وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

رسالة للرئيس عشية خطابة أمام مجلس حقوق الإنسان

نشر بتاريخ: 23/10/2015 ( آخر تحديث: 23/10/2015 الساعة: 11:55 )
رسالة للرئيس عشية خطابة أمام مجلس حقوق الإنسان
الكاتب: الدكتور المحامي معتز قفيشة
بتاريخ 28 تشرين الأول/ أكتوبر 2015، سيلقي الرئيس محمود عباس خطابا أمام جلسة خاصة لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في مدينة جنيف السويسرية والتي ستبث على الهواء مباشرة. من المتوقع أن يركز الرئيس عباس على الانتهاكات والجرائم الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني خلال الانتفاضة الحالية التي بدأت مطلع هذا الشهر. هذا جيد. لكنموضوع الجرائم الإسرائيلية، على أهميته، ليسما أريد أن أتحدث عنه في هذه المناسبة.

أتمنى أن يشكل خطاب الرئيس بداية لتفاعل فلسطين، كدولة، أمام المجلس ونظام الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بشكل عملي. نريد أن يتم ترشيح أسماء لفلسطينيين ليعملوا كمقررين خاصين بحقوق الإنسان وخبراء وموظفين من فلسطين للعمل في أجهزة الأمم المتحدة الحقوقية، تماما مثل مواطني باقي الدول الأعضاء في هذا النظام. نريد ترشيح أعضاء للجان الأمم المتحدة الخاصة بحقوق الإنسان: اللجنة المعنية بحقوق الإنسان (المدنية والسياسية)، لجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، لجنة حقوق الطفل، لجنة حقوق ذوي الإعاقة، لجنة منع التعذيب، لجنة حقوق المرأة، ولجنة مناهضة التمييز العنصري. أصبح لنا الحق بترشيح أعضاء لهذه اللجان السبع منذ أن انضمت فلسطين للاتفاقيات المؤسسة لهذه اللجان في نيسان/ أبريل 2014. كما نريد من فلسطين أن تنضم لاتفاقيتي الاختفاء القسري والعمال المهاجرين ولكافة البروتوكولات الملحقة باتفاقيات حقوق الإنسان الرئيسية التسع. (وفي موضوع ذي صلة، نريد من فلسطين أن ترشح مواطنين للعملكقضاة في المحكمة الجنائية الدولية.)

إذا كانت فلسطين صادقة في توجهها نحو احترام حقوق الإنسان فدعنا، سيدي الرئيس، ننضم إلى نظام الشكاوى المعمول به تحت اتفاقيات منع التعذيب، العهدين الدوليين لحقوق الإنسان، واتفاقية حقوق المرأة. لنفتح المجال لكل من يريد أن يقدم شكواه ضد أجهزتنا الرسمية ليفعل ذلك، كما تعمل الدول المتقدمة التي تحترم حقوق الإنسان بحق. لنقدم تقارير ذات جودة مهنية عالية ومصداقية للجان الأمم المتحدة التي انضممنا إليها. لندرب الكوادر الفلسطينية لتكون قادرة على تقديم تلك التقارير. لنستجيب لتوصيات المقررين الخاصين ولجان الأمم المتحدة التي ترشدنا إلى الثغرات التي تعتري نظامنا القانوني وسياساتنا وتصرفات مؤسساتنا الرسمية. ولم لا ننضم أيضا للملحق الثاني بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية السياسية المتعلق بإلغاء عقوبة الإعدام التي ثبت فشلها في منع الجرائم وألغتها معظم الدول الديمقراطية؟

يشكل انضمامنا لاتفاقيات حقوق الإنسان فرصة تاريخية لإصلاح نظامنا القانوني. فرصة لتحريم التعذيب ومعاقبة من يمارس التعذيب. فرصة لمنع الاعتقال التعسفي، خاصة السياسي، تحت أي ذريعة كانت وفي إطار أي إجراء مفتعل. لنعمل على مساواة المرأة بالرجل والقضاء على العنف ضد النساء وضمان حقهن بالميراث. لنعمل على تبني قانون عقوبات عصري يضع جزاء للحدمن الجريمة من جهة ويحترم حقوق الموقوفين ويجرم قتلة النساء. لنعمل على تجفيف منابع الانتقام وتهجير أهل من يرتكب جريمة ولنجعل العقوبة شخصية. لنحرم حبس المديون. لنضع ضوابط وإجراءات دقيقة لحالة الطوارئ. لنعمل على توفير بيئة نظيفة وحق لكل مواطن بالعلاج وتأمينات الشيخوخة والعجز وإصابات العمل. لنعمل على إنهاء التمييز على أساس مناطقي أو حزبي أو ديني. لنلغي الواسطة ونقضي على الفساد. لنرتقي بالتعليم المدرسي والجامعي إلى مستوى العالمية. لنقوي ثقافة الحرية الأكاديمية والبحث الحر وحق التظاهر وتشكيل الجمعيات ونلغي ثقافة تخويف أو شراء وسائل الإعلام. لنوظف ولنتعامل مع ذوي الإعاقة والأيتام وكبار السن على أساس الحق، لا الشفقة والمنة. لنلغي عمالة الأطفال واستغلالهم. لنصدر قانون عصري للجنسية الفلسطينية، يحدد من هو الفلسطيني ويضمن الحماية الدبلوماسية للمواطن وللاجئ الفلسطيني في أي مكان في العالم. لنعزز استقلال القضاة والمحامين وأعضاء النيابة العامة عن السلطة التنفيذية. لنجري الانتخابات في موعدها. لنضع خطة شاملة حقيقية، ذات جدول زمني وميزانية وطاقم مؤهل، لتحقيق ما تقدم.

بالإضافة إلى مقارعة العنصرية الإسرائيلية والإجرام الصهيوني ضد شعبنا من خلال مجلس حقوق الإنسان نريد، سيدي الرئيس، أن تحترم فلسطين التزاماتها كدولة في مجال حقوق الإنسان. يكفينا شعارات. لنبدأ بالعمل. إذا كنا نريد من العالم أن يحترمنا، فعلينا أن نحترم التزاماتنا أولا!