|
إطلالة منتظرة
نشر بتاريخ: 28/09/2015 ( آخر تحديث: 28/09/2015 الساعة: 09:24 )
الكاتب: صادق الخضور
أيّام معدودة على إطلالة الرئيس محمود عباس في الأمم المتحدة، وهي إطلالة تحمل معها رفع العلم الفلسطيني فوق الأمم المتحدة في خطوة لا يختلف اثنان على أنها- وإن حملت دلالات رمزية، إلا أنها- تحمل معها دلالات معنوية، وهي تندرج في إطار نجاحات لجهد دبلوماسي موجّه نجح حتى اللحظة في تحقيق نتائج طيبة، ووحدهم المواصلون النقد من أجل النقد لا يعترفون بجدوى ما حققه العمل الدبلوماسي من نتاجات نناصر المطالبين بعدم تضخيمها لكنها أيضا يجب ألا تكون عرضة للتقزيم.
تتزامن الإطلالة وحديث الكثيرين عمّا قد تحمله كلمة سيادة الرئيس من سيناريوهات، وإذا كان البعض يتوقع السيء، فليس هناك أسوأ من الواقع الحالي، في ظل غياب الأفق السياسي، وتواصل محاولات التضييق على القدس، وأوضاع الأسرى، وقبل هذا وذاك تواصل حالة الانقسام التي شكلّت- ولا زالت- عبئا على القيادة الفلسطينية، وكلنا أمل أن يكون هناك موقف مسؤول من القوى والأحزاب التي تطالب وتطالب دون أن تقوم بالحد الأدنى المفترض من موقف عملي باتجاه إعادة الأمور إلى نصابها، والحديث عن أية قضيّة بمعزل عن إنهاء الانقسام يبدو حديثا مبتورا، وهذه الحقيقة تغيب للأسف عن الكثيرين. لذا، فإن تواصل النقد من أجل النقد، يجب أن يتوقف، لتكون هناك وقفة موحدّة خلف الرئيس في هذا التوقيت الحرج، والكرة الآن في ملعب الفصائل والقوى، وهي مطالبة بأن تمنح الرئيس هامشا أكبر من حريّة التعامل مع القضايا الراهنة بعيدا عن منطق الأحكام الانطباعية المسبقّة، ومطلوب منها مواقف واقعية تنأى بنفسها عن الجانب الإعلامي، فما يجري عمليا على أرض الواقع يتطلب موقفا عمليا، والتقليل من التنظير المبالغ فيه، الذي عكس ذاته مؤخرا من خلال استثمار عدد من المواقف لصالح تحميل الأحداث فوق ما تحتمل، والأحداث العابرة يجب ألا تكون موجهّا لقرارات مصيرية، وهذه نقطة أغفلها كثيرون. بموضوعية يمكن القول إن الجهود الدبلوماسية للقيادة الفلسطينية نجحت في السنوات الأخيرة في تحقيق نجاحات تم التعبير عنها من خلال التصويت في الأمم المتحدة غير ذي مرّة، ولا زال صدى كلمات الرئيس"ارفعوا رؤوسكم، فأنتم فلسطينيون"، يتردد حاملا معه رسائل بوجوب مواصلة السعي لتحقيق التطلعات، وهذا لا يلغي بطبيعة الحال الحاجة إلى مراجعة متأنية لمجمل ما يرتبط بالقضية الفلسطينية، وفي طليعتها العلاقات الفلسطينية الفلسطينية، لأنها لا تقل أهمية عن القضايا الأخرى، بل هي الأساس الذي يوجّه الموقف في كثير من القضايا. الواقعية السياسية مطلب وضرورة، والمبالغة في طبيعة السيناريوهات الممكن طرحها قد تغفل جزءا كبيرا من الواقعية الواجب استحضارها بموازاة استثمار المواقف العربية المساندة والمواقف الدولية المشجعّة للبناء على ما تحقق، وصولا إلى ما يجب أن يكون. تحديّات كثيرة، وتوقيت حرج، وكلها مما يتطلب إخضاع الاعتبارات كلها لقراءة موضوعية متأنية، وأن يكون هناك إسناد معنوي من القوى والفصائل والفعاليات الشعبية والجماهيرية للسيد الرئيس، ولا زال الخطاب الإعلامي قاصرا حتى الآن عن التفاعل المرجو مع الإطلالة المنتظرة. الواقع على الأرض، وما يحمله معه من تحديّات يتطلب تحمّل الجميع مسؤولياتهم، فالمجتمع الدولي على المحك وقد حان الوقت فعلا لتحمّل مسؤولياته، وكذا القوى والفصائل التي لم تقدّم ما يشفع لها لإنهاء الانقسام وتعاملت مع أي حدث في قطاع غزّة باعتبار الانقسام أمرا واقعا، ومع أحداث مشابهة في الضفة الغربية بمنطق آخر، لتطرح هذه المنهجية تساؤلات تجمع بين الاستفهام والتعجب، تاركة الباب مشرعّا أمام المطالبة بتأمل ذاتي ومراجعة نقديّة لكثير مما حكم تعاملاتنا في الآونة الأخيرة مع قيادتنا التي وجدت أنفسها أمام ضغوط إضافية. إطلالة منتظرة، وأيّا كانت طبيعة ما ستحمله معها، فإن تقدير الجهد الدبلوماسي، وتثمين مواقف القيادة الفلسطينية، أمران يجب ألّا يغيبا عن البال، فما تحقّق كثير، وهو يستدعي مغادرة مربّع جلد الذات، وتجاوز نمطيّة النقد الهدّام الذي بات اكتشافه لا يتطلّب جهدا كبيرا. |