|
الجبهة الإسلامية المسيحية للدفاع عن القدس والمقدسات تصدر التقرير السابع حول أوضاع القدس والمقدسات
نشر بتاريخ: 08/10/2007 ( آخر تحديث: 08/10/2007 الساعة: 21:58 )
بيت لحم- معا- يوم الاثنين الموافق 8/أكتوبر/2007م وبحضور هيئة رؤساء الجبهة الإسلامية المسيحية للدفاع عن القدس والمقدسات سماحة الشيخ الدكتور تيسير التميمي ونيافة المطران الدكتور عطا لله حنا قدم المنسق العام للجبهة الدكتور حسن خاطر في مؤتمر صحفي عام عقد برام الله ملخصا للتقرير الشهري السابع الخاص بأوضاع القدس والمقدسات خلال شهر أيلول /سبتمبر 2007 م
الأقصى بات معتقلا وسلطات الاحتلال تطبق عليه قوانين زيارة الأسرى في السجون الإسرائيلية ! بدأ هذا الشهر باستكمال الاستعدادات لاستقبال جموع المصلين التي تؤم الأقصى في الشهر العظيم،حيث أنجزت العديد من أعمال الصيانة في المباني والساحات وعلى مستوى شبكة المياه وتبديل كوابل الكهرباء ووضع عشرات السماعات في ارجاء المباني والساحات ،والتقت المؤسسات والجمعيات الخيرية على ضرورة تنسيق جهودها والاستفادة من تجارب السنوات الماضية فيما يخص امور كثيرة ابرزها توفير وجبات الإفطار المجاني لعشرات الاف المصلين والمحافظة على النظافة العامة ، وقد شكلت20 فرقة كشفية من شباب القدس لاستقبال المصلين وتنظيم الامور وحفظ الامن والنظام داخل الأقصى . وفي المقابل بدأ الشهر بتصريحات لقائد الشرطة الاسرائيلية ان لا قيود على دخول المصلين الى الأقصى ، الا أنه ومنذ اليوم الأول لرمضان سقطت هذه المزاعم وتحولت القدس باجماع المراقبين ووسائل الاعلام الى ثكنة عسكرية حقيقية ، ولم يسمح لأحد من ابناء الضفة الغربية وغزة بالدخول للصلاة في القدس الا لاعداد محدودة لا وزن لها في مثل هذه المناسبة العظيمة ،واعلن عدد من العلماء والشخصيات السياسية والوطنية أن هذا الشهر كان هو الاشد حصارا واغلاقا على القدس والأقصى مقارنة بالسنوات الماضية ، بل يمكننا القول أن الأقصى أصبح يعامل كالمعتقل وتطبق عليه قوانين زيارة الأسرى في السجون الإسرائيلية ! ورغم ان بعض القيادات الإسرائيلية ترجع ذلك الى تزامن مجيء رمضان هذا العام مع بداية السنة العبرية وعدد من الأعياد اليهودية كعيد الغفران وعيد المظلة ، الا أن هذا العذر أقبح من الذنب نفسه، فلا يمكن لصاحب ضمير في هذا العالم - أيا كان دينه - ان يقبل بأن تكون أعياد اليهود سببا في تنغيص عبادة المسلمين ومحاصرة قبلتهم الأولى ومسرى نبيهم (ص) في أقدس الشهور عندهم! فسلطات الاحتلال وضعت شروطا وقيودا حددت بموجبها من تجوز له الصلاة في الأقصى ، وهو تدخل منكر في خصوصيات المسلمين لم يجروء عليه احد من قبل ،وقسمت المسلمين الى فئات عمرية ، وألزمت أكثر من 90% من المعنيين بالصلاة بالحصول على تصاريح ، ثم عند التنفيذ لم تلتزم بما حددت ومنعت كبار السن وحاملي التصاريح وحتى النساء العجائز من الوصول الى الأقصى . وأيام الجمع - بشكل خاص - كانت تعزز حواجزها حول المدينة بآلاف الجنود ، وتقيم عشرات الحواجز الشرطية داخل حدود القدس وبين الضواحي وتنصب الحواجز الحديدية على أبواب البلدة القديمة وتخصص مداخل ضيقة للتدقيق في بطاقات المصلين ،وتعيد آلافا من أبناء الضفة الغربية بسبب وبدون سبب، وتنشر قواتها