وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

الهبة الشعبية تؤكد ترابط النضال الوطني بالبعد الدولي للقضية الفلسطينية

نشر بتاريخ: 16/10/2015 ( آخر تحديث: 17/10/2015 الساعة: 00:47 )
رام الله - معا - قال مسؤولون سياسيون وخبراء قانونيون وباحثون محليون ودوليون إن الموجة الانتفاضية المتصاعدة في مواجهة نظام الاستعمار الاستيطاني والجرائم التي يرتكبها تؤكد أهمية إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية، وتبني إستراتيجية وطنية شاملة يكون أحد أبرز مكوناتها تفعيل البعد الدولي الداعم لنضال الشعب الفلسطيني واستخدام الأدوات التي يتيحها القانون الدولي، على أن يكون عمادها الأساسي توسيع وتنظيم المقاومة ضد الاحتلال والاستعمار، وبخاصة المقاومة الشعبية، والعمل على إحداث التغيير المنشود في ميزان القوى، والتبني الكامل لبرنامج حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وصولا إلى فرض العقوبات على إسرائيل وزيادة كلفة الاحتلال.
جاء ذلك خلال أعمال اليوم الأول للمؤتمر السنوي الرابع للمركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الإستراتيجية (مسارات) التي انطلقت أمس (الخميس) 15 تشرين الأول/أكتوبر تحت عنوان "القضية الفلسطينية والبعد الدولي .. الفرص والمتطلبات الإستراتيجية"، في قاعات جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في البيرة وغزة عبر تقنية الاتصال المرئي "فيديو كونفرنس"، ومع عمان وبيروت عبر "سكايب"، بحضور أكثر من 500 مشارك، من بينهم أعضاء في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير والمجلسين الوطني والتشريعي ومسؤولون من القوى السياسية ومؤسسات قانونية وبحثية وجامعية، إضافة إلى ممثلين عن الأمم المتحدة وعدد من البلدان الأجنبية.
وينظم المؤتمر برعاية كل من: شركة اتحاد المقاولين CCC، شركة فلسطين للتنمية، بنك فلسطين، بنك القدس، د. نبيل القدومي، مؤسسة الناشر، مؤسسة منيب رشيد المصري للتنمية، مجموعة منير سختيان، شركة بيت جالا للأدوية، نساء من أجل السلام حول العالم.
وشدد المشاركون على ضرورة إحياء وتفعيل دور البعد الدولي كرافعة أساسية في الكفاح الوطني التحرري للشعب الفلسطيني، في ظل تصاعد الحالة الشعبية الانتفاضية في مواجهة قوات الاحتلال والمستوطنين، وأهمية تبني إستراتيجية وطنية قادرة على استعادة مكانة القضية الفلسطينية على المستوى الدولي كقضية تحرر وطني.
وأكدوا على أن أي إستراتيجية فلسطينية للمرحلة القادمة يجب أن تنطلق من السعي لإحداث تغيير تراكمي في ميزان القوى عبر سياسات تفعيل التكامل بين الكفاح الوطني التحرري في مواجهة النظام الصهيوني الاستعماري العنصري وتفعيل البعد الدولي في هذا الكفاح، عبر سياسة شاملة للتحرك في منظومة وكالات الأمم المتحدة، واحتكام دول العالم إلى قواعد القانون الدولي في تعاملها مع إسرائيل، وتوسيع حركة المقاومة وحملات التضامن الدولي مع كفاح الشعب الفلسطيني.
وقال مؤسس مركز "مسارات"، رجل الأعمال والشخصية الوطنية البارزة، عبد المحسن القطان، في افتتاح أعمال المؤتمر: إن مركز "مسارات" خُلق من أجل النظر بعمق وفهم للمجتمع الإسرائيلي ومصادر دعمه الداخلية والخارجية وكيفية مواجهته عبر تجميع أصحاب العقل والفكر. ولعل هذا من الاسباب التي جعلت المركز يتوسع ويتقوى بهذه السرعة ليشكل حالة غير مسبوقة في خلق حالة جدلية مجتمعية بين كافة الفئات لرسم السياسات ومساعدة القيادة في اتخاذ قراراتها، وليكون منبرا للأجيال الشابة.
