|
توظيف وسائل الإعلام الاجتماعي في الهبة الجماهيرية
نشر بتاريخ: 09/11/2015 ( آخر تحديث: 09/11/2015 الساعة: 19:35 )
بقلم: د . محمود الفروخ
في الوقت الذي يستمر فيه تقدم تكنولوجيا وسائط الإعلام وازدياد كثافة التدفق المعلوماتي وتعقد النظم الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في العالم، وشعور الأفراد المتزايد بكيانهم الذاتي وفاعليتهم كأفراد في بناء مجتمعاتهم تغيرت النظرة إلى تلك الوسائط، وظهر موقف جديد يعبر عن عهد فريد يتمثل في امتشاق الجيل الجديد من الشباب هذا " السلاح التقني" ليعلن عن عصر اسمه " عصر المشاركة". هذا العصر الذي تزداد فيه دوائر الاتصال والتبادل اتساعا بغير حدود أو قيود، ويشارك فيه الشباب معاً في مناقشة المشكلات وإيجاد حلول لها، بل وإثارة مسائل وقضايا جديدة عن طريق تلك الشبكات التواصلية نجده واضح الأثر وعميق التأثير في الحالة الفلسطينية، تلك الحالة التي يشهد أبنائها هبة جماهيرية متراكمة لتاريخٍ طويل من النضال والتضحية والصمود. هذه الهبة وغيرها استطاع الفلسطينيون أن يوظفوا فيها التقنيات الجديدة والمتطورة من وسائط الإعلام الجديد ( الاعلام الاجتماعي ) ، خاصة وسيطتي الفيسبوك واليوتيوب، بهدف فضح الممارسات الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني . هذه الوسائط التي استخدمها الشباب الفلسطيني بشكلٍ بارع ونافع أتاحت للعالم بأن يشاهد ويرى كم هي الجرائم الفظيعة التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي بحق الإنسان والحياة الفلسطينية بشكل ممنهج ومتواصل. استخدام هذه التقنيات الإعلامية الجديدة طرحت في في الساحة الفلسطينية فكرة مفادها أن مظهرا ً جديداً من " الناشطية" قد يمثل جزءاً لا يتجزأ من المجتمع المدني والمواطنين، وأسلوبا مختلفا في تحديد الناشطية السياسية، وذلك مع نشوء الفضاء الافتراضي والتواصل الالكتروني، وهناك ثمة أشكال متنامية من النشاطات التي افتعلها وابتكرها الشباب الفلسطيني عبر هذه الوسائط تم توظيفها في خدمة مواجهة المحتل وسياساته العدوانية والعنصرية . هذه الشبكات الاتصالية والتواصلية، وخاصة " الفيسبوك " نجحت في نحت الوعي لدى الشباب الفلسطيني وأثبتت مدى تأثيرها في وعي الإنسان وتصرفاته. ولعل السبب الأول في ذلك يعود إلى التفاعل مع الآخرين، والاطلاع السريع على الأحداث والتدخل في الأزمات السياسية ، بحيث شكلت وسائط الإعلام الجديدة عامل ضغط كبير في أحداث كثيرة، استطاعت أن تنقل الحدث بصورته الواقعية والفورية والحقيقية إلى المجتمع الداخلي و العالم دون تجزئه أو تشويش أو تعتيم، وهذا ما منح الفعل الفلسطيني وأشكال النشاط الوطني صدقية يتعاطى لها وبها كثير من وسائل الإعلام في الغرب وشعوبه أيضاً. ومن يتعمق في الهبة الفلسطينية الحالية انطلاقاً من استخدام هذه الوسائط يجد التالي :- 1. استخدام مكثف وعميق لهذه الوسائط يصل أحياناً إلى حد المنهجية والتنظيم والانضباط والابتكار . 2. التوظيف الأمثل والأشمل للعديد من هذه الوسائط دون الاقتصار على وسيلة أو وسيطة واحدة، فوجدنا أن الاهتمام انصب على الفيسبوك واليوتيوب والتوتير وغيرها من الوسائط الاتصالية والتواصلية الجديدة والحديثة. 3. لوحظ أن الكثير من وسائط الإعلام التقليدية خاصة الصحافة والتلفزة والمواقع الالكترونية الإخبارية اعتمدت في كثيرٍ من أخبارها وتغطيتها على شباب ونشطاء في الميدان أجادوا استخدام وتوظيف مثل هذه التقنيات الحديثة ( وسائل التواصل الاجتماعي ) . 4. أصبح هناك فلترة أو " تحرير " لكثير من الأخبار التي تم تناقلها بواسطة هذه الوسائط، فعندما ينشر الناشطون في هذه الوسائط خبراً غير مؤكد الحدوث أو ناقص المعلومة فإنه سرعان ما يتم مراجعته وتصويبه من زملاء آخرين ونشطاء عبر وسائل الاعلام الاجتماعي ، وهذا ما أجبر كثيرين من الشباب لأن يتخذوا الدقة والحيطة عندما يقومون بنشر معلومة هنا أو خبر هناك. 5. لم تكن هذه الوسائط وظيفتها فقط نقل المعلومات وتداول الأخبار هنا وهناك بل استطاع كثير من النشطاء أن يوظفوا هذه الوسائط خدمة للمجتمع وللتنمية المجتمعية والوطنية انطلاقاً من إيمانهم بأن الوسيلة الاتصالية ليست وظيفتها نقل أخبار فحسب بل التغيير الاجتماعي والمشاركة في المفاعيل الاجتماعية والوطنية وحتى الإنسانية عموماً وكذلك في توجيه الناس في ساعات الذروة من التصعيد الاسرائيلي خاصة فيما يتعلق بتسليط الضوء على اماكن وجود الاحتلال واعتداءات المستوطنين المتطرفين . رغم كل ذلك، إلا أن مستخدمي مثل هذه الوسائط يفتقرون أحياناً إلى التعامل مع الخبر باعتباره يندرج في إطار المهنية والمصداقية والشمولية. فكثيراً ما نجد بعض الناشطين ينقلون الخبر دون تمحيص أو التثبت من صحته، وهذا يسبب تشتتاً في الرأي وخلطاً في المعلومة وتناقضاً في التعاطي. خلاصة القول: إن هذه الوسائط الإعلامية والتواصلية الجديدة استطاعت أن تتحول إلى أداة أو " سلاح" بيد الناشطين الفلسطينيين في الهبة الجماهيرية الحالية، واستطاعوا بفعلها تثوير الحالة الوطنية والإيقاع النضالي نحو أشكال متنوعة من الفعل المقاوم الجديد في تاريخ الصراع الفلسطيني الاسرائيلي . |