|
غطّانا الخجل
نشر بتاريخ: 05/09/2015 ( آخر تحديث: 05/09/2015 الساعة: 15:49 )
الكاتب: صادق الخضور
طفل سوري يموت، وقبله آلاف، وقديما كنّا نعرف أن الغول رهيب، وأن حكايات الترهيب لم تقترن يوما ببحر، وأن الطفولة دوما في أمان مهما قسا الدهر على الناس، وحديثا صار البحر بالعا لأماني الباحثين عن ملاذ في وقت عزّ فيه الملاذ، وبات الرحيل أصلا وهو الذي كان استثناء، وصار مجرد البقاء على قيد الحياة حلما.
إيلان كردي... طفل سوري شاءت الصدفة أن يكون اسم أخيه غالب!! فإذا بهما في لحظة يموتان في عرض البحر، البحر الذي ظل دوما أملا للخلاص، فزال الأمل وبقي الخلاص، وصار الغالب مغلوبا، والأب مكلوما، والأم ثالكلة.. حتى هذا الوصف لم تنله لأنها رحلت، فأي مصطلح يتناسب وحالها؟!!. لا أدري، لماذا أعادت صورة الطفل وقصته إلى الذاكرة أشعارا لفدوى طوقان كانت خاطبت فيها رحيل الشهيد وائل زعيتر رحمه الله، قد يختلف السياق لكن المضمون ذاته، فقد تباعد الزمان وظلّت روح الحدث ماثلة مع أن القضية في الأصل زوال الروح. إيلان... نهاية ليست طبيعية لأحداث غير طبيعية لموقف عالمي غير طبيعي وغير منطقي، والصورة التي تفاعل العالم معها ما هي إلا أنموذج لنماذج كثيرة باتت عصيّة على الحصر. فدوى طوقان، قالت قبل عقود من عمر الزمن، ما كأنه يتطابق فعلا والمشهد الذي أثار العالم، لكن ما الخلاصة؟ لا شيء، سيبقى زملاء إيلان، وأطفال كثر مشردون في متاهات النفي بحثا عن خلاص، عفوا، عن طوق نجاة، لأن الخلاص بات متاحا وبسهولة، فركوب البحر صار الخلاص، فأمواجه باتت جنزيرا يدوس كل أماني الطامحين في مغادرة مربع المربع فإذا بهم في مركز الدائرة، وشواطئه استحالت مقابر. إيلان أو عيلان، مهما حدث تباين طفيف في حروف الاسم، فلا مشكلة، فقد زال الطفل نفسه، "أي هي وقفّت على حرف؟!! فدوى طوقان، وكلماتها التي إذا ما تأملتها شعرت وأن صورة الطفل ترجمة لفحواها، فماذا قالت؟ وكأن وائل زعيتر الذي خاطبته ماثل في قصّة إيلان: حين جاء النبأ الريّان من دمّك غطانا الخجل حين قالوا : كانت الغربة والداء له زاداً وماء نحن غطانا الخجل من يغطي عرينا! من يسبل الستر علينا يا بطل ؟ -2- حينما الدنيا الهلوك وقفت ضدّك واستعصيت أنت وتأبّيت على العالم أنت اقبلوا في معطف الليل وداروا في الظلام دورةًً غدّارةً واقتنصوك ******* وجهك الغائب يلقانا على صدر الجريده وعلى نظرة عينيك البعيده نحن نمضي ونسافر ونلاقيك ، نلاقيك على قمة الدنيا وحيداً يا بعيداً ، يا قريباً ، يا الذي نحويه فينا في الخلايا ، في مسام الجلد ، في نبض الشرايين التي وتّرها الحزن المكابر ====================== أنت يا باعث الهزة في الدنيا الموات أنت يا ملقى بلا أهل بلا أرضٍ على أرصفة الغربة ملقىً نازفاً تحضن في الصدر بساتين الوطن وسماوات الوطن والسهول الحالمات بالأخاديد وبالمحراث والأمطار، يا من حزنه كان بأرض التيه والتشريد خبزاً، أيها الرافض للموت هزمت الموت حين اليوم متّ. |