العسكرية على اسوار المدينة والمباني المرتفعة والمؤسسات التي تطل على الشوارع والازقة المؤدية الى الأقصى ، وتضع وحدات خاصة فوق مقبرة اليوسفية والرحمة بالقرب من باب الاسباط والمتحف ، وتغلق شارع صلاح الدين الايوبي وشارع السلطان سليمان ، وتخصصه لسيارات الشرطة وحرس الحدود وشرطة الخيالة ،وتكثّف من وجودها الدائم على جميع ابواب الأقصى ولم تكتف بالصور المباشرة التي تنقلها الكاميرات الجديدة التي وضعوها على مداخل المسجد ، بل ان رجال الشرطة والامن كانوا يزودون أيضا بكاميرات فيديو للتصوير وبعدادات يدوية لعد المصلين. وفوق ذلك كانت هناك طائرة مروحية تحلق باستمرار فوق القدس اضافة الى المنطاد التابع للشرطة الإسرائيلية والذي كان يحلق فوق المتحف الفلسطيني ( روكفلر) المحاذي للأقصى لمراقبة المصلين . ولم تكتف سلطات الاحتلال بذلك كله بل كانت تقتحم - ايام الجمع - المدن المجاورة للقدس وتقيم الحواجز العسكرية في شوارعها وتقوم بارجاع الناس ومنعهم من الخروج من هذه المدن باتجاه الحواجز المحيطة بالقدس ، كما حصل في بيت لحم ورام الله وغيرها ! ونتيجة لذلك لم يتمكن عشرات الآلاف من الوصول الى القدس بمن فيهم وزراء ومسؤولين وطاعنين في السن ،مما اضطر اعدادا كبيرة منهم الى اقامة الصلوات على الحواجز الاسرائيلية ، وقد صلى سماحة الشيخ تيسير اماما بأحد هذه الجموع على حاجز قلنديا العسكري. وكثيرا ما تخللت هذه التجمعات صدامات ومواجهات مع جنود الاحتلال أدت الى وقوع اصابات في اوساط المصلين من العجائز والشيوخ والشباب . والسر الحقيقي وراء هذه الاجراءات التي لم تشهد لها القدس مثيلا من قبل لا يرجع بتاتا الى تزامن رمضان مع اعياد يهودية كما زعموا ، وانما الى معلومات وتقديرات متعددة عززت مخاوف سلطات الاحتلال من أن أعداد المصلين خلال هذا الشهر يمكن ان تصل ايام الجمع الى أكثر من نصف مليون مصلي في حال خففت القيود والحواجز على مداخل القدس ،وهذا من شأنه أن يبرز للعالم مكانة القدس والأقصى عند الفلسطينيين،فحرصت سلطات الاحتلال على اغلاق القدس اغلاقا تاما في وجه المصلين بحجة الاعياد اليهودية ، ظنا منها ان هذه الاجراءات ستهمش الحضور الاسلامي في القدس خلال هذا الشهر ، وفي المقابل تترك انطابعا عالميا وكأن القدس مدينة يهودية من خلال عشرات الآف اليهود المتدينيين الذين استقدمتهم الى القدس للاحتفال بالاعياد اليهودية ...! ويثبت التقرير ايضا أن الاضرار التي تسببت فيها الاجراءات والاغلاقات الاسرائيلية لم تنحصر في جانب العبادة وحده ، وانما ألحقت اضرارا كبيرة وخطيرة باقتصاد القدس المنهك أصلا ، حيث أعلنت الغرفة التجارية في القدس ان هذه الاغلاقات ادت الى انخفاض معدل الدخول لدى تجار المدينة خلال هذا الشهر بنسبة 95% مقارنة بالمعدل السنوي العام ،كما حولت هذه الاجراءات حياة المقدسيين الى جحيم لا يطاق وضاعفت من معاناتهم على الحواجز وفي تنقلاتهم داخل المدينة وفي شوارعها وأزقتها بسبب كثرة الحواجز ورجال الشرطة والامن مما أفقدهم الشعور ببهجة رمضان ..