وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

العيد .... بعد ان يعبر سياج الامس

نشر بتاريخ: 28/09/2015 ( آخر تحديث: 28/09/2015 الساعة: 09:28 )
العيد .... بعد ان يعبر سياج الامس
الكاتب: عيسى قراقع
رجاء، ان يتوقف الجميع صباح عيد الاضحى المبارك، وان ينتظروا قليلا قبل ان يسير النهار المتثاقل والموجع في دواليب الوقت.

رجاء، ان نحصي همومنا السابقة وهمومنا القادمة، وان نزرع وردة بيضاء لامعة على كل قبر شهيد، ونحاكي الاساطير على عتبات بيوت الاسرى المضربين عن الطعام، بيتا بيتا، وان نرى السماء في عيون الامهات صافية لا تلبس بزة عسكرية اسرائيلية.

رجاء، لا تكثروا من تقديم الاضحيات، فالاضحيات تملأ الشوارع والعقول والمسافات الطويلة منذ النكبة حتى ساحات مساجد وكنائس القدس، الدم كثير، والمشهد الاحتلالي يغتال سورة الفاتحة.

العيد ينفجر الآن وهو يوجه التحية للاسرى المضربين عن الطعام، ولمن يقضي من عمره اكثر من 30 عاما، وهو يتسلق روحه سنة وراء سنة ليصل الى شفتي الشمس، وهي تنزف الماء لهبا على العالمين، كل عام وانت بخير يا كريم يونس.

العيد اليوم، بعد ان يعبر سياج الامس، ويتجاوز مئات المستوطنات والحواجز وقناصي الاطفال في العيسوية والنبي صالح، ويطرح الاسئلة الكبرى على الامم المتحدة وصانعي سلام الحرب في فلسطين، ما هذه اليد التي تمسك الموت بغصن أخضر؟

العيد اليوم بعد ان يعبر سياج الامس ويشعل الذاكرة، يقول: كم زنزانة مرت عن اجسادنا لتسقط الطيور من اغانينا، وكم مرة حفرنا قبورنا وخرجنا احياء نبحث عن كلماتنا الاولى، وكم مرة جرعنا الملح لنصل الى شاطيء اخر ونحن نمتطي صهوة الموج؟

رجاء، دعوا العيد الآن يعبر، يلبس جبة العالم، ينزل ضيفا على تل ابيب المعسكر، وهي تشيخ بأثقالها وحمولتها المسلحة، ودعوه يحك جلدة البحر المتوسط ليكشف عن عظامنا وقد صارت كبريتا احمر، هنا في غزة وهناك في الناصرة.

رجاء، دعوا رحم الفراغ السياسي يخبر اللاجئين عن حق العودة في الحلم او الواقع، ودعوا الرئيس ابو مازن يفجر قنبلته المتوقعة وهي تدق بين الظلام والنور، لعل الغد سيقدر ان يعبر عن سياج الامس، ويكون عيد، عصا موسى تشق البحر، نعبر الى جسد الارض.

أيها الرئيس: هل تأخذنا الى ارضنا نفسها، هذه التي تدور على جراحها، حيث نقدر ان نصرخ: ايها الانفجار الوردي في براكين حياتنا، متى تضع حدا لأطول احتلال في الدنيا؟

رجاء، للعيد هذا العام ذراع ثالثة، اسرى يراقصون العطش في الظلام، المخيم يفيض على مدى المخيلة، الأمام لا يلتفت للوراء ولا يدخل الحفرة ، وهذا الجيل مختلف يعوم في محيط الارق، رأيته في المخيم وبين الاسلاك الشائكة.

رجاء، دعو العيد يعبر سياج الامس، نحتفل بما تبقى لنا من شجر الزيتون ونسائم الهواء، الكرامة ام السياسة، والكرامة ام الحرب والسلام، جثث اطفالنا ونساءنا وعذابات اسرانا تختزنها الايام زيتا لقناديلها، ونضيء ونشتعل.

رجاء، دعوا العيد يعبر سياج الامس، لعلّ حبيباتنا الجميلات هناك، لعل الملح يقاتل الجفاف في الاجساد الواقفة، لعل الارض هذه المرأة محنية الظهر قادرة على الانجاب ، وعندما اطفأوا أعيننا رأينا اكثر من الغياب.

رجاء، دعوا العيد يعبر سياج الامس، لقد كنا نصرخ ونحن نيام، وكنا نصدق ان الوحدة عميقة بين الدم والسماء، وكنا نصدق ان لنا طفلا في عينيه نور لم يعرف من قبل، ولا زلنا نصدق اننا نحتفي بالحياة، ونحن نمزج بخور الكنيسة بهباء الجثث في الصلاة.

رجاء، دعوا العيد يعبر سياج الامس،
هذي هي الحقيقة تواصل سيرها بشهيدين:
واحد يبدأ بالحياة في الآخرة
وواحد ينتهي بالموت في حياة الذاكرة
انه تقويم عيد الاضحى