وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

نشر الفتن المذهبية أشد من القتل

نشر بتاريخ: 03/11/2015 ( آخر تحديث: 03/11/2015 الساعة: 14:49 )
نشر الفتن المذهبية أشد من القتل
الكاتب: محمد خضر قرش
في حياة الشعوب وخاصة تلك التي ما زالت تخضع للاحتلال أو تتعرض للعدوان، كما هو حالنا نحن، تتركز وتتضافر كل جهود وطاقات وإمكانيات المجتمع والشعب بكل أطيافه ومعتقداته ومذاهبه ومكوناته الاجتماعية لدحر الاحتلال وصد العدوان فحسب.واستنادا لتجارب الشعوب والأمم كافة فإن هذه المهمة النضالية تعلو وتتصدر جدول وبرامج الأولويات ويتم تأجيل كل التناقضات الثانوية والفرعية لما بعد تحرير الوطن أو دحر العدوان.كما لا يجوز تحت أي ظرف إشغال الرأي العام بأية مواضيع اجتهادية وفقهية محل خلاف كبير، لأن من شانها شق الصف الوطني ووحدة القوى ، خاصة إذا كان الشعب متعدد الاتجاهات الفكرية والديانات والمذاهب.

والعبرة من وراء ذلك كله بان طرح أية قضايا أو مواضيع أو مواقف لا تحظى بالإجماع أو بالغالبية العظمى من شانها تشتيت الجهود وإضعاف المواجهات مع العدو الرئيس مما ينجم عنه بالضرورة تأجيج الصراعات الداخلية وفي المقدمة منها المذهبية على حساب الصراع الأساسي مع المحتل. ليس هذا فحسب، بل انه من المحظور وطنيا ودينيا زيادة عدد الخصوم وإنما تقليلها و/أو تحييد بعضها. فليس من قواعد المواجهات وأصول إدارة الصراعات إضافة أعداء أو خصوم جدد لئلا يختل توازن معادلة النضال لغير صالحنا.

من هنا فيتوجب على الشعب الفلسطيني بالذات أن يحصر عدوه أو خصمه وخاصة إذا كان قويا ويملك من الأسلحة المادية والإعلامية والدعم والتأييد غير المحدود من قبل أكبر دولة في العالم وان لا يعمل على توسيع جبهة خصومه مهما كانت الظروف أو المبررات والأسباب وتحت أي مسمى أو ذرائع.فالأغبياء والسذج والجهلة وحدهم(هذا إذا أردنا أن نحسن الاعتقاد)هم من يسعون لزيادة جبهة خصومهم لأن في ذلك هلاكهم واندحارهم. فمعركة الفلسطينيين الأساسية والوحيدة هي مع إنهاء ودحر الاحتلال البغيض ومنع تهويد القدس والتقسيم المكاني والزماني للمسجد الأقصى وإنجاز مهمة الاستقلال الوطني، وعلينا أن نتجنب أية ترهات وأفكار دخيلة ليس لها أساس من الصحة بل ومن شانها حرف البوصلة النضالية والانشغال بمعارك وهمية ونظرية لا قيمة لها، تريح عدونا الرئيس وتحقق أهدافه في توسيع رقعة مواجهتنا ليتم الإجهاز علينا و/أو محاصرتنا ومنعنا أو تأخيرنا من الوصول إلى أهدافنا الوطنية.

وعلى مثيري الفتن المذهبية المتخصصين في نشر الأخبار غير الصحيحة أو المفبركة أو غير الدقيقة وخاصة إذا كانت تمس جوهر العقيدة الدينية لبعض المذاهب الصديقة لشعبنا،أن يدركوا بأن بأفعالهم وتصرفاتهم هذه إنما يفتحون ثغرات وشقوق وفجوات في وحدة الصف العربي والإسلامي وأكثر من يتأثر بذلك نحن الفلسطينيون،فالنتائج ستكون سلبية علينا وسندفع ثمنها من صمودنا وقدرتنا على مواجهة العدوان. وخطورة الأمر إلى جانب ما تقدم سيكون في تفتيت الجهد وحرف التركيز عن الصراع الرئيس مع الاحتلال الإسرائيلي ومساعدة المحتل بتهويد القدس وتقسيم الأقصى.لقد ابتليَ شعب فلسطين، كما هو حال الشعب العربي، بأشخاص أو بمجموعات وأحزاب مأجورة من الخارج لا هم لهم سوى النفخ في بوق المذهبية ونشر الفتن وتزوير بعض حقائق التاريخ والاستعانة ببعض عملاء الغرب وإسرائيل بغرض إلهاء جموع المواطنين عن معركتهم الرئيسة وتحويلهم لمواجهة إخوانهم في العقيدة والمذاهب.وهم في سبيل ذلك لا يتوانوا عن نبش القبور والأحداث التي مضى عليها نحو 1400عام واستحضارها وكأنها حدثت بالأمس وجعلها الشغل الشاغل للحركة الوطنية والنضالية.

