|
فلسطين تستحق الأفضل بروح الكرامة .لا بكثرة المحللين والمتعقلينين
نشر بتاريخ: 25/10/2015 ( آخر تحديث: 25/10/2015 الساعة: 12:37 )
الكاتب: المحامي صلاح الدين علي موسى
هذه هي المواجهة .. فلسطين تستحق الأفضل بروح الكرامة .لا بكثرة المحللين والمتعقلينين
إن ما يجرى الآن في الأراضي المحتلة في فلسطين كل فلسطين يضع إطار جديد للصراع بين الشعب الفلسطيني والمشروع الاستيطاني الصهيوني. لن أضيف حين أقول أنها المرة الأولى ومنذ سنوات طوال يشارك الكل الفلسطيني في أتون المواجهة بقيه إن تدخل ساحات لبنان وسوريا والأردن وساحات أوروبا والأمريكتين نيران هذه المواجهة كل حسب إمكانياته وقدراته، ما دام إن طابع هذه المواجه المواجهة الظاهر لأسباب دينية وعقائدية لها علاقة بما يحصل في المسجد الأقصى ، ولا نريد إن نقول انه صراع ديني بالمفهوم الشمولي و/أو البعد التاريخي الذي يعيدنا إلى الحروب الصليبية ولكن واقع هذه المواجهة أتي هذه المرة لتبدأ مرحلة الإحلال والسيطرة الفعلية الصهيونية على المسجد الأقصى، حتى الأردن أكثر الدول اعتدالا وعقلانية فقد بوصلة الأمل في الخروج الهادئ من هذه المواجهة التي فرضها الاحتلال. لا نريد إن نبالغ و/أو نزايد على احد حول مضمون المواجهة والى أين ستصل بنا، نحن الجيل الذي عاصر الانتفاضة الأولى والثانية وما بينهما من هزائم ما زلنا نعيش عقدة الماضي ونحاول إن نقرأ المواجهة بأمل الانتصار و/أو نخشى إن نهزم كما هزمنا في المواجهات السابقة، كل منا يضعها في سياق القبول العام للحالة الوطنية، فإذا كانت هذه المواجهة هي عابرة للتنظيمات فهي بالأصل عابرة للأديان و عابرة للمرحلة التاريخية التي لا يستقيم معها أية مقومات المواجهة الممكنة بالمعايير الذاتية والموضوعية الفلسطينية والعربية والدولية. أطلق على هذه الحالة(المواجهة التاريخية) إنها الفرصة الأخيرة، نعم الفرصة الأخيرة إما إحداث التراكم الكمي في هذه المواجهة التاريخية أو الخسران المبين، لتسقط أخر قلاع المواجهة إلا وهي الجيل الذي يقود ويفجر أتون هذه المواجهة، هذا الجيل الذي بدأ يتلمس طريق الكرامة، والبحث عن الخلاص الفردي من الظلم في ظل تراجع الإحساس الجمعي في مواجهة المشروع الصهيوني، نعم إنهم وبروح المرحلة يمارسون ذات طقوس المرحلة البحث عن الخلاص الفردي نظرا لعدم ثقتهم في المنظومة الجمعية للمجتمع وللسلطة ولكل الجهات المحلية والعربية والدولية. حاول العديد من المختصين والمحليين في الانتفاضة الثانية تفسير هذه الروح الجامحة والمستعدة لتفجير نفسها والتشظي لمواجهة قوة الاحتلال والقمع فهزمت القيادة الفلسطينية سياسيا وانتصر الشهداء في ساحة المواجهة وسقطت جولة الانتفاضة في شباك الهزيمة فتراجع الكل وبدأ العديد من الجهات الفلسطينية بتحميل كل طرف مسئولية هذه الهزيمة. هذه المرة يخرج علينا الكثيرين من الكتاب والمحليين الذين اتخمونا تحليلا ودعوة تارة لتفجير الكفاح المسلح وأخرى لتأطير المواجهة ضمن قيادة موحدة وآخرين قالوا فلسطين بحاجة إليكم أحياء فلا تموتوا، وان المجتمع الدولي لن يقبل أسلوب السكاكين كنهج للنضال. لا نعيب على احد إن يجتهد فلكل مجتهد نصيب، ولكن أيها السادة، لا قواعد ولا أصول لهذه المواجهة، نحن جميعا لا نريد إن تزهق الأرواح أو تسيل الدماء على ارض فلسطين من منا يريد إن يفقد ابنه أو ابنته أو صديقه في أتون المواجهة بالطبع لا نريد إن يقتل أي من الفلسطيني أو