|
إحياء الذكرى، والمأمول
نشر بتاريخ: 07/11/2015 ( آخر تحديث: 07/11/2015 الساعة: 16:24 )
الكاتب: صادق الخضور
ذكرى سنويّة تتجدّد حاملة معها فيضا من ذكريات ومواقف لمّا تزل حاضرة في وجدان كل أحرار العالم، والحديث بطبيعة الحال عن ذكرى الراحل الرمز ياسر عرفات رحمه الله، آسر قلوب الملايين، وفارس في طليعة من وضعوا الثورة الفلسطينية المعاصرة في المكانة التي تستحق.
كل عام وفي الحادي عشر من الشهر الحادي عشر، ووسط حضور جديد للرقم 1 في مسيرتنا بعد انطلاق فتح في الفاتح من الفاتح 1965، تطلّ الذكرى، وبعد مرور سنوات على الذكرى؛ حان الوقت لتجاوز نمطية الاقتصار على الإحياء الخطابي للذكرى، ووجب التفكير في منهجيات تخلّد مآثر الراحل الذي لا يختلف اثنان علىى أنه شكّل ظاهرة استثنائية لا في التاريخ الفلسطيني والعربي بل وفي التاريخ العالمي المعاصر برمتّه. عام بعد عام، ونتساءل: • من كان يتخيّل أن إحياء الذكرى في غزّة يتطلب موافقة وتنسيقا؟ • هل بادرت الجامعات الفلسطينية لتوجيه طلبة الدراسات العليا في التاريخ والعلوم السياسية لتناول جوانب من مسيرة القائد في أطروحاتهم؟ إن كان ذلك، فكم كان حجم الجهد؟ وماذا كانت مضامينه؟ • أين دور الأكاديميين في تسليط الضوء على مسيرته؟ وبالمناسبة كان الرئيس دوما منحازا للأكاديميين على حساب السياسيين حتى، فهل ناصروه؟ • هل توثيق مسيرة الرجل واجب على حركته "فتح " فقط أم هو مسؤولية الكل الفلسطيني؟ • ألا يستحق الراحل أن تقترن كل ذكرى سنوية لرحيله بمؤتمر نوعي؟ أسئلة كثيرة، تأخذ طابع التعجب أكثر من طابع الاستيضاح، ومطلوب تجاوز نمطية إحياء الذكرى بصورة ميكانيكية سنوية، واستبدال ذلك الإحياء للذكرى بجهد ديناميكي نوعي، وكل ما ورد من تساؤلات ممكن أن تتم الإجابة عنه ببرامج عمل واضحة المعالم علاوة على جهود أخرى ومنها مثلا الأفلام الوثائقية، والمذكرات وغيرها مما يمكن أن يعرض محطّات حياة الرئيس الراحل ومواقفه لتبقى ماثلة في ذاكرة الأجيال، وبعض المواقف تستحق أن تخلّد في كتاب. عام بعد عام، نجد أنفسنا مطالبين بتبنّي رؤى أكثر وضوحا لمنهجيات تخليد الذكرى، وهو ما يكشف بالتالي أننا نكتشف أننا مقصرّون تجاه ما يتوجّب علينا القيام به إزاء شخصيّة فرضت لفلسطين حضورها، ولثورتها المعاصرة تفردّها الذي ميزّها عن بقية حركات التعلم أحيانا أو أوجد لها مكانة طليعية بينها. إن توجيه فعاليات إحياء ذكرى الراحل رحمه الله باتجاه التركيز على الجانب الكمّي يغفل حقيقة ضرورة الانتصار لجهود نوعيّة، تضع المؤسسات الفلسطينية أهلية ورسمية أمام مسئولياتها تجاه ما يتوجّب عليها القيام به وبما يتوازى وما قام به الراحل من دور كبير في إبراز القضية الفلسطينية ومنحها زخما نضاليا وفكريا وسياسيا. مهرجانات واحتفالات وسط غياب واضح للجهد النوعي والتوثيقي والأكاديمي المفترض، والخلاصة أننا مقصرون بامتياز، وهو ما يستوجب البدء في نقاش آليات تدارك القصور، فنحن أحوج ما نكون إلى توليد قناعات بذلك، ودون ذلك، سنبقي نراوح المكان، ولأجل ذلك وجب البدء فعليا في جهد موجّه. التوسّع في عمل مؤسسة الشهيد ياسر عرفات، بما قد يتطلبه ذلك من موارد مادية وبشرية يجب أن يكون أولوية، ورصد موازنات طموحة لعملها، كلها عناصر ضرورية، ومنح جوائز باسم الرئيس يجب أن يكون جزءا من عمل المؤسسة لا العنوان الرئيس لها، هذا ما أردنا فعلا منحها الفاعلية التي تتناسب وحجم ما قام به الرئيس من جهود وعطاءات لمّا تزل تحكي عظمته، وتحاكي تفردّه. إحياء ذكرى القائد الراحل يجب ألا يكون مسؤولية حركة فتح وحدها، فالرئيس الراحل عاش لفلسطين كلها، وكان الأحرص على تجسيد النهج الوحدوي، وبدلا من فرض اشتراطات على إحياء ذكرى رحيله في مناطق معينة من فلسطين، وجب جعل فعاليات الذكرى بمنأى عن كل حسابات حزبيّة. في ذكرى رحيل الياسر رحمه الله،، تبدو الكلمات قاصرة عن الإحاطة بكل مضامين التعبير، ونعاود التأمّل وتقييم ما كان، لتدارك تواصل الدوران في إخضاع كل ذكرى سنوية للاحتفال بدلا من تناولها من منظور التقييم والإحياء، وسط ضرورة تجاوز نمطية احتفالنا حتى في المآسي، وهو ما تعزّز في ثقافتنا الشعبية، فكثيرا ما يتناول كثر إحياء ذكرى النكبة مثلا، بتعبير" الاحتفال بذكرى النكبة"!! وللحديث بقية. |