|
الشباب الفلسطيني: لماذا الانتظار؟
نشر بتاريخ: 23/09/2015 ( آخر تحديث: 23/09/2015 الساعة: 15:04 )
الكاتب: عايد عتماوي
اعتقد في المرحلة الحالية اصبح لدينا فكرة شامله وكامله و واضحه حول واقع الشباب الفلسطيني. واذا سالت ناشط فلسطيني عن واقع الشباب وعن الاسباب والعوامل التي ساهمت في تراجع العمل السياسي في اوساط الشباب، سيبدأ هذا الناشط بذكر مجموعه من الاسباب وبنفس الترتيب التالي:
الشباب الفلسطيني لا يشارك في الحياة السياسية كما كان في السابق، منعزل، شكاك، محبط، ولا مبالي للاسباب التاليه: 1. الاحتلال – اول واسهل المبررات، 2. الفشل في العملية السياسية وعدم قدرة القيادة الفلسطينية الايفاء بوعودها بالاستقلال والحرية والكرامه، 3. الفساد في المؤسسه الرسمية، والاخبار المستمرة عن استغلال المناصب، وعن غياب الشفافيه، 4. الانقسام الفلسطيني والتراشق الاعلامي الذي تبع احداث 2007 حتى اليوم، 5. ضعف اليسار الفلسطيني، واختفاء المعارضه الفاعله من الساحة السياسية، 6. تكلس المفاصل الذي اصاب المؤسسة الرسمية لعدم تجديد الدماء فيها. حقيقه جميع ما ذكر صحيح، وهناك عوامل اضافيه يمكن ان تكون اقل اهمية، ولكنها موجوده ومؤثرة وتساهم في الاضافة الى الشعور العام بالاحباط، وتزيد سوادا وقتامه على الصورة السوداية اصلا. لكن، وبعد التوصيف المتداول والمتفق عليه، يبقى السؤال الاهم حاضر وبقوة، خصوصا مع عدم وجود اي خطوات لتغيير الوضع سواء على المستوى الرسمي المنغمس حتى الاذن بمشاكله الداخلية، او على مستوى الشباب افلسطيني الناشط، يبقى السؤال الاكثر الحاحا وحضوراً هو: ما العمل؟ ما الواجب فعله على مستوى الشباب لمواجهة الاحتلال، ولضمان عدم استمرار "الفشل السياسي" ، ولانهاء الانقسام والتخفيف من اثاره السلبية، وما هو الواجب فعله لاعادة اليسار والمعارضه المؤثرة الى الصورة السياسية العامه في فلسطين، وكيف يمكن معالجة التكلس الذي اصاب المؤسسه الرسمية؟ هذه كلها اسئلة كبيرة جدا، واتفق مع الكثير من الناشطين الفلسطينيين بأن علاج هذه المشكلات امر معقد ومشوار طويل بحاجة لاجراء اصلاحات كثيرة، وبحاجة لنشر وعي سياسي واجتماعي ثقافي في الاوساط الفلسطينية يُنتج بالضرورة جيل فلسطيني شاب يمتلك نظرة سياسية متزنه ويتمتع بوعي سياسي مميز وغيرها من الامور والشعارات ذات العيار الثقيل. لكن هل يمكن الاستمرار في النهج القائم على انتظار غودوت؟ اذا اتفقنا بأن اي برنامج سياسي لاي تحرك شبابي في المرحلة الحالية سيسير باتجاه الفشل لعدة عوامل اهمها عدم توفر اي امكانية لتقديم برنامج سياسي بسقف اقل او اعلى من سقف اوسلو ومبادرة جنيف مثلا، يبقى الخيار الوحيد للشباب الفلسطيني هو اطلاق حملة تعتمد بالأساس على برنامج وطني / اجتماعي. يعالج هذا البرنامج، او يعد هذا البرنامج بأن يعالج قضايا داخليه بحته، بعيده كل البعد عن البرنامج السياسي المتمثل بحل الدولتين، وان كان هذا التحرك او البرنامج يعترف ب ويتبني نموذج حل الدولتين كأساس لاي حوار سياسي مستقبلي. ضرورة تبني حل الدولتين تنبع بالاساس من ضرورة كسب الشرعية والاعتراف كون برنامج الدولتين هو البرنامج الذي تبنته المنظمة، وكونه مدعوم وبشكل كبير على الساحة الدولية. هذا البرنامج الوطني / الاجتماعي هو البرنامج الاوفر حظاً اذا ما اخذنا بعين الاعتبار حالة التأزم الذي تعيشه اغلب التجمعات الشبابية، وكثرة الحديث في اوساطها عن الفساد والمحسوبية وهدر المال العام وغيره. يمكن للشباب الفلسطيني ان يحاربوا هذه "الظاهرة" من خلال التأسيس لحالة وطنية ديمقراطية شبابية – ضروري ان تكون مستقلة