وشدد هاني المصري، مدير عام مركز مسارات، في كلمة اللجنة التحضيرية للمؤتمر، على ضرورة إطلاق مبادرة سياسية مختلفة جذريا عن ما سمي عملية السلام، والعمل على تغيير موازين القوى على أساس أن الصراع سيأخذ وقتا طويلا، وسيحسم في النهاية من خلال الحقائق التي سترسم على الأرض والتي سيتم تكريسها دوليا لاحقا.
وقال المصري: إن تدويل الحل المطروح صار خيارا عقيما لانه يعيد انتاج خيار المفاوضات الثنائية برعاية أمريكية أو رعاية دولية شكلية، دون أسس أو مرجعيات، ودون التزام بالقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة. فتدويل الحل أكثر ما يمكن أن يصل إليه هو تغيير بعض الأسس والآليات التي حكمت المفاوضات والابقاء على الجوهر. أما تدويل الصراع، فمعناه إحياء العامل الدولي في دعم الكفاح الفلسطيني من أجل ضمان ممارسة الشعب الفلسطيني لحقه في تقرير مصيره.
ونوه إلى أن هناك من يتعامل مع التدويل كجزء من بديل استراتيجي عن المسار السابق وشق الطريق لمسار جديد مختلف كليا، وهناك من يقصد بالتدويل التحرك الدبلوماسي لاستصدار قرارات أو اطلاق مبادرات دولية تسهم في تحسين شروط المفاوضات ضمن اطار "حل الدولتين"، أي التعامل مع التدويل كتكتيك لتحسين شروط الواقع القائم تحت سقف مسار أوسلو.
وتحدث في الجلسة الافتتاحية (جلسة ضيوف الشرف) التي ترأسها رئيس مجلس أمناء مركز مسارات د. ممدوح العكر، كل من: د. محمد مصطفى، د. مروان المعشر، د. نيكولاي ملادينوف، د. ناصر القدوة.
وقال العكر إن خيار التدويل لا بد ان نلجأ اليه كخيار بديل وليس أصيلا الى جانب الخيارات والعناصر الأخرى، محذرا من تبني هذا الخيار وفق المعنى المتداول للتدويل "دون إدراك الأبعاد والمكونات المختلفة والمترابطة لاستراتيجية عمل فلسطيني قادرة على التقاط واستجماع كافة عناصر وأدوات القوة التي تمتلكها قضيتنا".
وشدد على أن جوهر استراتيجية التحرر هو جعل مشروع أي محتل أو مستعمر أو مستوطن مشروعا مكلفا، وقال: الجهد القائم حاليا على صعيد البعد الدولي للقضية، وتفعيل القانون الدولي، يجب أن يكون جزءا لا يتجزأ من استراتيجية واحدة وشاملة عمادها الأساسي المقاومة الشعبية ضد الاحتلال والاستيطان؛ نظام الابرتهايد والعنصرية، وإحداث التغيير المنشود في ميزان القوى، والتبني الكامل لبرنامج حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وصولا الى فرض العقوبات، والسعي الحثيث والجاد والمبادر لإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية بدءا من عقد الإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير.
بدوره، أكد مصطفى، رئيس مجلس إدارة صندوق الاستثمار الفلسطيني، على أهمية الاقتصاد كأداة استراتيجية للنضال في الماضي والمستقبل.
وقال: أمامَ تعثرِ المسار السياسي، وجهودِ القيادة السياسية في البحث عن سُبِل الخروج من دوّامة المفاوضاتِ الثنائيةِ اللامتناهية بدون مرجعياتٍ ملزمةٍ للجانب الإسرائيلي، جاء التوجهُ من القيادة باتباع استراتيجياتٍ جديدة تهدفُ إلى كسرِ عُنُقِ الزجاجةِ والحلقةِ المفرَغة للعمليةِ السياسيةِ، بمفهومِها وممارساتِها السابقة، بهدفِ العودةِ إلى الطريقِ السريع نحوَ الحريةِ والتخلصِ من الاحتلال وتحقيقِ الاستقلال الوطني. وكانت محصلةُ ذلك، التوجه على مسار القانونِ الدولي، والمقاومةِ الشعبيةِ السلمية، والسياسةِ الدولية.
