وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

موقف جريء لا بد أن يقدر عاليا للدكتور رامي الحمدالله

نشر بتاريخ: 16/11/2015 ( آخر تحديث: 16/11/2015 الساعة: 14:04 )
موقف جريء لا بد أن يقدر عاليا للدكتور رامي الحمدالله
الكاتب: محمد خضر قرش
صدر عن الدكتور رامي الحمد الله رئيس الوزراء تصريحات جريئة وشجاعة وغير مسبوقة بشأن المنظمات غير الحكومية التي أصبحت كالدمامل الضارة والمؤذية في الجسد الفلسطيني،وليس من المستبعد أن تتفشى في الجسم كله إذا لم يتم الوقوف أمامها مليا ووضع حد لها ولدورها في تشويه البنية الاقتصادية والاجتماعية الفلسطينية.و للأمانة فقد سعدت كثيرا بهذه التصريحات الجريئة لكن وبسبب وجودي خارج الوطن لنحو 35 يوما بالإضافة إلى انطلاق هبة تشرين الأول المباركة حال دون التعليق عليها وتقديرها وإعطائها حقها والكتابة عنها.فهي بحق تشكل نقلة نوعية في كيفية التعامل مع مافيا المنظمات غير الحكومية. 

بداية لا بد أن يسجل للرجل شجاعته وجرأته التي لم يسبقه إليها أي رئيس وزراء منذ عودة منظمة التحرير إلى الوطن.وبغض النظر عن التوضيح الشكلي الذي صدر عن مجلس الوزراء بشان بعض ما تتضمنه التصريح والذي تأكد لي بالتسجيل أن ما نقلته ونشرته مجلة الهدف الأسبوعية في عددها 48 تاريخ 29/9/2015 على لسان رئيس الوزراء كان دقيقا ويتطابق مع مضمونه وباعتقادي الجازم انه يستحق عليه وساما وتقديرا. وكنت أتمنى أن لا يصدر بيانا يعدل ما جاء على لسانه بل أكثر من هذا كنت ومعي عموم شعب فلسطين المطحون أن نقرأ تأكيدا له وصحة ما جاء في المجلة.فالهجمة التي شنتها المنظمات غير الحكومية ربما دفعته للقول بان بعضا مما نشر أخذ خارج السياق. ومن المهم أيضا الإشارة إلى أن هناك عددا قليلا جدا لا يتجاوز ربما أصابع اليدين كان لها دورا إيجابيا في المجتمع الفلسطيني وخاصة تلك التي تمول من شخصيات وطنية فلسطينية أو من جهات محلية وهي قليلة على أية حال.

لكن وللأسف فإن أكثر من 90 % من المنظمات غير الحكومية وبغض النظر عن التسميات التي يطلق عليها وعن الشخصيات البارزة التي تديرها وبعضها أعضاء في اللجنة التنفيذية والمجلس التشريعي والوطني وعدد غير قليل منهم وزراء مرموقين ،فأن تمويلها يتم من الولايات المتحدة الأميركية أو جهات شبه رسمية مثل وكالة المعونة الأميركية والوكالات التابعة للإتحاد الأوروبي وكندا واليابان والقليل منها يمول من الدول النفطية العربية. وقد هالني البيان أو الرد الذي صدر عن مجموعة من المنظمات غير الحكومية والتي تطلق على نفسها زورا وبهتانا منظمات المجتمع المدني حين قالت وبالحرف"أن الهدف من التمويل الدولي هو سد احتياجات شعبنا(لاحظوا التعابير الكبيرة وغير الصحيحة) وتنمية القطاعات المختلفة بالتعاون والشراكة مع الحكومة والجهات المختلفة" وللحقيقة لم أقرأ بحياتي كلها بجاحة ووقاحة وتزييف أكثر من هذه التعابير.