اضافة الى ان هذه الاجراءات ضاعفت في معاناة سكان الضواحي بصورة لم يسبق لها مثيل ، وقد شهدت الحواجز حالات وفاة لمرضى وحالات ولادة وآلام وقهر واذلال يصعب وصفه ! الخارجية الأمريكية تمنح إسرائيل شهادة حسن سيرة وسلوك في حرية الأديان ! خلال هذا الشهر أصدرت الخارجية الأمير كية تقريرها السنوي للحرية الدينية الدولية للعام 2007، الذي يعده مكتب الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل بالوزارة ،والعجيب أن التقرير انتقد بشدة وجود ما اسماه بالبيانات في الكتب المدرسية السعودية ومواقف لعدد من العلماء والمعلمين السعوديين التي لا تدعوا الى التسامح مع غير المسلمين، وكذلك الحال في مصر حيث وقف التقرير مع حالات فردية ذكرها بالاسم ... اما عندما وصل الامر الى الانتهاكات الاسرائيلية فقد بدأ بالقول : " ينص القانون الأساسي الإسرائيلي حول الكرامة والحرية الإنسانية على حرية العبادة وقد احترمت الحكومة الإسرائيلية هذا الحق في الممارسة بشكل عام...... وبالتذرع بالعنف والهواجس الأمنية، فرضت الحكومة الإسرائيلية، منذ تشرين الأول/أكتوبر 2000، حملة واسعة من عمليات الإغلاق ومنع التجول عبر مجمل الأراضي المحتلة، أعاقت هذه القيود بشكل مؤثر حرية الوصول إلى أماكن العبادة في الضفة الغربية للمسلمين والمسيحيين. كما ان قيام الحكومة الإسرائيلية ببناء الجدار العازل، وبالأخص حول القدس الشرقية، أعاق بشدة إمكانية الوصول إلى الجوامع والكنائس وغيرها من الأماكن المقدسة. لم تقتصر هذه العوائق على المؤمنين أو المنظمات الدينية. حاولت الحكومة الإسرائيلية تخفيف آثار هذه العوائق على المجتمعات الدينية من خلال تطبيق إجراءات خاصة خلال الأعياد الدينية للمسلمين والمسيحيين ...." هذا كل ما وجه لاسرائيل من انتقاد في مجال انتهاك الحريات الدينية ، دون ان يشار الى منع جميع سكان الضفة وغزة من الوصول الى القدس والمقدسات ، والى وضع قوانين عجيبة وغريبة تحدد السن المسموح به لأداء الصلاة في الأقصى للرجال والنساء ، ودون اية اشارة للسيطرة المطلقة والتسلط المستمر الذي تمارسه إسرائيل على الأقصى ، او تحويل أجزاء منه الى كنس ومدن سياحية يهودية ، او استمرار الحفر والتنقيب تحت أساساته وفي محيطه ..او السيطرة الكاملة على المسجد الإبراهيمي في الخليل واغلاقه بصورة شبه مستمرة تمهيدا لتحويله لكنيس .... ومما يثير العجب ان هذا التقرير خصص للانتهاكات الفلسطينية للحريات الدينية أكثر مما خصص للانتهاكات الإسرائيلية ... للأسف نحن ننظر الى هذا التقرير على أنه شهادة حسن سيرة وسلوك تمنحها الإدارة الأمريكية لإسرائيل دون أدنى اعتبار للجرائم الإسرائيلية المتواصلة في حق الفلسطينيين ومقدساتهم وحرياتهم الدينية والدنيوية عموما ، مما يفقد التقرير جزءا اساسيا من مصداقيته. القدس العليا والقدس السفلى ! تستمر خلال هذا الشهر أعمال الحفر والتنقيب وازالة الانقاض داخل البلدة القديمة وأسفلها ،ويأتي هذا تأكيدا لما كنا قد أعلناه في التقرير الثالث الخاص بشهر ايار مايو 2007م بخصوص قرار سلطات الاحتلال نقل بؤرة نشاط سلطة الآثار الإسرائيلية الى البلدة القديمة ، بهدف القيام بما لا يقل عن تسع حفريات كبيرة وطويلة المدى ، وقد أعلن علماء آثار إسرائيليون - في حينها - ان هذا المخطط سيغير وجه البلدة القديمة ، ويبدو ان سلطات الاحتلال لم تضيع وقتا بعد هذا القرار حيث بدأ سكان البلدة القديمة يشعرون بهزات متواصلة في بيوتهم ، وهذا ناجم