وتطرق الى برنامج العمل المقترح فيما يخص العلاقة التعاقدية القائمة مع الاحتلال الإسرائيلي، وقال: لا بد من تغيير بروتوكول باريس، وأن يتضمن هذا البرنامج تجنيدُ العلاقة مع المجتمع الدولي بهدف منع إسرائيل من جني فوائدَ اقتصادية من الاحتلال.
وأضاف: الهدف هنا تحويلُ المعادلة بالنسبة لإسرائيل "من الفائدة إلى التكلفة"، وذلك من خلال تجنيدُ الأطراف الدولية لدعم تجريم "اقتصاد الاستيطان" من ناحية، ومنعِها من استغلالِ المواردِ الطبيعيةِ الفلسطينية من ناحيةٍ أخرى، وإعادةُ صياغةِ العلاقةِ مع الدولِ المانحة والمؤسساتِ المالية الدولية، والعملُ على تعزيزِ البعدِ والدعمِ الدولي لتنفيذِ برنامجٍ وطنيٍ بهدف الوصولِ إلى الاستقلالِ الاقتصادي وتوطينُ الاقتصاد من أجل إنجاح عملية تدويله".
وشدد المعشر نائب رئيس الوزراء، وزير الخارجية الأردني السابق، على أن أساس النضال يجب أن يكون فلسطينيا داخليا، مؤكدا أن "حل الدولتين مات"، فلا يمكن أن يكون هذا الحل قابلا للتنفيذ ضمن الظروف الحالية في ظل الرفض الاسرائيلي له، وغياب الضغط الدولي لانهاء الاحتلال، ورفض الاتحاد الأوروبي لأخذ دوره القيادي، وموقف عربي منشغل داخليا.
وقال المعشر: إن المبادرة العربية للحل ماتت بعد أن أطلق عليها نتنياهو عدة رصاصات، ودق آخر مسمار في نعشها موت ملك المملكة العربية السعودية عبد الله بن سعود، مؤكدا أن "تدويل الحل لا مجال له للنجاح ضمن هذه المعطيات، لذلك يجب التركيز على رفع كلفة الاحتلال فلسطينيا من خلال حملة المقاطعة والمحكمة الجنائية الدولية والحاجة لمقاربة عربية جدية لا تعامل إسرائيل كشريك للسلام".
من جانبه، أكد ملادينوف، منسق الأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط، على حق الشعب الفلسطيني بأن يكون له دولته، وقال: نحن ملتزمون بمساعدته لتحقيق تلك الدولة، ولا بديل عن حل الدولتين، إلا أنه استبعد فرصة نجاح أي مفاوضات دون تغيير للواقع القائم على الأرض.
وأكد أن الجيل الشاب نزل للشارع لفقدانه الأمل، وأن اتخاذ إجراءات إسرائيلية تزيد من فقدان الأمل بدلا من استعادته لا يمكن أن تساهم في تهدئة هذا الجيل، محملا اسرائيل ومشروعها الاستيطاني برمته المسؤولية الكاملة، والذي يشكل حافزا لانتفاضة جيل الشباب الفلسطيني، ومؤكدا أن "الاحتجاجات السلمية هي استراتيجية جيدة، وعلينا احترام الوضع التاريخي القائم في القدس"، دون محاولة فرض وقائع جديدة.
وطالب القدوة، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، رئيس مجلس ادارة مؤسسة ياسر عرفات، برصد الاجراءات الاسرائيلية بدقة ومواجهتها وفضحها محليا ودوليا، وتبني السياسات والمواقف الناجعة المقنعة لشعبنا وللجيل الجديد بشكل خاص، والمقبولة دوليا، وتحديد أولويات الصراع بما يمكن من تحديد الاتجاه والالتقاء مع الهبة التي تشكل ارهاصات للانتفاضة الثالثة.
