|
حول الخطوات الاحادية الجانب وحل الدولة او الدولتين؟
نشر بتاريخ: 12/11/2015 ( آخر تحديث: 12/11/2015 الساعة: 12:26 )
الكاتب: عقل أبو قرع
قبل ايام، اشار رئيس الوزراء الاسرائيلي الى امكانية البدء بخطوات احادية الجانب، من اجل التعامل مع الجمود الحالي في العملية السلمية، او في مفاوضات السلام وما يدور من حولها هنا وفي المنطقة، وتأتي هذه التصريحات في ظل تبدل وتغير الاولويات وحتى الاهتمامات في المنطقة وفي العالم في امورنا او قضيتنا، وفي ظل الحديث المتصاعد والمتكرر من هذا الطرف او ذاك حول تلاشي حل الدولتين، وفي نفس الوقت التصريحات الموازية بعدم واقعية حل الدولة الواحدة، وبالاخص من قبل الطرف الاسرائيلي، الذي من شبة المؤكد انة يرفض انضمام حوالي 5 ملايين فلسطيني الى دولة واحدة بحيث يتمتعوا بنوع من الحقوق في في تلك الدولة تحت نظر وسمع ومراقبة ومتابعة العالم؟
وتأتي هذه التصريحات او الاجتهادات في ظل انسداد كامل في الافق السياسي، وفي ظل تحرك شعبي على الارض يتصاعد وبشكل لا احد يستطيع التنبؤ بأي اتجاة يسير، وفي ظل برود او تناسي عربي بما يدور عندنا، وبالاخص انة اصبح ما يجري في سوريا او في اليمن او في ليبيا اكثر اهمية لمصالح دول عربية عديدة، وحتى في ظل اهتمام اوروبي بما يدور على ابوابهم من قضايا اللاجئين وتبعاتها المتدحرجة، وحتى في ظل انشغال امريكي بالمد الروسي المتصاعد في المنطقة وتبعات ذلك الاقليمية والدولية، وحتى في ظل انتظار قرارات او بيانات الجنائية الدولية، والتي من الممكن ان تمتد لعدة سنوات قادمة؟ في ظل كل ذلك، تزداد خطورة تصريحات او حتى البدء في خطوات احادية الجانب، لا نعرف مضمونها، ويعرف من يخططون لها، ان المنطقة والعالم لن تستطيع عمل شئ لايقافها او حتى للتعاطي معها واعطاء الاولوية لها، كما لم تستطع عمل اشياء اخرى، من اجل ايقاف لجؤ حوالي 5 ملايين سوري من بلادهم، او لايقاف الحرب المدمرة التي حطمت بلادهم وحرقت اراضيهم وشتت ابناء الشعب الواحد؟ وبغض النظر عن نوعية الخطوات الاحادية التي يمكن اتخاذها، الا انة ومهما تم او حدث في هذا الاتجاة، فأن ذلك لن يكون دائما او مستقرا، في ظل عدم توافق الطرف الاخر، او عدم وجود غطاء داخلي او خارجي لهذه الخطوات، والاهم في ظل وجود جيل جديد واع ويعرف بالضبط ماهية الحقوق التي يطالب بها، ويعرف معنى السيادة والدولة والحدود والكرامة بالسفر والعمل والانتخاب والحركة، بعيدا عن اية قيود او تدخلات، لم ولن تقبل بها الشعوب الاخرى؟ ورغم الدوامة والجمود واللف والدوران والتصريحات والتهديدات، يبرز ويترسخ العامل الديمغرافي، وبشكل عفوي تلقائي على الساحة، سواء اكان الان او في المستقبل البعيد، وبمعنى اخر ان استمر الوضع على ما هو علية الان،وحسب معظم الاحصائيات والتوقعات، فأن عدد الفلسطينيين في ارض فلسطين التاريخية، الممكن ان يتساوى مع عدد اليهود او حتى يزيد، في نفس هذه البقعة من الارض، وبالتالي فهل تصب الخطوات الاحادية التي يتم الحديث عنها في اطار التلاعب او خلخلة هذا الوضع الديمغرافي؟ حيث من المعروف ان العامل الديمغرافي، او البعد البشري في الصراع الفلسطيني الاسرائيلي، قد شكل وما زال يشكل، هاجسا قويا لسياسات الحكومات الاسرائيلية وبغض النظر عن طبيعتها او تركيبتها، وبالتالي لطالما شكلت سياسة جلب المزيد من اليهود الى هذه البقعة من الارض، جزءا اساسيا من سياسات الحكومات الاسرائيلية المختلفة؟ وفي نفس الوقت، وبعيدا عن واقعية حل الدولة الواحدة، فكيف من الممكن ان يبقى خيار حل الدولتين قائما، ونحن نعرف ان هناك سياسة بل وخطوات عملية من اجل اقتطاع مناطق فلسطينية ولو تدريجيا، وبالتالي فرض القانون الاسرائيلي عليها، مثل الاتجاة بذلك نحو منطقة الاغوار الفلسطينية، اي اقتطاع تلك البقعة الجغرافية الفلسطينية والتي تشكل حوالي ربع مساحة الدولة الفلسطينية المتوقعة في اطار حل الدولتين، التي يسعى الفلسطينييون والعالم لانشائها، لان اقتطاع الاغوار، وبأي شكل او بأية صورة، وتحت اية مسميات، يعني اقتطاع اراض زراعية وتربة خصبة وابار مياة جوفية، واراض سهلة تصلح للانشاءات والمشاريع الاستراتيجية، واقتطاع التواصل بين الداخل، وكذلك اقتطاع او تشوية التواصل مع الخارج؟. وفي ظل تلاشي حل الدولتين، اي اقامة الدولة الفلسطينية المقبولة دوليا ضمن حدود عام 1967 ، والتي تشكل فقط حوالى 22% من مساحة ارض فلسطين التاريخية، يتلاشى التواصل والسيادة والتحكم الواجب لاقامة دولة اسوة بغيرها من الدول في المنطقة والعالم، والذي لم يكن موجودا بالاصل بين الضفة وغزة، اصبح الان غير موجود بين مدينة او قرية واخرى، وان مقومات وجود او ثبات او ديمومة مثل هذه دولة تتداعى بشكل منهجي، من خلال الاستغلال المتواصل لمواردها ولمصادرها الطبيعية من مياة وارض وثروات، ومن خلال الاصرار على التحكم في الاجواء وفي الحدود وفي التنقل ومن خلال التقسيمات المختلفة والتي اصبحت جزء من الواقع. وفي ظل وصول احتمال خيار الدولتين الى احتمال الصفرتقريبا، وفي ظل اوضاع متغيرة وتتغير بسرعة، سواء اكانت عندنا او من حولنا، وفي ظل الحديث عن عدم جدوى المراحل السابقة وشعاراتها واطروحاتها، وفي ظل الحديث عن الحاجة الماسة لاستراتيجية فلسطينية جديدة تتعامل مع السياسات الحالية على الارض، وتأخذ الواقع بكل بمعطياتة بعين الاعتبار ، فان المطلوب هو اخذ هذه المعطيات بشكل موضوعي وعلمي من اجل تحديد الخيارات او البدائل، بعيد عن ما كان يعرف ب" حل الدولتين"، وحتى حل الدولة الواحدة، وبعيدا عن الشعارات الكبيرة والعواطف والتصريحات التي اعتدنا عليها؟ وفي نفس الوقت، ومع ازدياد التصريحات حول خطوات احادية الجانب، قد تشمل ضم وتطبيق قوانين وربما ترحيل وفرض امر واقع وربما اعادة تقسيم ومزيد من الحواجز والجدران، وقد تشمل خطوات اقتصادية وما الى ذلك من امور وجزئيات، فأن كل ذلك وان تم فأنة لن يغير من الواقع بكثير، في ظل وجود ملايين من الناس يعيشون على هذه الارض، ويطمحون في الحصول على حقوق ،اسوة بما حصل علية غيرهم من الشعوب، وبالاخص في ظل بروز ووجود اجيال جديدة، لن يكن من السهل خداعها او التلاعب عليها ببعض التسهيلات او الاجراءات او بعض المرونة هنا او هناك؟ |