حتى المدنيين الاسرائيلين في الشوارع طعنا في السكاكين، نحن أكثر الشعوب بحثا عن السلام تنازلت قيادتنا عن 78% من ارض فلسطين التاريخية من اجل السلام فاوضنا المحتل عشرين سنة ويزيد جربنا كل ضروب العمل السياسي ، نعم وجربنا ضروب المواجهة العنيفة وفي كل خرجنا خاسرين، دخلنا عملية ديمقراطية نتج عنها انقسام بغيض قتل الفلسطيني الأخر واعتقل الفلسطيني الأخر ولاحق الفلسطيني الأخر وتمتع المحتل بالمشهد لا بل غذاه فأصبحنا أمام أطراف استمرأت الانقسام وعاشت عليه فأصبح واقع مرير ولكنه ممتع ومفر مقنع لمبدأ عدم العودة للوراء حتى بات الحديث عن إنهاءه سيمفونية كريهة ونتنه كالاحتلال وأسوء ومن ثم بحثنا عن كل الوسائل القانونية والسياسية والدبلوماسية، رجونا العالم حتى بات التنسيق الأمني مقدس، لا حل منه ولا درب إلا هو، ورغم ذلك وقسرا فوق كل ذلك قلنا المرحلة لا تسمح للمواجهة، كان المستوطن يفر منا ويحسب لنا ألف حساب في الانتفاضة الأولى وحتى في الثانية فبتنا أذلاء على الشوارع لا نجرؤ على التنقل ونحذر كل الحذر للانتقال من مدينة لأخرى ومن مكان عمل لأخر، حتى داهمونا في قرانا وحرقوا أطفالنا وزيتوننا وكل ما له علاقة بحياتنا اليومية لنستذكر صور ما قبل التهجير في العام 1948 حيث كانت عصابات الإرهاب والقتل تلاحق الفلاحين الفلسطينيين وتقتلهم مما دفعهم للهروب، فاستشعر الجمهور ذات الحالة فكأن التاريخ يعيد وقائع الأشياء بجوهرها لا بتفاصيلها. في ظل هذه المعضلة تعمق البحث عن الخلاص الفردي فالكل يبحث عن مصالحه والكل غارق في أحلامه الشخصية والكل يعيدنا إلى حلم الدولة وتجسيدها وما تتطلب ذلك من تعديل للقوانين الفلسطينية وزيادة في الجباية لندخل في أزمة الرواتب والديون والحاجات الاستهلاكية حتى أننا بتنا أيها السادة الكتاب والمحللين ومنكم جزء كثير يقول على هذه القضية السلام وعلى الشعب الاستسلام وأننا كشعب انتهينا انظروا ماذا حل بنا، لم نعد نقوى على قول لا، الفساد انهمر علينا كقدر لا مفر منه ولا محال إلا للتعامل معه، غرقنا بتفاصيل الأشياء كلها شرها قبل خيرها بحثنا عن كل الأحلام الجميلة ولم نجد إلا الذل والهوان والإحباط والبحث عن الخلاص الفردي لم يعد يكترث لمعاناة مريض يموت وهو بحاجة لتحويله طبية ليخرجوا علينا إن الهدف هو توفير فاتورة شراء الخدمة، يموت الناس تحت القصف والقتل في غزة ولا احد يتحرك، واقتصر دورنا على الدعاء لهم أو مقاطعة المنتجات الإسرائيلية، حتى في هذا الميدان لم نحقق الانتصار المحدود، تراجعنا على وقع التهدئة، كل الأشياء من حولنا قادتنا إلى حالة ما بعد اللامنتمي، بعيدين عن أنفسنا، عدنا إلى العائلة كي تحمينا وتشكلت لدينا واقع من المافيا بأشكال مختلفة المهم إن نمضي نحو الخلاص الفردي. كل مرة كان العدو الصهيوني يقول إن لا علامات انتفاضة قادمة فالانقسام لا يتيح وإجراءات السلطة في الضفة وفرت درع حماية وقمع حماس للشباب يحول دون النهوض الوطني، وكان جزء منكم أيها الكتاب إما تردحون وتندبون حظكم أو تسحجون لهذا القائد أو ذاك الزعيم تحاولون إن تجدوا في تصرفاته العبقرية المنقطعة نظيرها فمن مع الرئيس يصفونه بالأكثر حنكه حتى من أبو عمار ومن كان مؤيد لحماس يقدسون خالد مشعل ويعتبرونه سابق عصره، والشعب يدفع الثمن وجزء منكم كان يخشى إن يكتب وهو يرى الحقيقة خوفا على نفسه ومصالحه، كل من حاول إن يكون قدوة هو ألان في المعتقل أو تحت التراب وتقدم