وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

شغفُ الحنين

نشر بتاريخ: 17/09/2015 ( آخر تحديث: 17/09/2015 الساعة: 08:59 )
شغفُ الحنين
الكاتب: عطا الله شاهين
حينما تقفُ على تلٍّ ، وتنظرُ صوب جهةِ الغربِ وترى السّاحلَ الحزين ، فلحظتها تجتاحُكَ رعشةَ حنين لوطنٍ أُبعدتَ عنه قسراً ، فأنتَ ما زلتَ تحلمُ وتتوقُ بشغفٍ للعودةِ إليه، لتشمُ رائحةَ البُرتقال ، وتتمشّى في أزقّة مدينةٍ رُضِعتَ فيها حليباً حينما كُنتَ طفلاً رضيعاً ، وحين تتذكّرُ أُمُّكَ عندما خبّأتكَ في حُضنها الدّافئ وهربتْ مع النّاسِ على وقعِ أزيزِ الرّصاص ، ووصلتْ إلى بلدٍ غريب .. وأوهموكَ بأنّكَ ستعودُ بعد فترة أنتَ والمهجّرون إلى دياركَ.

وها نحنُ ما زلنا ننتظرُ بلهفٍ عودتنا إلى ساحلنا الجميل، فنحنُ نعيشُ في غُربةٍ مُرّةٍ ونتوق بشغفٍ لوطننا الحبيب .. هذا الوطن الذي ما زالَ يُذبحُ على مرأى العالم.

أكثر شيء يُبكيكَ حينما تتذكّرُ أُمّكَ كيفَ لجأتْ ، وأنتَ كُنتَ تبكِي وتصرخُ من حرارةِ الشّمس ، في جبالٍ مُوحشة.. وكانتْ تخبِّئُكَ تَحْتَ القشِّ خوفاً عليكَ مِنْ وحوشٍ كاسرة.

حينما تتذكّرُ رواياتِ أُمّكَ وأنتَ تنظرُ بحُزنٍ لساحلٍ ليس بعيداً عنكَ .. وتتمنّى أنْ تصِله وتزورُ بيتكَ هُناك .. فساعتها تجلسُ على التّلِّ وتبكِي لعدمِ تمكُنِكَ مِنْ رؤيةِ وطنِكَ الذي ضاعَ فيظلُّ شغفُ العودة يشتعلُ فيكَ .. لأنّ الحنينَ في داخلِكَ يفورُ ويتشوّقُ بلهفٍ لوطءِ مدينتِكَ الجاثمة على ربوةٍ كنعانيّةٍ ما زالتْ هويتها فلسطينيّة.

وعند المغيبِ تعودُ إلى منزلِكَ المُؤقّتِ في غُربةٍ مريرةٍ .. لا تُطاقُ .. لأنّكَ تشعرُ بغرابةِ المكان .. وكأنّكَ لا تنتمي إليه .. فتجلسُ وتبكِي على ضياعِ وطنٍ ما زالَ العالمُ لا يرى الظُّلمَ الواقع على شعبِه.