وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

الدُمْدُمْ الاسرائيلي

نشر بتاريخ: 07/10/2015 ( آخر تحديث: 07/10/2015 الساعة: 11:34 )
الدُمْدُمْ الاسرائيلي
الكاتب: عيسى قراقع
تقيأ الفلسطينيون اتفاقيات اوسلو، نزعوها من حلوقهم بصعوبة، وباعلان حاسم من الرئيس الفلسطيني ابو مازن على منبر الجمعية العامة للامم المتحدة، وكانه يقول: انزلنا الستارة على تلك المصيدة والخديعة، عن هذا "الاحتلال الجميل"، الذي يريد ان يبقى احتلالاً مؤبداً، دون ان يدفع ثمن احتلاله لشعب آخر...

وينتصر الشعب الفلسطيني الآن للعدالة الدولية وللقانون الانساني، يضع فيه الروح والارادة من اجل توفير الحماية والتدخل وتحمل المسؤولية، ووضع كل القرارات والمواثيق الدولية على المحك في شوارع وحارات فلسطين، وبصوت شعبي منتفض: اما ان تكون السلطة الفلسطينية ناقلة الى دولة فلسطينية حرة ومستقلة، واما الطوفان، فالكرامة والحرية اغلى من لقمة العيش والشكليات، واجمل من البقاء عبيداً في معازل الاحتلال.

ينتزع الفلسطينيون الدمدم الاسرائيلي من عضلات اجسادهم وارواحهم، ومن ارضهم ومن حقولهم وقدسهم وسمائهم، بعد ان اصبحت اسرائيل دولة ابرتهايد تقبض على حياة ومصير الفلسطينيين، بقوانين حربية، وتنظيمات وعصابات المستوطنين الارهابية، تدمر كل حلم وكل امل للشعب الفلسطيني لأن يكون له مستقبل وسيادة على نفسه وارضه وثرواته.

الطفل الشهيد عبد الرحمن عبيد الله "12 عام"، اخترق الدمدم الاسرائيلي المتفجر قلبه، كان قميصه ازرق، صار احمر، وظلت حقيبة مدرسته على ظهره تزفه الملائكة، بينما اعدم الدمدم الاسرائيلي الشهيد فادي علوان في حارات القدس، وامام الصوت والصورة رقص المستوطنون حول موته في مدينة تحرسها الالهة...

القناصة الاسرائيليون على الابراج والحواجز العسكرية، يستبيحون دم راشقي الحجارة الاطفال، توسيع تعليمات اطلاق النار السهل، قرارات الاعدام الميداني، عشر رصاصات في جسد الطالبة هديل الهشلمون، ورصاصة من الخلف في ظهر احمد خطاطبة المعاق والاطرش العائد من شراء ملابس العيد لاطفاله الصغار، لم يسمع صوت الرصاصات الغادرة...

الدمدم الاسرائيلي يتفجر في المدن والمخيمات والقرى والبساتين، نيران تلتهم اشجار الزيتون والممتلكات وتحرق عائلة دوابشة، ورصاصة قاتلة في راس الشاب نديم نوارة، وتمزيق القدم اليمنى للطفل عيسى المعطي وهو يبحث عن برائته في نشيد الايام القادمة...

الدمدم الاسرائيلي يقتل 25 مواطنا اغلبهم من الاطفال منذ بداية العام، ويسيل الدم، وتفقد اسرائيل حصانتها الاخلاقية والانسانية، ليل هتلري في اسرائيل، صمت المجتمع الاسرائيلي الذي صار يحكمه قادة الحرب، دولة يحكمها الجنون والقرارات التائهة...

الدمدم الاسرائيلي يتوسع اكثر واكثر، في المعسكرات والسجون والزنازين، دمدم القمع والاعتداءات، دمدم الاهمال الطبي المتعمد، دمدم العزل الانفرادي، دمدم الاعتقال الاداري التعسفي، دمدم التعذيب والتنكيل بالاطفال، دمدم القضاء العسكري المتسلط على مباديء حقوق الانسان، دمدم يفجر الذاكرة...

على مسمع الخوذ البربرية، يطلقون النار على المدرسة والصبايا والصلاة في القدس، يتقنون الهجوم المفاجيء، يتقنون قنص الصغار، يتقنون بناء السجون وشد القيود، يتقنون اقتحام البيوت، يشعلون الارض تحت اقدامنا الحافية...

كيف حال دولة اسرائيل الان؟، انتهى وقت موتنا وفاض، اجساد قتلانا نخيلاً في الصحراء، مسيحنا قام من الصلب واعلن الميلاد، نجحنا في امتحان المعجزة، وسقط الاسرائيليون في امتحان الوجود...

الدمدم الاسرائيلي يغلق السلام والسماء، ثقافة الموت والعزلة والخوف تنتشر في لغة الاسرائيليين، اياديهم دم، كلماتهم دم، ليلهم موحش ومقلق، صورهم قادمة من ساحة المعركة وليس من البحر، لا اجازة الا مع الموت، اصبحوا اقوياء، تضخموا حتى نسوا ان عندهم اطفال...

هي كلمات قالها الشاعر سميح القاسم الذي لم يخش الموت:
آن ان يزهق الباطل
آن ان يعلم اللص والقاتل
أنه لن يطول الحوار
بين كف الشعوب ومخرز اعدائها
لن يطول الحوار