لمصلحة من إثارة الفتنة المذهبية؟؟؟
لا اعلم ماذا تستفيد فلسطين من قيام البعض بنشر الفتن المذهبية على شبكات التواصل الاجتماعي! ولا أعلم حقيقة ماذا يستفيد النضال الوطني الفلسطيني والقدس والمسجد الأقصى من شن هجوم على المذهب الشيعي؟؟ ولا اعلم يقينا من أين يأت المحرضين وخبراء نشر الفتن في فلسطين بإدعاء تكفير المذهب الشيعي وكافة الخزعبلات والأقاويل التي يرددونها عن هذا الفكر وكأنه صهيوني أو ماسوني؟ فحتى ألد أعداء المذهب الشيعي في شبه الجزيرة العربية لا يكفرونهم وإنما يطلقون عليهم وصف شركاء في القبلة الواحدة وهم مسلمون لكونهم يشهدون أن لا إله إلا الله وان محمدا رسول الله، أليس كذلك؟ ولا أعلم ماذا يجني مروجو هذه الأضاليل من وراء نشرها المتكرر عبر صفحات التواصل الاجتماعي، وجعلها مساوية أو على نفس درجة الاحتلال الصهيوني؟ هل كل هذا يخدم قضيتنا الوطنية والدينية؟ ربما ينسون وبالأدق يتجاهلون عن عمد بأن من أبرز عناصر قوة وصمود المقاومة الفلسطينية ومنها كتائب عز الدين القسام والجهاد الإسلامي في غزة البطلة انه كان بفعل المساعدات العسكرية والمالية غير المحدودة التي قدمتها إيران وحزب الله في لبنان؟ وربما يتجاهل ناشرو هذه الأضاليل والأكاذيب أن مناضلي حزب الله قد ضحوا بعلاقاتهم مع مصر بالدرجة الأولى بسبب تصدرهم ومشاركتهم الميدانية المباشرة في إيصال السلاح والمعدات الحديثة إلى حماس والجهاد بشكل أساسي مما دفع بالمناضل محمود الزهار شخصيا لتوجيه الشكر لهم علنا ومن وسط مدينة غزة هاشم. لقد سجن أكثر من عضو من حزب الله في مصر لكونهم قاموا بأنفسهم في تهريب السلاح من السودان إلى صحراء سيناء ومنها إلى قطاع غزة البطل. فماذا يستفيد مروجو ونشروا الفتن المذهبية؟؟سؤال ما زال يحيرني ويحير كل مسلم غيور على إسلامه ووطنيته ، إذا اعز العرب أعز الإسلام

وهناك نقطة في غاية الأهمية والخطورة معا ،وهي قيام بعض مدعي الإسلام بالتهجم على العرب وعلى فضلهم في نشر الدعوة الإسلامية.فالعرب هم مادة الإسلام وجوهره وعموده الفقري.ففي الأثر الشريف أن النبي صلى الله عليه وسلم قال حبوا العرب لثلاث: لأني عربي، والقرآن عربي، ولسان أهل الجنة عربي.كما أن الرسول عليه صلوات الله وسلامه، قال لسلمان الفارسي: يا سلمان لا تبغضني فيبغضك الله، قال: وكيف أبغضك يا رسول الله وبك هدانا الله، قال: تبغض العرب فتبغضني.و الأمة العربية مرادفة في الأذهان لأمة الإسلام، فإذا عزّ العرب عز الإسلام وإذا ذُل العرب ذُل الإسلام.وفي حديث آخر" حَدَّثَنَا عَبْد اللَّهِ ، حَدَّثَنا إِسْمَاعِيلُ أَبُو مَعْمَرٍ ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ جَبِيرَةَ ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لَا يُبْغِضُ الْعَرَبَ إِلَّا مُنَافِقٌ.

وهناك من يدفع بضعف الأحاديث المشار إليها إلا أن ضعفها لا يلزم ضعف المعنى دائما فقد يكون الحديث ضعيفا ومعناه حسنا.وفي الرسالة التي أرسلها الشيخ أحمد ياسين قبل استشهاده إلى الملوك والرؤساء العرب، وفي مقدمتها وبالسطر الأول منها، بعد البسملة والسلام قال "ما من شك أنه إذا عز العرب عز الإسلام" وللتدليل على كل ما سبق، ما نحن فيه الآن. فالعرب أذلة الآن وتحت السيطرة الأميركية والغربية الأطلسية وفوقها الإسرائيلية لذلك نرى الإسلام ضعيفا ومشتتا ويتحكم فيه ويقوده جهلة وأميين .وحينما كان الإسلام قويا في العصرين الأموي والعباسي كان الإسلام قويا وبلغت فتوحاته الأمصار كلها بما فيها الأندلس وجنوب فرنسا.وحينما جاء الاحتلال العثماني(التركي) البغيض والذي استمر لنحو 400 عام، ضعف العرب كثيرا وتم إذلالهم على أيدي الأتراك فضعف الإسلام كثيرا. وفي العصر الحديث في زمن الزعيم جمال عبد الناصر كان العرب أعزاء فكان الإسلام قويا.وإذا أردنا أن نفهم أو نستوعب ما نحن فيه الآن وسبب تطاول الدول الغربية والأطلسية وفي المقدمة منها الولايات المتحدة الأميركية واستباحتها للأرض العربية وسمائها وبحرها وإقامة قواعد عسكرية أميركية وفرنسية وبريطانية في أكثر من قطر عربي وتدمير العديد منها (العراق وسوريا واليمن وليبيا والصومال ) سنجد بأن سبب ذلك ضعف العرب وتشتتهم وتحكم الضعفاء والمشكوك في عروبتهم بإدارة وحكم الوطن العربي. ما كان لمثيري الفتن المذهبية والطائفية ولكل المنظمات الإرهابية من داعش والنصرة وجند وأحرار الشام وغيرها الكثير أن يتواجدوا فوق الأرض العربية ونسمع لهم صوتا أو تأثيرا لو كان العرب أقوياء وموحدين وهناك حكاما وطنيين من نسل عدنان وقحطان.