|
الوحدة وليس الشرذمة ،،شرط لتحصين هبة الكرامة نحو إنتفاضة حرية
نشر بتاريخ: 08/10/2015 ( آخر تحديث: 08/10/2015 الساعة: 12:37 )
الكاتب: جمال زقوت
وأخيراً هبَّ الناس دفاعاً عن كرامتهم، وعن حقهم في البقاء على أرضهم، خرجوا ليعلنوا إفلاس آليات البحث عن إمكانية إسترداد الكرامة والحقوق عبر دهاليز الإستجداء ,,, والسؤال ماذا بعد؟ و هل ما يجري من هبة يمكن أن يتحول إلى انتفاضة ؟ وهل شروط اندلاع إنتفاضة بخصائص المرحلة متوفرة ؟
في مقاربة مع الإنتفاضة الأولى، والتي اندلعت بفعل حدة حالة الإستقطاب بين الشعب الفلسطيني وتطلعاته الوطنية المشروعة وبين قوة الإحتلال وغطرسته، والشعور بالخطر على مستقبل هذه الحقوق، بل والخطر على الحياة... الذي تمثل في ذلك الوقت باستهداف حياة الناس ، سيما جريمة قتل الطفلة إنتصار العطار داخل مدرستها على أيدي أحد المستوطنين، ومن ثم جريمة مقتل العمال الأربعة شمال قطاع غزة، وما تلاها من جريمة قتل الشاب حاتم السيسي في مخيم جبالياخلال جنازة تشييع الشهداء العمال ,, كلها أحداث تتشابه إلى حدٍ بعيد بما يجري اليوم، فمن جريمة حرق محمد أبو خضير إلى جريمة حرق عائلة الدوابشة إلى قتل الشاب فادي علون بدم بارد في تحالف معلن بين أجهزة الأمن الإسرائيلي وعصابات الإرهاب الإستيطاني. كل ذلك يشكل عناصر تفجير استدعت ردود فعل شعبية على هذه الجرائم .... الفارق الجوهري، والذي بدونه لا يمكن، بل ومن المستحيل أن تتحول من ما يمكن تسميته بهبة الكرامة ، والدفاع عن الحق في البقاء ، الى إنتفاضة شعبية شاملة. هذا الفارق يتمثل في حالة الوحدة الوطنية المبنية على رؤية سياسية جامعة سبقت انطلاق الإنتفاضة الأولى، حيث كانت فصائل منظمة التحرير قد تمكنت من إستعادة هذه الوحدة في إطار المنظمة ، بعد تتويج إتفاق عدن الجزائر بعقد المجلس الوطني التوحيدي في نهاية عام 1987، والذي بإنجازه شكل الرافعة و الحاضنة السياسية، وأعطى رسالة قوية لشعبنا مكنته من استنهاض وتوحيد جهدهِ الكفاحي ضد سياسات الإحتلال وغطرستهِ، سواء ما يتعلق بمصادرة الأرض أو سياسة الضرائب والإعتقالات وإغلاق المؤسسات التعليمية وغيرها، وإنتهاءً بجرائم القتل البشعة. ولم تكن جريمة قتل العمال الأربعة سوى الشرارة التي فجرت الإنتفاضة الشعبية، ومهدت الطريق لتشكيل القيادة الوطنية الموحدة، والتي حددت في ندائها التأسيسي (نداء رقم 2) أهداف هذه الإنتفاضة وسمتها وأدواتها وشعارها الموحِّد، وهو ما مكنها بالفعل من الشمولية والإستمرارية وأكسبها طابعاً شعبياً وديمقراطياً عميقاً، ساعدها في تأطير وأستنهاض الطاقات الشعبية سواء في المواجهة مع قوات الإحتلال أو في ابداع الوسائل الشعبية للتغلب على أهداف ونتائج سياساته القمعية والدموية. ما يجري اليوم، ولشديد الأسف، فإنه يأتي في ظل حالة إحباط وغياب للثقة الشعبية من مختلف السياسات القائمة من قبل طرفي الإنقسام، بفعل عجزهما عن الإستجابة لتطلعات الشعب واحتياجاته و متطلبات تعزيز صموده ، أو قدرتهما على فتح ثغرة في جدار الإنسداد الذي يواجه المشروع الوطني. تجربة الإنتفاضة الأولى، وما حققته من إنجازات تاريخية، كما تجربة الثانية، وما ألحقته من خسائر رغم عِظَم التضحيات، تؤكد درساً لا يمكن تجاوزه أو القفز عنه بأن الإنتفاضات الشعبية "الفوق فئوية" هي القادرة على توسيع المشاركة الشعبية وتعميق طابعها الديمقراطي وتحصين قدرتها الكفاحية. إن أي حديث عن إمكانية تطوير هبة الكرامة الوطنية الراهنة إلى إنتفاضة شعبية شاملة دون نبذ حالة الإنقسام والفئويةالمتمترسة خلف سياسات بائدة ، هو حديث لا معنى له، هذا إن لم تتمكن إسرائيل من إستثماره كفرصة تاريخية لتنفيذ مخططاتها في ظل تردي الأوضاع العربية والدولية إزاء قضية شعبنا ومكانتها. الإغراق في الفئوية والحالة الإنقسامية هي مقصلة القضية الوطنية، ونبذها هو المدخل لنهوض وطني وبداية مرحله جديدة لإستعادة مكانه القضية، واسترداد حقوق شعبنا في الكرامة والحرية والإستقلال. هنا الأولوية الأساسية للحركة الجماهيرية، وهذا هو الطريق لتغيير موازين القوى الداخلية وفي الصراع مع الإحتلال حتى إجباره على التسليم بحقوقنا. إذاً، وبالقدر الذي يمكن أن تتواصل فيه هذة الهبة، فإنه من الواجب إنتزاع زمام المبادرة الشعبية بالضغط على قوى الإنقسام ونبذه، وبما يفتح الطريق لبلورة قيادة وطنية موحدة، ومؤسسات جامعة تتبنى رؤية وإستراتيجية حاضنة لهذه الهبة وكفيلة بإسنادها بكل عناصر القوة، و في مقدمتها الثقة والمصداقية و التنظيم ، القادرة على تحويلها إلى إنتفاضة شعبية شاملة تعيد للقضية الوطنية مكانتها، ولشعبنا ثقته بالقدرة على الإنتصار. و على هذا الطريق فإن أمام شعبنا مهمات أساسية للوصول إلى تلك اللحظة التي ربما لن تكون بعيدة ، والسؤال هو كيف ومن هي القوى التي لها مصلحة للانخراط في هذه العملية . هذا ما يجب على الحركات الاجتماعية والشبابية و جميع قوى المجتمع الحية ، وخاصة المتضررة من الانقسام ،التصدي له لإعطاء إجابات عملية عليه ...وللكلام بقية. |