لقد أصاب رئيس الوزراء رامي الحمد الله كبد الحقيقة ووضع يده على الجرح النازف منذ نحو عقدين .فما ذكره عن هذه المنظمات الفاسدة والمفسدة لم يتجاوز 10% مما يجب أن يقال عنها. فهذه المنظمات تلقت أكثر من عشرة أضعاف المبلغ الذي ذكره الدكتور رامي الحمد الله. فحينما يقول بان ما تلقته خلال الشهور التسعة الأولى من العام الحالي يصل إلى 800 مليون دولار،مقابل 400 مليون $ تم تحويلها إلى السلطة الوطنية ،فهو يقلل أو يخفف من حجم المأساة التي تم التستر عليها طيلة العقدين الماضيين. وبالحقيقة فقد تلقت المنظمات غير الحكومية خلال الفترة المنوه عنها نحو عشرة مليارات دولار.ولم تتوقف وقاحتها عند هذا الحد،بل قام حيتانها الكبار أو القطط السمان برفع شكوى إلى وزارة الخارجية الأميركية ضد رئيس وزراء فلسطين(تصورا) والذي تمت مراجعته من قبل الإدارة الأميركية.فهذه السلوكيات خطيرة جدا وتعكس إلى أي مدى أو درجة مستعدة أن تذهب إليه فئة المنتفعين من المنظمات غير الحكومية دفاعا عن مصالحهم الضيقة والأنانية والذاتية. فوفقا لدراسات وبحوث ميدانية صدرت عن مراكز ومعاهد فلسطينية فأن مجموع ما تلقته المنظمات غير الحكومية منذ العام 1995 وحتى نهاية 2013 زاد على 10 مليارات دولار،باستثناء ما تم تحويله في التسعة شهور من العام الجاري والبالغة 800 مليون $. وحتى يدرك القارئ الفلسطيني خطورة هذه المنظمات غير الحكومية والممولة من أعداء شعب فلسطين وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الأميركية سأحاول وباختصار شديد أن أبين السلوكيات الضارة والأعمال غير النظيفة التي تقوم بها على شكل نقاط لتسهيل التقاط الرسالة:

1- المنظمات غير الحكومية والممولة من الخارج(الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بالذات) والتي تعد بالمئات يترأسها أشخاص لم يتغيروا منذ ترخيصها.علما بأنهم ينادون بالنزاهة والشفافية والمساءلة ويمطروننا بالتقارير الدورية حول أهمية النزاهة والشفافية والتغيير الدوري للمدراء والمسؤولين. يستثنى من هذه الجمعيات تلك المهنية التي تمثل المحكمين والمحاسبين والمدققين والاقتصاديين والإحصائيين والأسرى والشهداء وذوي الاحتياجات الخاصة ومن في نطاقهم.
2- بعض هؤلاء كما ذكر رئيس الوزراء باتوا من كبار الأغنياء ولديهم فلل ومنازل ومزارع ومشاريع ويحولون أرصدتهم إلى الخارج.فأحد من يتولى المنظمات غير الحكومية على سبيل المثال لا الحصر كان مدرسا لا يملك قوت شهره بات الآن يملك منازل في القدس وكفرعقب فمن أين أتى بكل ذلك؟؟
3- حينما تمت الانتخابات التشريعية الأخيرة (2005) طلب من هم يشغلون رؤساء تنفيذيون ومدراء عامون في الجمعيات أن يستقيلوا من وظائفهم تلبية لشرط التقدم بالترشيح ،وقد قام بعضهم بالفعل بتقديم استقالات شفوية أو على الورق،لكنهم ما لبثوا أن عادوا ليشغلوا نفس وظائفهم التي استقالوا منها بلا خجل وبما يخالف القانون وشروط الترشح ، وضد معايير النزاهة والشفافية التي يتغنون بها ليلا ونهارا. وباتوا يجمعون بين العمل في المنظمات غير الحكومية والعمل التشريعي.
4- بعض من يشغل رئيسا لمجلس إدارة هذه الجمعيات وكان مرشحا عن القدس زار واشنطن ونيويورك وغيرها من العواصم الأوروبية عشرات المرات بينما لم يسجل له قيامه بزيارة واحدة للقدس والمشاركة بأية فعالية أو نشاط نضالي أو اجتماعي ولو من باب ذر الرماد في العيون.