وحذر القدوة من تكرار ترويج مصطلح "التدويل" دون فهم دقيق لأبعاده السياسية والقانونية، لا سيما أن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي هو صراع دولي بامتياز، إذ أنه صراع ذا طبيعة دولية، منوها إلى أن الاكثر صحة هو ما جاء في عنوان المؤتمر من إشارة إلى "البعد الدولي للقضية الفلسطينية"، خلافا لتكرار مصطلح "التدويل" في بعض عناوين الأوراق المقدمة للمؤتمر.

نحو فهم أعمق لمقاربة التدويل
وناقشت الجلسة الأولى "نحو فهم أعمق لمقاربة التدويل" التي ترأسها رئيس مجلس إدارة مركز مسارات، سعد عبد الهادي، أوراق كل من د. ياسر العموري "تدويل القضية الفلسطينية من منظور قانوني"، ود. مصطفى البرغوثي "حركة المقاطعة وفرض العقوبات كأحد أركان الإستراتيجية الفلسطينية"، وأخيرًا قدم صلاح عبد العاطي ورقة بعنوان "السياسات والمسارات المطلوبة لمحاسبة الاحتلال الإسرائيلي ودعم الحقوق الفلسطينية".
واعتبر العموري، عميد كلية الحقوق في جامعة بيرزيت، انه لا يمكن الوصول الى تدويل القضية الفلسطينية إلا باعتماد استراتيجية وطنية فلسطينة قانونية قائمة على مجموعة من الاسس العلمية الدقيقة، وقال: لتحقيق غايات تدويل القضية الفلسطينة علينا التيقن من جاهزية أسس هذا التدويل، فلا يمكن اخراجه على الساحة الدولية دون التأكد من جاهزيتنا على المستوى الداخلي.
وشدد على ضرورة اصلاح النظام القانون الفلسطيني بشكل يتلاءم مع متطلبات التدويل، وضرورة تنظيم عمل وتبعية البعثات الدبلوماسية التي تعد من اهم المؤسسات الرسمية لقيام منظمة التحرير بواجب التدويل القانوني. وهذا يحتم التنبه وعدم اغفال الاشكالية القائمة بالممارسة والخاصة بتبعية البعثات الدبلوماسية الفلسطينية للسلطة.
ونوه العموري إلى أن الحاجة لتبني الاستراتيجية القانونية واستخدام القانون الدولي بشكل فاعل كأداة نضالية للتحرر من الاحتلال هي اكثر من كونها مجرد اداة تكتيكية يمكن المساومة على تفعيلها أو العمل بناء عليها، لانها تمثل حقا مشروعا شعبنا ويجب ان تكون بمعزل عن الصفقات السياسية.
من جانبه، دعا النائب البرغوثي، أمين عام حركة المبادرة الفلسطينية، إلى ضمان عدم الانزلاق السياسي وطالب بوقف التنسيق الامني بالكامل، وفك الارتباط مع الاحتلال ومؤسساته، وتحقيق وحدة القرار السياسي ووحدة الكفاح، مشددا على اهمية حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات من اسرائيل، والعمل على خلق اقتصاد مقاومة، وبخاصة أن اتساع المقاومة الشعبية في مواجهة الاحتلال والاستيطان تؤكد الحاجة الى وجود قيادة وطنية موحدة وعدم البقاء منقسمين والدماء تسيل في فلسطين.
وطالب الحقوقي عبد العاطي بالبدء في إقرار وتطبيق استراتيجية شاملة تقوم على استخدام كافة الأدوات والتحركات الكفاحية والدبلوماسية والسياسية الهادفة إلى عزل ومقاطعة ومحاسبة الاحتلال الإسرائيلي، وإعادة القضية الفلسطينية إلى رحاب الشرعية الدولية بمؤسساتها وقراراتها، ومواصلة الاشتباك السياسي والدبلوماسي وحملات المقاطعة والمحاسبة للاحتلال، ومتابعة الجهود الفلسطينية والعربية والدولية لضمان قيام الأطراف السامية المتعاقدة على اتفاقيات جنيف بواجباتها بالضغط على سلطات الاحتلال، من أجل أن توقف احتلالها وعدوانها على الشعب الفلسطيني، وإجبارها على الالتزام بأحكام القانون الدولي الإنساني.