عن اعمال الحفر التي تجريها سلطات الاحتلال تحت الشوارع والبيوت ، اضافة الى عملها المستمر في الانفاق التي تربط المدينة بمحيطها القريب الذي تطلق عليه اسم " المحيط المقدس " كما تبين خلال هذا الشهر ان سلطات الاحتلال تعد لعمل ما يستهدف اسوار البلدة القديمة .. ونحن نؤكد من خلال تتبعنا للكثير من التفاصيل والمؤشرات ان اسرائيل شرعت فعليا في نقل تجربتها من المسجد الأقصى إلى البلدة القديمة ، فكما استطاعت على مدار السنوات الماضية ان توجد ما يعرف بتحت الأرض وفوق الأرض في الأقصى فهي تسعى اليوم الى إيجاد تحت الأرض وفوق الأرض في البلدة القديمة ، ونحن نحذر وننبه الى ان هذا التوجه الخطير سيؤدي حتما الى تهديد وجود البلدة القديمة ومقدساتها الإسلامية والمسيحية ومعظم مبانيها التاريخية،وهو في الوقت نفسه احتيال كبير على الواقع العربي والإسلامي في القدس وعبث خطير بالإرث الحضاري للديانات السماوية والحضارات الإنسانية . ويدخل ضمن هذا المخطط الخطير الإعلان خلال هذا الشهر عن قيام سلطات الاحتلال بافتتاح كنيس يهودي جديد في محيط الأقصى وعلى وجه التحديد تحت باب السلسلة أحد الأبواب الرئيسة للمسجد،وكذلك الكنس والساحات والمباني والأنفاق الأخرى التي أصبحت في مجموعها تشكل نواة حقيقية لمدينة كاملة تحت الأرض ، ولم يعد خافيا ان نقل النشاط المركزي لسلطة الآثار الإسرائيلية إلى البلدة القديمة إنما جاء لتحقيق هذا الهدف الخطير!! قدس بدون مدارس ! هل يمكن ان ينهار قطاع التعليم في القدس ؟ لم يطرح مثل هذا التساؤل على مدار تاريخ المدينة الطويل والعريق ، ولكنه اليوم أصبح هاجسا حقيقيا يقلقل كل المعنيين بهذا الموضوع . فبعد ان كان قطاع التعليم في القدس يشهد تقدما ملحوظا إلى غاية العام 2000م ، بدأ يتراجع بشكل ملحوظ بعد هذا التاريخ الى أن وصل حافة الخطر هذه الأيام ،وتعالت أصوات مسئولة تحذر من احتمال انهيار هذا القطاع، والمشكلة في نظرنا تتكون من تراكم الجزئيات التالية التي تشكل صورة قاتمة لمستقبل التعليم العربي في القدس ، وتنذر بكارثة حقيقية ان لم يتم تداركها في الحال: 1-نقص حاد في قدرة المدارس على استيعاب الطلبة الجدد وقد وصل عدد الطلبة الذين لم يتمكنوا خلال هذا العام من الالتحاق بصفوف الثامن والتاسع والعاشر الى ألف طالب مقدسي ! 2-نقص حاد ومتزايد في عدد الغرف الصفية التي تحتاجها مدارس القدس وقد قدر العدد الإجمالي للغرف الصفية المطلوبة بأكثر من 2500غرفة . 3-اكتظاظ المدارس والغرف الصفية الموجودة وعدم ملاءمة معظم المباني لمواصفات التعليم المدرسي والصحي ووجود عدد منها آيل للسقوط ويشكل خطر حقيقي على حياة الطلاب، وافتقار معظم المدارس الى التجهيزات العلمية والفنية المتعارف عليها . 4-توزع كثير من الغرف الصفية لعدد من المدارس على أكثر من بناية ، مما يفرغ الجانب التربوي من الكثير من قدرته وفاعليته . 5-بسبب الجدار وعزل القدس بات القطاع التعليمي في المدينة يعاني من نقص حاد في المعلمين وعلى وجه التحديد في التخصصات العلمية ، وبسبب فروق كبيرة في الرواتب والحوافز بتنا نشهد تحول عدد لا يستهان به من المدرسين الى مدارس بلدية الاحتلال ، خصوصا اصحاب التخصصات العلمية ! 