التكنوقراط المشهد وماذا حصل ازدادت الصورة قتامه وحييد المناضلين الصادقين وتم التحكم والسيطرة على المشهد من قبل كل الآخرين.... عاش العدو حالة عز نظيرها وصل معها اليمين إلى سدة الحكم بانتصار كاسح وتساءل الصهاينة لماذا نعطى من هم منقسمون على أنفسهم، لماذا نعطى من هم فاسدون وقتلة، لماذا نعطى من لم يستطيع حماية إسرائيل بل فان حماس ستسيطر على الدولة إن وافقنا على حل سياسي بل إن داعش هي العنوان القادم كما هو الحال في بعض دول الجوار، لماذا نعطيهم ونحن الأقوياء وهم الأذلاء، لماذا نعطيهم وهم قبلوا القليل واستكانوا؟ في ظل هذا الهوان حدثت الحرب الأخيرة على غزة وصمدت المقاومة ولقنت العدو درسا رغم كل الدمار والحصار فانبعث الأمل بان الصمود ممكن والمواجهة قد تكون مجدية، لا أقول الانتصار وكنس الاحتلال كما يحلوا للبعض إن يسوقه، حاول الناس في الضفة والقدس والداخل الفلسطيني التعاطف والدعم إلا إن حبال الانقسام لفت على أعناق من حاول ووصمة الإرهاب منعت عرب الداخل من الدعم المفتوح للمقاومة في غزة، تلك الأيام أعادتنا إلى لحظات العز والكرامة التي صمدت بها منظمة التحرير في بيروت في العام 1982 وتركوا لوحدهم ليخرجوا من لبنان ليذبح الفلسطيني في مخيمات صبرا وشاتيلا ليس لسبب إلا أنهم فلسطينيون. بعد كل هذا أيها السيدات والسادة من محللين والكتاب والداعين لحاجة فلسطين للشباب أحياء وليسوا أموات ماذا تتوقعون من جيل شاهد كل صور البحث عن الخلاص الفردي والفساد الإذلال والهوان والرعب إن يفعل؟؟؟؟ في أتون هذا الانهزام والذل تمادى المحتل ليبدأ بالاعتداء على أقدس المقدسات لندخل مرحلة المواجهة الأخيرة، نعم أنها المواجهة الأخيرة على ما تبقى لنا من رموز معنوية ودينية واجتماعية أهمها مكانة المسجد الأقصى وقبة الصخرة وكرامتنا الشخصية بعد إن تم تحطيم رمزية الكرامة الوطنية بأيدينا وأيدي أعدائنا. لذا انظروا أيها السادة إن أحدا من الدول لا تدين هذه العمليات بالسكاكين والمطوي أتدرون لماذا أيها المحللين لان لا احد يقف خلفها، من يقف خلفها الكرامة الفردية والخلاص الفردي الجميل، لان العالم أدرك إن الناس في فلسطين وخاصة الشباب يبحثون عن ما تبقى لهم من كرامة في الأقصى وعز في شوارع المدن الفلسطينية والحق في الإحساس بقيمة الأشياء بعيدا عن الإذلال والهوان ، من يقوم بهذه العمليات هم أشخاص ذوي حساسية عالية يحبون الحياة أكثر مما تتصورون إنهم فتية امنوا بالله وحبوه ويأملون منه الرحمة، نرجوكم أدعو لهم بالرحمة ودعوهم يختاروا دربهم وخلاصهم الفردي الايجابي في هذه المواجهة-مواجهة الكرامة- الأخيرة لعل امتدادها يؤسس لمرحلة من الخلاص الجمعي والوطني بعيدا عن التنظيمات والأطر الجامدة، لان هذه المواجهة إن تم تأطيرها من قبل الفصائل ستسقط وتهزم وترتد علينا كما حدث في المواجهات السابقة، اتركوهم وشأنهم وحالوا إن تساعدهم في تحقيق الاسترداد الوطني العام للكرامة المهدورة والأمن الغائب والأمل الذي لا مكان له في حياتنا نحن الفلسطينيون، نرجوكم أحفظوا كلماتكم لما هو خيرا فقد تمتد هذه المواجهة أو تخبوا إلا أنها وعلى كل الأحوال أنهت هذه الجولة صيغت الواقع المهزوم وخلقت وقائع جديدة إما نراكم عليها ونحولها إلى سياق وطني شامل أو تخبوا ونخسر أنفسنا وجيلنا الناشئ. رحم الله شهدائنا وحفظ أبنائنا وبناتنا وشبابنا وسدد خطاهم لما فيه الأمن والسلامة والكرامة وكفى بالله وكيلاً. |