وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

الحسم والموضوعية في معالجة قضايا الفساد بأنواعة!

نشر بتاريخ: 11/09/2015 ( آخر تحديث: 11/09/2015 الساعة: 10:56 )
الحسم والموضوعية في معالجة قضايا الفساد بأنواعة!
الكاتب: عقل أبو قرع
تكاد لا تمر فترة، الا ونسمع عن قضايا فساد في هذه الدولة او في تلك، وفي اخر هذه الدول، الانباء والتقارير الواردة من مصر، سواء عن قضية اعتقال وزير الزراعة المصري او غيرة من المسؤولين، في قضايا فساد ورشوة وما الى ذلك، والكشف عن قضايا فساد في اسرائيل مثلا، اصبح من الامور شبة اليومية، او من الامور التي اعتاد عليها الناس والاعلام، سواء اكانت لوزير سابق او لمسؤول حالي، او لعضو كنيست، او لريئس مجلس او هيئة عام، او لقضاة وضباط شرطة ورؤساء شركات وغيرهما؟

والكشف او الاعلان عن اكتشاف حالات فساد وبهذه الصورة وبهذا الشكل، وبحجم الاموال او الرشاوي او التصرفات، وحين تطال اشخاص معروفين وكان لهم ماض وخدمة طويلة في المجال العام، هذا الكشف يوحي للمراقب الخارجي مستوى حجم الفساد بأنواعة المستشري في هذا المجتمع او ذاك، وفي نفس الوقت يوحى بمدى فعالية او نوعية العمل المتواصل لاجهزة مكافحة الفساد، وكذلك الاهمية الكبرى التي يحتلها المواطن في الابلاغ عن قضايا الفساد من رشاوي واحتيال واعتداءات واستغلال المنصب العام، وكذلك اهمية وسائل الاعلام في التعامل مع قضايا الفساد، سواء اكان من حيث النشر والمتابعة والتمحيص والتدقيق، بعيدا عن التهويل او المبالغة او التزويق، او بعيد عن المحاباة والتحيز او النفاق لهذا الشخص او لهذه الجهة؟

وقبل فترة في بلادنا، كان الفضل لاكتشاف ومن ثم اتلاف كمية كبيرة من الاغذية الفاسدة، لوعي ويقظة احد المواطنين، ولو لم يتم ذلك لوصلت هذه الكمية الى المستهلك، وما لذلك من تداعيات، وقبل ذلك قام احد المواطنين بالابلاغ عن ادوية ومواد كيميائية منتهية الصلاحية والتي كان من الممكن ان تضاعف المرض بدل من الشفاء منة، وفي احيان عديدة يتم الكشف عن تهريب منتجات المستوطنات الاسرائيلية، وبأنواعها الى السوق الفلسطينية بفضل يقظة ووعي المواطنين، وهذه امثلة عن اهمية تشجيع المواطن للابلاغ عن الفساد وبأنواعة، وهي بالطبع ليست بديلا لما من المفترض ان تقوم بة الاجهزة الرسمية للحد من الفساد، ولكنة عنصرا مكملا وهاما، بل اساسيا لنجاح حملات مكافحة الفساد وبأنواعة في مجتمعنا.

ويصادف يوما في العام، ما يعرف ب" اليوم العالمي لمكافحة الفساد"، حيث تم اعتماد هذا اليوم من قبل الجمعية العامة للامم المتحدة، وذلك من اجل التوعية حول مكافحة الفساد، وكذلك للتذكير بأهمية الاتفاقية الاممية لمكافحة الفساد والتي تم توقيعها في 31 تشرين اول من عام 2003، والفساد متنوع ومتشعب ومتراكم، وحسب تعريف الامم المتحدة، الفساد هو ظاهرة اجتماعية وسياسية واقتصادية، معقدة تؤثر على جميع البلدان، حيث يقوض الفساد المؤسسات الديمقراطية، ويبطئ التنمية الاقتصادية، ويسهم في الاضطراب الحكومي، ويؤدي الى انتشار الواسطة والمحسوبية على حساب الكفاءة والاستحقاق؟
وكانت دراسة قد نشرت قبل فترة في بلادنا، حيث بينت ان الواسطة والمحسوبية هما من اكثر انواع الفساد تفشيا في مجتمعنا الفلسطيني، وبالاخص في القطاع العام، او حتى في قطاع المجتمع المدني والاهلي، وللعمل على مكافحة هذه الظاهرة، فأن ذلك يتطلب وقتا وعملا وجهدا والاهم، العمل على ترسيخ ثقافة الاقتداء بمن يملك المنصب الاعلى والمسؤولية الاكبر والقدرة الاقوى، ويتطلب بث الوعي، ويتطلب تطبيق القانون وعلى الجميع، وفي العلن، وبالنزاهة والشفافية، وبالتالي ازالة الانطباع عند الناس ان من يتم محاسبتهم او ملاحقتهم او محاكمتهم هم الصغار او الضعفاء او الفقراء، او الذين لا يوجد لهم حماية او دعم؟

ولكي تنجح عملية مكافحة الفساد، او بالاخص عملية التوعية من اجل مكافحة الفساد، فأنها يجب ان تركز على الشباب، حيث معروف ان المجتمع الفلسطيني، هو مجتمع شاب، وحسب الاحصائيات الفلسطينية الحديثة، فأن نسبة الاشخاص في فلسطين من الاعمار 15 سنة واقل تبلغ حوالي 40% من السكان، بينما تبلغ نسبة الاشخاص بين اعمار 15الى 29 عاما حوالي 30%، اوهذا يعني ان الاستثمار في هذه النسبة الهائلة من الشباب في بلادنا يعتبر الاستثمار الاهم، وأنة يمكن تصور التأثير الايجابي المتواصل لذلك، في مجالات الاقتصاد والسياسة والتعليم والتربية والقيم والممارسة العادية في الحياة، وهذا يعني ازدياد الوعي بضرورة الابلاغ عن الفساد من قبل جيل الشباب.

وبدون شك ان المواطن الفلسطيني وبغض النظر عن مكان تواجدة او طبيعة عملة، يبقى هو الاهم في عملية مكافحة الفساد، سواء اكان موظفا في القطاع العام اي الحكومة، او عامل في القطاع الخاص، او احد موظفي مؤسسات مجتمع مدني واهلي، او حتى ان كان احد المستهلكين لخضار او للحوم او لادوية او مستحضرات او منتجات غير صالحة، وبالاضافة الى الانسان او المواطن الفلسطيني، فأن هناك دورا هاما للاجهزة الرسمية في مكافحة الفساد، وهناك دورا مكملا لمنظمات المجتمع المدني، كأطار يسلط الضوء وينشر الوعي ويقدم الدراسات وربما الادلة، وكذلك هناك لوسائل الاعلام دورا هاما في عملية مكافحة الفساد برمتة، وبالاخص حين القيام بذلك بشكل موضوعي بعيدا عن التهويل او التزويق.