6-للأسباب السابقة تعقدت شروط قبول الطلبة الجدد في المدارس وارتفعت الأقساط المدرسية حتى فاقت في بعض المدارس أقساط الجامعات. 7-تزايد هجرة الطلبة من المدارس الفلسطينية الى مدارس البلدية الإسرائيلية ، حيث تشير التقارير الى أن نسبة الطلبة المقدسيين في مدارس الاحتلال وصلت الى ما يقرب من 70% من مجموع الطلبة المقدسيين البالغ عددهم 79 ألف طالب . 8-الإسرائيليون غير معنيين بحل مشاكل التعليم العربي تماما كما هم غير معنيين بحل مشاكل السكن والبناء وغيره ..بل على العكس من ذلك فان سلطات الاحتلال تتحمل المسؤولية عما آل إليه حال التعليم في القدس، فبلدية الاحتلال - على سبيل المثال - تؤخر وتعطل تنفيذ قرار لمحكمة العدل العليا الإسرائيلية يلزم البلدية ببناء (400) غرفة صفية خلال الخمس سنوات القادمة والذي صدر قبل عدة اشهر . 9-لذلك كله ارتفعت نسبة التسرب من المدارس في أوساط الطلبة المقدسيين لتقارب الـ50% خاصة في اوساط الذكور ،كما ارتفعت أيضا نسب تعاطي المخدرات والكحول في أوساط الشباب . وقد لمسنا خلال هذا الشهر أيضا زيادة نشاط المؤسسات المقدسية المعنية بمكافحة انتشار المخدرات والانحرافات السلوكية في أوساط الشباب ، ونحن نظن ان هناك علاقة قوية ووثيقة بين تفاقم مشاكل قطاع التعليم وبين تزايد وانتشار هذه الظواهر المرضية في أوساط الشباب المقدسي . وبناء عليه فانا نطلب من السيد الرئيس الأخ ابو مازن ومن الحكومة الفلسطينية إعلان قطاع التعليم في القدس عموما قطاعا منكوبا والمبادرة بوضع خطة طوارئ عاجلة لانتشال هذا القطاع من المصير الأسود الذي يوشك ان يتردى اليه . القدس بين المفاوضات المنتظرة وسياسة الأمر الواقع ! رغم ان الخطى تتسارع يوما بعد يوم نحو المؤتمر الدولي المزمع عقده في أواخر نوفمبر القادم ، ورغم التفاؤل العربي الرسمي بما يمكن ان يتمخض عنه ، ورغم الوعود الأمريكية والدولية الايجابية بهذا الخصوص ،والشروع في تشكيل اللجان والطواقم وإعداد أوراق المباديء أو التفاهمات المشتركة ، الا أن سلطات الاحتلال تسير على الارض في اتجاه معاكس تماما وتعمل على تطبيق رؤيتها الخاصة للمدينة كعاصمة موحدة للدولة اليهودية وفق مخطط 2020 الشهير . ولم تنجح كل اللقاءات السياسية ولا التفاؤلات العربية والدولية في كبح جماح التوسع الاستيطاني ومواصلة تهويد القدس وفرض سياسة الامر الواقع. وقد جاء اعلان سلطات الاحتلال خلال هذا الشهر عن التعديلات الجديدة على مسار الجدار لتزيد في حجم الأراضي المقتطعة بنسبة 28% ولتزيد في طوله بنسبة 10% مما يعني ابتلاع مساحات جديدة من الأرض دون أدنى اكتراث لما يمكن ان تتمخض عنه الجهود السياسية .! وأثير هذا الشهر موضوع المرجعية من جديد ،وتم الحديث عن الفراغ القيادي الذي ما زالت تعيشه القدس . كما أعلن مستشار رئيس الحكومة لشؤون القدس انه تم تشكيل لجنة وزارية برئاسة رئيس الحكومة وعضوية عدد من الوزراء لمتابعة شؤون القدس واحتياجاتها، وانها ستباشر في وضع اليات عملية لدعم المؤسسات والمواطنين في القدس وتعزيز صمودهم ،كما اعلن انه بصدد تشكيل مجلس اسلامي مسيحي في المدينة، وانه بتكليف من رئيس الوزراء سيتابع ملف املاك الكنيسة الارثوذكسية وسيقوم بحصر الاملاك الكنسية ومساعدة الكنيسة في تجاوز الازمة التي تعيشها بسبب تسريب العقارات الوقفية ، وأعلن ان الاسابيع القادمة ستشهد قرارات وخطوات حكومية مميزة للحفاظ على القدس وعروبتها . وقد لاحظنا خلال إعداد هذا التقرير ان وحدة القدس التابعة لمكتب السيد الرئيس تشرع فعليا وبالتعاون مع مستشار شؤون القدس في محاولة ترتيب اوراق ملف القدس من جديد وإعادة الإمساك بالعديد من الخيوط الهامة في هذا الملف ، وهو الأمر الذي يستحق الدعم والمؤازرة من كل المؤسسات والشخصيات العاملة بإخلاص لهذه القضية المقدسة . بين العاصمة الثقافية والتهويد الثقافي ! يبدو من خلال التقرير ان إسرائيل شرعت في ترجمة القدس عاصمة الثقافة العربية على طريقتها ، حيث لوحظ ان بلدية الاحتلال أقدمت على تعليق لافتات شعرية بأحجام مختلفة لشعراء يهود في مختلف شوارع المدينة وعلى رأسها الشوارع العربية الرئيسة كشارع صلاح الدين وشارع السلطان سليمان ،قصائد لأفضل الشعراء اليهود مترجمة بصورة جيدة الى اللغة العربية ، وفي القدس الغربية بقيت بلغتها الام اللغة العبرية ، وقد علقت في كل مكان على محطات النقل والحافلات المتحركة والمقاهي وأعمدة الكهرباء ...حتى أخذ الناس يتساءلون على سبيل التندر " هل أصبحت بلدية الاحتلال عضوا في لجنة القدس العاصمة الثقافية للعرب ؟!!" ويبدو ان هذه المناسبة سلطت الأضواء قليلا على حجم التهويد الثقافي الذي طال المدينة المقدسة وأهلها خلال سنوات الاحتلال الطويلة ، وقد كانت التفاصيل مقلقة بل ومفزعة أحيانا ،وتشكل تهديدا حقيقيا للهوية الثقافية العربية للمدينة ،التفاصيل كثيرة ومثيرة ويصعب تضمينها هذه الخلاصة ، ولكنها تتوزع على الكثير من التفاصيل أبرزها - على سبيل المثال- انتشار اللغة العبرية في كل مكان في المدينة ،وتغيير الأسماء العربية للشوارع والتلال والأحياء والقرى المدمرة والساحات وحتى المباني ذات الأسماء العربية داخل البلدة القديمة وضواحيها ، واستبدالها بأسماء عبرية مستوحاة من الدين والتراث والأساطير اليهودية ...إضافة الى طباعة عشرات الخرائط والأطالس والموسوعات التي تحمل الأسماء العبرية المستحدثة دون أي ذكر للأسماء العربية حتى الشهيرة منها كالمسجد الأقصى وغيره،وتوزيعها بلغات عديدة على المؤسسات والدول في العالم ،اضافة الى غزو اللغة العبرية لكثير من الألفاظ والأسماء التي يستخدمها المقدسيون فيما بينهم وخلال ممارستهم لأعمالهم ووظائفهم ،وكتابة اللغة العبرية على لافتات العديد من المحال التجارية والمؤسسات ووسائط النقل العام، وبطاقات التعارف والأعياد ، ولم يعد غريبا ان تسمع الأغاني العبرية اثناء ركوبك احد سيارات النقل العام في القدس ، او أن ترى شابا مقدسيا يضع وشما او يعلق سلسالا يحمل رمزا عبريا .. وهذا يجعلنا نقول ان كون القدس ستكون عاصمة الثقافة العربية عام 2009م لا يجب ان يقتصر على الاحتفال والاستعراض والتعريف بتاريخ المدينة ومكانتها فحسب بل لا بد ان تتضمن هذه الاحتفالية ايضا جانبا علاجيا يقوم على وقف التدهور الثقافي المتواصل منذ عقود وحصر الخلل الذي أصاب الهوية الثقافية بفعل الهجمة اليهودية الشاملة على المدينة، ووضع البرامج اللازمة لإعادة ترميمه وإصلاحه بما يضمن ويعزز هذه الهوية الأصيلة لهذه العاصمة الدينية والثقافية العريقة . إعداد وتحرير الدكتور حسن علي خاطر [email protected] |