5- الجمعيات وفقا لنظامها تفتح باب الانتساب لأعضاء جدد وتعقد اجتماعاتها الدورية وأعضائها عادة بازدياد إلا المنظمات غير الحكومية الفلسطينية فأعضائها سرمديون لا يتغيرون ، بل وليس من الغرابة في شيء أن تجد شخصا ما مديرا أو رئيسا لمنظمة غير حكومية وبذات الوقت تجد أن توقيعه أساسيا على الشيكات الصادرة عن منظمة غير حكومية أخرى؟؟
6- وآخر نكتة قامت بها منظمة غير حكومية كبيرة ومدعومة من الولايات المتحدة الأميركية ماليا وسياسيا ويقوم رئيسها بزيارات دورية منتظمة للكونغرس لشرح القضية الفلسطينية!! باختيار شاب رئيسا لمجلس إدارتها بعد 15 عاما تقريبا من ترأسه لها ،من باب النزاهة والشفافية والدورية وعدم احتكار المنصب، كما قيل ، لكن واقع الحال بقي على حاله، فمكتبه بقي كما هو وآلية المتابعة اليومية كما هي والتوقيع على الشيكات كما كانت، والشاب الرائع يعتقد انه بات رئيسا لمجلس الإدارة فعلا وليس قولا !!
7- حتى كتابة هذه السطور، أتمنى أن يتاح لي مرة واحدة قراءة الحسابات الختامية لأي منظمة غير حكومية ممولة من الخارج والتعرف على الأموال التي تتدفق إلى حساباته البنكية سنويا وأوجه الصرف المختلفة فأين النزاهة والشفافية والمساءلة .ولماذا يخجلون من نشر الرواتب التي يتقاضونها والامتيازات التي يحصلون عليها.
8- في ردها على رئيس الوزراء قالت المنظمات غير الحكومية" أن الهدف من التمويل هو سد احتياجات شعبنا وتنمية قطاعات مختلفة "!! هل يمكن لهذه المنظمات غير الحكومية أن تبين لنا ما هي الاحتياجات التي تم سدها أو الصرف عليها وقطاعات التنمية التي تم الإنفاق عليها ؟؟ فلم يعد جائزا أن تمرر عبارات كبيرة كهذه دون إثباتات أو دلائل ،كما أن شعب فلسطين لم يعد يقبل مثل هذا الكلام غير المسنود بوقائع على الأرض. نتمنى على هذه المنظمات "الدمامل المعدية" أن تنشر أبرز انجازاتها أو الاحتياجات التي تم سدها وتتشدق بها؟ هذه المنظمات مطالبة اليوم قبل الغد بأن توضح للشعب الفلسطيني ماذا فعلت بنحو عشرة مليارات دولار حولت إلى حساباتها خلال العقدين الماضيين؟؟ لسبب بسيط واحد أنها جميعا تسجل كمساعدة للشعب الفلسطيني. فمن حقه إذن أن يطلع على كافة النفقات وأوجه صرفها المختلفة. فهذه المنظمات تأخذ أموالا ليس من حقها.وعليها أن تقدم كشف حساب لشعب فلسطين لأنها تأتي باسمه.
9- فهذه المبالغ الهائلة كانت كفيلة ببناء مئات المصانع وإنهاء البطالة وصيانة الطرق وكل مرافق البنى التحتية ووقف اعتماد الاقتصاد الفلسطيني على إسرائيل وبناء مئات المشاريع السكنية في كل المدن والقرى .
10- في إحدى مؤتمرات آمان (اعتقد عام 2011 ) نشر نتائج استطلاع للرأي العام ، فكانت النتائج كارثية ،حيث قال أكثر من 70% من المستطلع آرائهم أنهم لا يثقون بهذه المنظمات غير الحكومية. فهم لم يلمسوا أية آثار إيجابية على أوضاعهم ومناطقهم وريفهم ومخيماتهم.فعن أية احتياجات تتحدث عنها هذه المنظمات ؟؟
10-تكثر هذه المنظمات الحديث الدائم عن الجندر،لكن بنظرة بسيطة وسريعة سنجد أن النساء في الريف الفلسطيني بتن أكثر تخلفا وجهلا مما كن عليه قبل الانتفاضة الأولى وقبل انتشار هذه المنظمات غير الحكومية.فالتنمية أو التوعية الريفية بين صفوف النساء تكاد تكون معدومة مما مكَن قوى الظلام من استغلالهن في الانتخابات التشريعية الماضية. فأين هي الاحتياجات التي تم سدها؟ فشعبنا لم يعد يقبل أن تسوق مثل هذه الأقاويل الديماغوجية .