ونوه عبد العاطي إلى اهمية بلورة استراتيجية تضم أساليب واضحة وموحدة، من أجل الاستفادة من دور المؤسسات الدولية، مع التأكيد على أن العامل الحاسم في نهاية المطاف هو ترتيب البيت الداخلي، واستعادة الوحدة، والعمل على المسارات كافة بشكل متوازٍ.

المتطلبات السياسية الداعمة للتوجه إلى المؤسسات الدولية
وفي الجلسة الثانية التي ترأسها د. مجدي المالكي، عميد كلية الآداب في جامعة بيرزيت، تحدث نائب الأمين العام للجبهة الديمقراطية النائب قيس عبد الكريم، حول المتطلبات السياسية الداعمة للتوجه إلى المؤسسات الدولية، وقدم فيها مدير عام مؤسسة "الحق" شعوان جبارين ورقة حول "الانضمام خطوة ... والتفعيل سياسة وخطوات"، بينما عرض مدير مركز الميزان عصام يونس ورقة حول "التدويل: قفز في الهواء أم أداة كفاحية لتعظيم الاشتباك السياسي والقانوني"، كما قدمت من لبنان د. فالنتينا أزاروفا ورقتها المعنونة بـ "مقاربات بديلة للتدويل على أساس قانوني والنضال الفلسطيني التحرري".
وشدد عبد الكريم على ضرورة ربط اي تحرك دبلوماسي لتحقيق استراتيجية تدويل القضية ببعد المقاومة الشعبية على الارض، ومعاقبة اسرائيل على جرائمها، واعادة النظر في العلاقات التي حددتها المرحلة السابقة ما بين السلطة واسرائيل، وقال: الحل يجب ان يكون دوليا باشراف ورعاية المجتمع الدولي على أساس القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية.
وطالب جبارين ويونس بتفعيل آليات محددة لتنفيذ قرارات أممية تتعلق بالشعب الفلسطيني وقضيته وموارده، واكدا ان الانضمام للامم المتحدة خطوة مهمة لكنها غير كافية وبحاجة الى إرادة سياسية والى امكانات وبنية تحتية مؤهلة حتى لا تتحول هذه الآليات والاتفاقيات الى سلاح ضدنا.
وشدد كلاهما على أهمية ان يشكل القضاء الفلسطيني قاعدة في موضوع القانون الدولي وتسجيل قضايا جرائم الحرب التي ترتكب حاليا في فلسطين وملاحقة مرتكبي هذه الجرائم.
وانتقدا التقاعس والنكوص الرسمي في ملاحقة المرتكبين لجرائم الحرب لتقديمهم إلى القضاء الدولي، وطالبا بالانضمام إلى اتفاقيات حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني والأجسام الدولية، وتفعيل التقدم بقضايا إليها، ومن بينها محكمة الجنايات الدولية، بما يعزز من مكانة دولة فلسطين ويفعل مبدأ المحاسبة، وبخاصة مبدأ العقوبة فردية، ويعني ذلك ضمناً تحميل إسرائيل المسؤولية الجنائية والمسؤولية المدنية عن كل ما حصل وما يحصل في الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة، لاسيما حق السكان المدنيين الأبرياء والعزل في الحماية.

الصراع، السلام، البعد الدولي: رؤى نسوية
واختتم اليوم الأول للمؤتمر بـ (مائدة مستديرة) نسوية ترأستها د. فيحاء عبد الهادي، بعنوان: "الصراع، السلام، البعد الدولي: رؤى نسوية"، بمشاركة كل من د. إيلين كتاب، خلود المصري، سمر الأغبر، ريما ترزي، ريما نزال، ماجدة الحلو، ساما عويضة، زهيرة كمال، مريم أبو دقة، سامية الزبيدي، ومنى الخليلي.