عن الاحزاب الموجودة – وان تنطلق هذه الحالة من عمق الحوارات الشبابية الجادة والمسؤولة المنتشرة في كافة محافظات الوطن والتجمعات الشبابية في الداخل والخارج. اذا كنا متفقين بأن غياب الشفافية وضعف المساءلة، وتشتت الجهود الشبابية في محاربة الفساد، بالاضافة الى عدم انتشار ثقافة المساءلة والمحاسبة في اوساط الشباب، هي عوامل تساهم في استمرار الوضع السيء، وتزيده سوءا على سوء، فأن اي تحرك من هذا النوع وبهذه الطبيعه سيكتب له النجاح ويمكن ان ينجز ما لم تستطع انجازه المؤسسات الحزبية والمؤسسه الرسمية. أضف الى ذلك حقيقة لا يمكن اغفالها تتمثل بوجود كثير من القيادات الفلسطينية الحالية التي ستدعم هذا التحرك، سواء من معسكر المستقلين او معسكر الاحزاب، اما لعدم رضاهم عن اداء احزابهم واعترافهم لانفسهم بعقم النهج الحزبي، او لحاجتهم للظهور و "ركوب الموجه" كما يقول الكثيرين. بمساعدة هؤلاء، وبهمة الشباب الناشط يمكن استغلال احتياجات هذه الشريحة من القيادات في فرض النفس الشبابي على الساحة السياسية، وبقوة لا يستهان فيها، بقوة لا يقلل من قدرها الا قائد سياسي مُغيب او فالت من عقاله، ويعاني من مشكله في مراكز التحليل في الدماغ. فهناك تغيير في مواقف الشباب الناشط، وأصبح شتم الحكومة والرئيس والقيادة السياسية امر شبه مختفي من على اجندة الكثير من الشباب الفلسطيني. هناك حالة من النهوض ومن التطور نلاحظها في طريقة فهم مصطلح "المشاركة السياسية"، حتى ان الفيس بوك لم يعد يعج بالشتائم، والانتقادات التي تهدف فقط لاظهار النفس وللمزايدات ول "شوفيني يا جارة" كما يقال. اليوم بدأ مفهوم المشاركة السياسية الصحيح بالانتشار، ويؤسفنا القول بأن المؤسسات الاهلية هي التي نشرت ورسخت المعنى الصحيح للمشاركة السياسية، والاحزاب كانت ولا زالت غائبة عن التثقيف السياسي للافواج الطليعية من الشباب. الشباب الفلسطيني اليوم بحاجة ماسة الى برنامج واضح يرسم خطة عملية واقعية، ومتزنه لدور شبابي مميز في صنع القرار الفلسطيني. ونحن نقف على عتبة تغييرات سياسية كبيرة، سيتبعها بالضرورة تحديات صعبة جدا، وحالة من التقلبات والتحالفات السياسية الحزبية قد تكون غريبة او غير متوقعه اطلاقا على الساحة الفلسطينية. المشهد السياسي الفلسطيني غير منفصل ولا منعزل عن حالة الغليان في الشارع الفلسطيني، خصوصا في اوساط الشباب، وسيكون للشباب كلمة في المرحلة القادمة، او على الاقل هكذا الامل والعمل، ولكن يبقى السؤال الاخر المهم هو: ما هي طبيعة وشكل كلمة الشباب، وما هو وضع الشباب في المرحلة القادمة؟ هل سنكتفي برفع الاعلام؟ وهل سنكتفي بمراقبة الجار الحمساوي – او الفتحاوي - عند خروجه من المنزل للادلاء بصوته؟ وهل سنكتفي بالمشاركه في ما يُسمى جزافا بال "مناظرات السياسية" التي نعرفها جيدا، والتي لا تتعدى كونها حلقة ردح ودوران في دائرة مغلقه؟ هل سننزل الى الشارع كمشاغبين ومثيرين للمشاكل ونردد "ارحل ارحل يا عباس، او يا دحلان، او يا مشعل" ام سيكون هناك برنامج يرقى بنفسه ويرقى بالشباب الى مستوى المشاركة السياسية الحقيقيه الفاعله؟ الى مستوى يجبر المسؤولين والقيادات الحالية و/أو المستقبليه للانتباه الى الشباب كشريحة مهمة وقادرة ومؤثرة؟ كيف لنا ان نقنع القيادة السياسية بأننا قادرين على التحرك، وقادرين على التأثير، وقادرين على تمثيل انفسنا، وحماية مصالحنا ومصلحة القضية؟ هناك افكار كثيرة، ونقاط عديدة يجب علينا نقاشها، وخطوات عملية لها اول ما لها اخر يمكن اتخاذها على الارض، العنف والتخوين والتكفير والتهميش والشخصنه والشتائم ليست جزء منها. |