وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

ندوة حول: قراءات في أسباب السقوط ورؤى لعوامل النهوض

نشر بتاريخ: 03/10/2015 ( آخر تحديث: 04/10/2015 الساعة: 00:15 )
الخليل - معا - نظم فرع جامعة القدس المفتوحة بالخليل ندوة فكرية أدارها عبدالقادر الدراويش، تتعلق بواقع الأمة العربية وما به من مآس وكوارث وإقتتال وتفكك وغياب كامل للتأثير في القرار الدولي، بحضور عدد كبير من المثقفين وأساتذة الجامعات وممثلي المؤسسات ومن بينهم د. ميسر عمر من جامعة البرازيل الفيدرالية، ورشيد الرازم من جامعة "تمبوف" الروسية.

وقد افتتح الندوة الدكتور نعمان عمرو مدير فرع الخليل حيث رحب بالحضور بإسم رئيس الجامعة الأستاذ الدكتور يونس عمرو، وأشار اى أن للندوة لها هدفان الأول يتعلق بمناقشة واقع الأمة المرير وآفاق نهوضها من كبوتها وعودتها إلى أمة معطاءة ومنتجة والهدف الثاني تشكيل منبر فكري دائم للمفكرين والمثقفين والمهتمين والراغبين من أبناء محافظة الخليل.

وتحدث الدكتور يوسف أبو ماريا في الندوة مشيرا إلى أن الهدف الرئيسي من ورائها يتمثل في إثارة النقاش والحوار حول أهمية دور المثقفين واصحاب وجهات النظر الفكرية في التعاطي مع قضايا عصرية التي يعيشها الوطن العربي ودور المفكرين في اقتحام ميادين تقود إلى اجراء حوار شامل في القضايا التي تشغل مجتمعنا كمقدمة لإعادة صياغة الإطار المفاهيمي للكثير من هذه القضايا كمقدمة لنهضة المجتمع المدني وقرع جرس الحظر وخلق ظروف مكانية لثورة تساهم في المدى البعيد في كسر حالة الجمود والتقهقر الذي اصاب الأمة.

كما تضمنت كلمته تشخيص وتوصيف للواقع الذي يعيشه الوطن العربي من زاوية نظرية تحليلية حيث تم نقد الأفكار والمفاهيم والسياسات التي وجهت مسار الأمة في الوطن العربي في القرن العشرين والتي أدت إلى تشطير هذا الوطن الكبير وتحوله إلى ساحة هائلة للقتل والذبح وانعدام الحرية وتراجع التنمية إلى آخره.

وتطرق أبو ماريا إلى التطورات العربية أو ما سمي بالربيع العربي، وتم طرح أسئلة جوهرية لأسباب فشل هذه الثورات والذي تمثل بغياب الفكر والفلسفة من هذه التطورات مما حولها إلى حالات تمرد وغوغاء وأصبحت بوصلتها مرهونة بقيادات قصيرة النظر تحكم بها المال والثروة حيث لم تعكس تلك الثورات التطورات الصراعات الاجتماعية ولم تعكس فلسفة بعينه، وانما كانت تمرداً على مقومات الإنفعال الوجداني بلا هدف اجتماعي أو فكري.

من جهته قارب أستاذ علم الإجتماع الدكتور محمد فرحات في مداخلته اسباب الصعود او السقوط، فأوضح أن العرب تاريخهم على خصوصيته ليس خارج حكم القانون الحاكم في التاريخ الذي يقول بان التاريخ هو حصيلة لعمل الابنية وليس فيه شاردة او واردة الا ويجري ادماجها في سياق عمل هذه الابنية. وفي قراءته للأوضاع الراهنة يرى فرحات بان العرب الذي قال عنهم المستشرق الفرنسي جاك بيرك بانهم قد غادروا الدور التاريخي منذ الف عام ، لم يكونوا اقرب للعودة الى دور تاريخي ايجابي وواعد مثلما هم الان ، رغم ما يتضمنه الواقع القائم من دموية مادية ومعنوية وتفسخ ومشكلات، مشيرا الى البنيات القادرة في العالم العربي المتمركزة اساسا في الهلال الخصيب واليمن والجزائر ومصر عندما تستعيد دورها وشروطه اللازمة تشهد حركة دفاع وصمود عميقة ومقتدرة تتجه نحو حماية وتطوير نموذجها الثقافي الحضاري ومقاومة التحالف الموضوعي القائم بين الغرب الغاشم واسرائيل والتكفير، وفي تقديره فان الازمنة الصعبة هي التي تولد القوى والقدرات من الابنية الحية والقادرة وهذا ما نشهده في عمق المشهد القادم في الاقليم حاليا وهي مسالة سيكون لخواتيمها اصدائها الاستراتيجية في مستوى المنطقة وشعوبها وفي المستوى الكوني ايضا.

وقدم الدكتور محمد أسعد العويوي قراءة للواقع العربي فأكد على أن السقوط والنهوض هو قانون فيزيائي ينطبق أيضا على المجالات السياسية والإجتماعية، ودلل على كلامه من خلال تاريخ الأمم المختلفة، وبين أن صعود الأمة العربية في التاريخ جاء نتيجة مجموعة عوامل موضوعية تكاثفت مع بعضها البعض فشكلت قوة ناهضة إستطاعت أن تكسر أكبر الإمبراطوريات التي كانت تعاني الضعف والإنقسام، وهكذا وضمن هذا القانون صعدت امم وسقطت أخرى.

وقد تحدث في الندوة عدد كبير من المشاركين أضافوا إلى التشخيص السابق عدد من القضايا التي أدت إلى ضعف حضور الأمة العربية في المسرح الدولي غياب الفكر العلمي ، وإعتماد العقل العربي على مرجعيات مشوشة وغياب التربية الديمقراطية، وتشوه ممارستها ، وحصرها في الإنتخابات فقط ، الدور المتناقض وغير المتكامل لمؤسسات التنشئة الإجتماعية، قصور الدساتير وتغيرها بشكل مستمر، تقويض القانون من خلال طغيان الإنتماءات الفبلية والحزبية والإيدولوجية والجغرافية وإعتبار تلك الإنتماءات حامية للحق الشخصي وبديلا عن القانون، وجود ثقافة تشوبها الخرافات والأساطير، التخلف العلمي والتكنولوجي وإنعكاسه على المجالات الإقتصادية والعسكرية، تعظيم الأنا والميل للعمل الفردي ، غياب الحوار والإستعاضة عنه بالتنكر للأخر والإستماتة في إقصائه،وبين المتحدثون أن النهوض يستدعي معالجة القضايا السابقة علميا من خلال تفعيل العقل وإطلاق الحريات وبناء مؤسسات قوية وحية ونظامية، وإعتماد دستور حضاري ينظم الحياة السياسية بشكل ديمقراطي، صياغة منظومة قيمية حديثة لتشكل رافعة للمشروع النهضوي الحضاري.