ونظمت هذه الجلسة الخاصة، التي شملت تقديم ثلاث أوراق والتعقيب عليها من المشاركات وعدد من الحضور في البيرة وغزة، بالتزامن مع الجلسات الحوارية التي تنظمها "نساء من أجل السلام عبر العالم" في العديد من البلدان.

وناقشت المشاركات في الجلسة التدويل والقرار 1325، وأكدن أن التدويل بالمفهوم النسوي للقرار يعني مساءلة الاحتلال، وتوثيق الانتهاكات ضد النساء والمقدسيات واللاجئات وضد النساء في غزة، وذلك من أجل تقديمها للمؤسسات الدولية ذات الاختصاص (مجلس حقوق الانسان ومحكمة الجنايات)، وللمساهمة في إلزام ومساءلة المجتمع الدولي حول دوره ومسؤوليته القانونية الدولية اتجاه حماية النساء الفلسطينيات من انتهاكات الاحتلال استنادا للقرار وبهدف تنظيم جلسات الاستماع واستخدام جميع الآليات الدولية وكذلك تقديم الشهادات.

المرأة .. السلام .. المقاومة
ووجهت المشاركات التحية للنساء والشابات المشاركات في الهبة الشعبية الانتفاضية جنبا إلى جنب مع أبناء الشعب الفلسطيني من مختلف الفئات، وطالبن بتطبيق كل قرارات الأمم المتحدة المتصلة بالقضية ولصالح الشعب الفلسطيني، ومنها قرارات 338، و242، و194، ومتابعة التطبيق والتنفيذ على الأرض، ووضع برنامج وطني يتبنى كل أدوات النضال والمقاومة، وما لديه من أوراق قوة كخيارات شرعية ومتبناة، وأن لا تحل أداة مكان أداة، أو على حسابها، وإنما تستخدم كل الأدوات بشكل متناغم ومنسجم، بحيث تتبادل الأدوار بما يخلق حالة من التكامل.

وطالبت النساء بالمقاومة من خلال خلق آليات محاسبة للمجتمع الدولي الذي يستخدم المعايير المزدوجة لتهميش القضية الوطنية، مشددات على مواجهة البطريركية الداخلية كمؤسسة في أبعادها الشاملة، التي هي مسؤولة عن تهميش دور المرأة، فتحقيق كل حقوقها السياسية والاجتماعية والاقتصادية يجعلها قادرة على تحقيق ذاتها كجزء أساسي للسلام الداخلي في المجتمع. وأكدن أن تحقيق حقوقها ورغباتها وتأكيد إنسانيتها في كل المقاييس، وعدم المس بهويتها الذاتية وكرامتها الإنسانية، من شأنه أن يشكل، واقعياً، القاعدة الأساسية لتحقيق السلام العادل للنساء والرجال.
يذكر أن المؤتمر يواصل أعماله صباح الجمعة في البيرة وغزة، حيث تنظم ثلاث جلسات، تتناول الأولى التي يترأسها د. أحمد جميل عزم "التدويل والتعريب"، ويتحدث فيها كل من د. نبيل شعث، ود. باسم نعيم، ود. نبيل قسيس، ود. كميل منصور، تتناول الثانية التي تترأسها نادية أبو نحلة "ساحة الصراع الدولي"، ويتحدث فيها كل من معين رباني، ود. سامية البطمة، ود. مهند مصطفى، ود. عبير ثابت، فيما تتناول الجلسة الثالثة التي يترأسها طلال عوكل "التدويل والإستراتيجية الوطنية"، ويتحدث فيها د. جمال الخضري، ود. جورج جقمان، ود. إبراهيم أبراش، ود. عزمي الشعيبي. وتختتم أعمال المؤتمر بجلسة يعرض فيها خليل شاهين أبرز الاستنتاجات والتوصيات من أعمال المؤتمر.