقة ههور لأععها على أعرحة الشهداء الذين سطر لهم التاريخ مواقف بطولية ينطق بها الحجر.. ها أنا واقفةٌ أمامكم بشِ عري.. بفكري.. بعقلي.. ولكني أجهل هويتي لأني وببساطة بدونِ القدسِ أنا لا أعرف من أكون..!! ما الذي يجري في هذا الزمان؟ بربكم أجيبوني.. هل هذه حياة! ويا ويلي من غدٍ يخلو من القدس.. أنا هنا أعحكُ بدموعي وآهاتي وأحزاني لأني بدونِ تلك الروح أنا لا أعرف من أكون..!! فأنا كنتُ ولا هلتُ من القدس وعاشقة حتى النخاع.. أنا من القدس وأعيشُ في هقاق عتيق في بيت ذو قبة طينية عندما تدخله تسرحُ في بحورٍ وعوالٍم تعجُ بمفردات التاريخ وحروفه المطوية.. أتجولُ في شوارعها وشمس الظهيرة تعكس أشعتها الذهبية على البيوت المتقاربة التي تكاد تعانق بعضها بعضاً.. لتشعر وكأنك في رحلة عبر التاريخ حيثُ الأسواق التي تبيع العطور وأنواع الطيب وقطع النحاس المنقوش والملابس المطرهة.. في القدس لي قمراً مختالاً يطلع في الليل مرتدياً ثوبه المخملي انظر إليه في قلبي اعشقه نبضاً وفي جسدي اعشقه روحاً .. وما أروع الليل بصحبة القمر المضيء في سماء القدس.. احتضني أيها القمر.. احتضنيني يا قدس بصمت وهدوء نغفو .. لي حبيب اً في المنفى.. ليس بقربي ..يمنعني جدار الفصل من رأيته.. جدارُ الألم والبعد واليأس والوحدة.. جدارٌ يأخذني من حبيبي ومن روحي ومن قدسي ومن أرعي ومن بيتي ..فسلامٌ مني وألفُ تحية إلى حبيبٍ قريب من القلب بعيد عن العين سلبني العقل والفؤاد وجعلني طفلة متيمة لا ترسم بأوراقها إلا حروف اسمه وتحلم باللقاء.. في القدس لي وطناً.. تفوحُ من ترابه رائحة دم الشهداء.. تسمعُ من مآذنه صوتُ الأذان والحمائ مُ تحومُ حولها.. تشاهد عجقة باحات مساجده بالمصلين في أيام الجمعة.. تشاهد هينة عيد الفطر وعيد الأعحى والأعياد المجيدة ورأس السنة.. في القدس لي قبة ذهبية التي تمنحني صورة ما إن تراها عيناي حتى يطبعها عقلي وتستقر في قلبي.. قبةٌ مثقلة بالتاريخ تجمع الماعي الع ريق بالحاعر المتجدد والمستقبل الغامض.. قبةٌ تتقن لغة السحر والجمال.. في القدس لي بحراً.. أمواجه لطيفة تتهامس مع أشعة الشمس في وقت الغروب.. فأقف تارة أتابع الأمواج وتارة انظر إلى خيوط الشمس التي تغرس الشوق في قلبي لحبيبٍ يشبه البحر في هدوءه وجماله وغموعه وعمقه.. أسير على الشاطئ وأرى الأمواج وهي تلامس أقدامي فتتراقص بداخلي كل المعاني التي تتغنى بالرومانسية والجمال.. عيناي تتجول هنا وهناك لتبحث عن أذن البحر لكي تهمس له أني أتمنى أن أراك وأبقى بقربك.. فهل ستتاح لي الفرصة: فرصة اللقاء مع قدسي؟ فبالله عليكم أجيبوني.. أنا بدون هذه الروح من أكون؟؟ |