11- جل نشاط وعمل هذه المنظمات في المدن الكبيرة ولدى شرائح وفئات محددة والتدريب في بعض البلديات، وإنجاز دراسات قطاعية ومهنية لكن لم يلمس شعبنا أي موقف وطني ذا وزن لهذه المنظمات من التصريحات الأميركية المتكررة والمنحازة والجارحة بنضال شعب فلسطين.كنت ومعي كل الشعب الفلسطيني ننتظر أن تعقد هذه المنظمات مؤتمرا صحفيا تندد وترد فيه على تصريحات الرئيس أوباما والإدارة الأميركية والكونجرس وفحواها أن الفلسطينيين يمارسون العنف ضد الإسرائيليين !!! كان عليهم أن يقولوا أن الفلسطينيين يدافعون عن وطنهم ضد الاحتلال الباغي الجاثم على صدورهم منذ عام 1948 و1967.
12- هذه المنظمات الممولة من الخارج تقوم بغسل أدمغة الشعب الفلسطيني وتعمل على إنشاء شريحة طفيلية، وتهيأ الشعب لتقبل أية حلول يمكن طرحها في المستقبل ،فهي لا تستطيع أن تفعل غير ذلك. فتمويلها كله يأتي من الولايات المتحدة الأميركية اللعينة وشريكها الاتحاد الأوروبي ،وهي لا تستطيع العيش بدون المساعدات الأميركية . والحقائق والوقائع تقول بأن لم يعد هناك مساعدات مجانية أو بلا مقابل كل شيء له ثمن ،لقد وقعت كل هذه المنظمات غير الحكومية على شروط المساعدات الأميركية ومن ضمنها محاربة الإرهاب!!!! .
13 – المنظمات غير الحكومية الفلسطينية ليست من بني تميم ولا يوجد على رأسها ريشة ولم يُحرم تقييم أدائها وأعمالها ونقدها في القرآن والإنجيل وليست من التابو المحظور التطرق إليه وإن كانت ممولة من الولايات المتحدة الأميركية ووكالاتها والإتحاد الأوروبي ، فهذا كله لا يعطيها الحق بان تكون فوق القانون والنقد والمساءلة. وبغض الطرف أنها من نمير فلا كعب بلغت ولا كلابا كما يقول الشاعر.
14- لقد انتفخت هذه الدمامل في الجسد والجسم الفلسطيني أكثر من اللازم وشوهته وقد حان وقت بطها برأس دبوس وإخراج القيح من الجسد، لأنه لم يعد من الممكن ولا من المقبول استمرارها خارج القانون وإذا لم نفعل ذلك الآن فإنها ستنتشر في الجسم الفلسطيني الطاهر كله مما سيضطرنا لإجراء عملية جراحية قد تكون خطرة في المستقبل نحن بغنى عنها.
وختاما نقول لرئيس الوزراء الدكتور رامي الحمد الله،لا تتردد ولا تخشى هذه الدمامل. ما صرحت به بشأنها لا يمثل سوى 10% من كبد الحقيقة ومما ينبغي أن يقال لذا لا تخشى ابتزازها ولا صراخها وبياناتها حتى لو ذهبت مرة أخرى وقدمت شكوى ضدك لولي نعمتها وممولتها الولايات المتحدة الأميركية. الشعب الفلسطيني سيقف معك ويناصرك ويؤيدك واعتقد جازما بان التصاقها بالممولين الخارجيين كشف عن عوراتها وسلبياتها بالإضافة إلى انحيازها. كل الاحترام والتقدير والشكر لتصريحك . الأخ رئيس الوزراء نحن معك في مواجهة هذه الدمامل الضارة.