وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

سؤال أوباما لنتنياهو عن الدولة الواحدة

نشر بتاريخ: 17/11/2015 ( آخر تحديث: 17/11/2015 الساعة: 14:59 )
سؤال أوباما لنتنياهو عن الدولة الواحدة
الكاتب: تحسين يقين
سؤال الرئيس الأمريكي الاستراتيجي:....................؟
جواب رئيس الوزراء الإسرائيلي اللحظي: "تنوي الحكومة اتخاذ العديد من الخطوات لمنع " الاحتكاك " مع الفلسطينيين حتى في ظل غياب شريك فلسطيني للمفاوضات أو لتسوية نهائية".
تفسير الأسئلة أحيانا والإجابة عليها قد يكون له منظورا بلاغيا، لا في اللغة العربية فحسب بل في باقي اللغات.
إضافة إلى أن البلاغة هي بلاغة الموقف.
لذلك سيبتسم الرئيس أوباما، قائلا في نفسه: لا توجد فائدة!
كنت أحد الفلسطينيين كتابا ومواطنين الذين تحدثوا عن حل الدولة الواحدة كحل حقيقي وذكي وإنساني لقضية الصراع هنا، ربما بدوافع واقعية بسبب ما فعلته حكومات إسرائيل المتعاقبة في الضفة الغربية، وبسبب الوجود الفلسطيني المتنامي داخل فلسطين المحتلة عام 1948، وربما لأسباب رومانسية تأثرا بفسيفساء المجتمعات العالمية ومنها شعب الولايات المتحدة متعدد الأعراق والأجناس والأديان واللغات.
لكنني وقد تابعت أدبيات الإسرائيليين حول الموضوع ووجدتها محدودة وخجولة، بسبب طغيان الفكر العنصري-الكولينيالي، رحت أكتب عن حل الدولتين رغم قناعتي الشخصية بالدولة الواحدة.
ولكن حتى أثناء كتابتي عن حل الدولتين، كنت من حين لآخر أذيّل الحديث، بأن إقامة الدولة الفلسطينية سيؤدي إلى إمكانية اللجوء حل الدولة الواحدة بعد عقدين من الزمن.

ما يدفعني اليوم للحديث هو أننا منذ فترة بدأنا نسمع مسؤولين في الإدارة الأمريكية يتحدثون علنا عن حل الدولة الواحدة، منها ما "أشارت له الإيجازات الصحفية التي تعبّر عن تغيير مقلق جدا في طريقة تفكير الولايات المتحدة في كل ما يتعلق بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي، حيث تحدث ولأول مرة في التاريخ البيت الأبيض وكذلك الخارجية الأمريكية عن الواقع السائد في الضفة الغربية والذي بدا يتحول إلى دولة واحدة لشعبين".
منهم ما ذكره مستشار الرئيس اوباما لشؤون الشرق الأوسط "روف مالي" حين قال "نتج واقع جديد وبات ليس فقط من غير الممكن التوصل إلى اتفاق سلام فلسطيني إسرائيلي، بل مجرد فرصة استئناف المفاوضات باتت ضعيفة جدا وواهية، وفي ظل هذا الواقع من المتوقع أن يسأل الرئيس "اوباما " رئيس وراء إسرائيل نتنياهو ماذا تنوي حكومة إسرائيل القيام به لمنع تحقيق وتجسيد حل الدولة الواحدة لشعبين".

ومنهم ما أكده الناطق بلسان الخارجية الأمريكية "جون كيربي" خلال إيجاز صحفي قدمه للمراسلين الصحفيين المعتمدين قال فيه" قال نتنياهو أكثر من مرة انه لا يريد دولة واحدة أو دولة ثنائية القومية، إذ يبقى السؤال الحقيقي ما هي الخطوات وما هي السياسة التي سيتبعها نتنياهو لمنع هذه النتيجة ؟".
ويعتبر " روف مالي" الدبلوماسي الأمريكي القدير والقديم والمتابع للعملية السلمية من بداياتها واحدا من مجموعة أخذة في الاتساع تضم كبار المسئولين في الإدارة الأمريكية، الذين يعتقدون بضرورة بلورة الولايات المتحدة سياسة للتعامل مع وضع موت فكرة حل الدولتين، والتفكير كيف سيصوغ هذا الأمر شكل العلاقات المستقبلية مع إسرائيل من ناحية المصالح والقيم المشتركة.

ما ذكره المستر مالي هو عين ما عملته كسيناريو ما بعد الدولة الواحدة قبل عامين في مقال سابق بعنوان " في الطريق إلى الدولة الواحدة: لا بد مما ليس منه بدّ" نشرته في كانون الأول 2011، حين حللت التصورات عن الدولة الواحدة للشعبين الفلسطيني والإسرائيلي من خلال أربعة مرتكزات:
"Times New Roman","serif";mso-fareast-font-family:"Times New Roman"" id="yui_3_16_0_1_1447748463209_10226" class=""- كيفية الطريق إلى الدولة الواحدة..
"Times New Roman","serif";mso-fareast-font-family:"Times New Roman"" id="yui_3_16_0_1_1447748463209_10240" class=""- القوانين والعلاقات الداخلية فيها.
"Times New Roman","serif";mso-fareast-font-family:"Times New Roman"" id="yui_3_16_0_1_1447748463209_10252" class=""- تصور الدولة الواحدة ضمن سياق قومي عربي.
- تصور علاقات الدولة إقليميا وأوروبيا وأمريكيا.
وكان د. مازن قمصية أحد دعاة الدولة الواحدة قد عرض للمرتكزين الأول والثاني في لقاء نظّمه المركز الفلسطيني لأبحاث السّياسات والدّراسات الإستراتيجيّة في 22/11/2011.

في حين ناقشت المرتكزين الثالث والرابع، غير مكتف بعلاقة هذه الدولة فقط بالولايات المتحدة وأوروبا، بل عرضت تصوري لها في السياق القومي أيضا. تصورنا للدولة الواحدة ضمن سياق قومي عربي.
وزعمت أن بحثهما أمر استراتيجي، كون إسرائيل حليفا للغرب، للولايات المتحدة خصوصا، ذلك أن تأسيس هكذا دولة لا يمرّ فقط من خلال الإرادتين الفلسطينية والإسرائيلية، بل وأيضا لا بدّ من توفرّ إرادة أوروبية وأمريكية، ذلك أن قيام الدولة الفلسطينية الإسرائيلية في فلسطين ستنسف تحالفات دولة إسرائيل، حيث ستتجه الدولة الجديدة نحو علاقات متوازنة مع المحيط العربي كون الفلسطينيون أشقاء للشعوب العربية، وكونهم (والإسرائيليون بشكل خاص) أصدقاء وحلفاء لأوروبا والولايات المتحدة.

ففي حالة حل النزاع-الصراع هنا، لن تعود تحالفات إسرائيل ضرورية، لأنها ستصبح من بنية المنطقة، حيث ستنتهي إسرائيل العنصرية والكولينيالية، وستندمج إسرائيل الديمقراطية بفلسطين الديمقراطية. وستكون دولة علم وصناعة وتكنولوجيا وثقافة..لا دولة عسكرية في الدرجة الأولى، وإن كانت ستكون دولة قوية بالمفهوم العسكري، للدفاع عنها وليس للهجوم على أحد.
وهذا هو المرتكز الرابع، والذي من خلاله سنفضي للمرتكز الثالث: تصورنا للدولة الواحدة ضمن سياق قومي عربي.
هذا المرتكز يعنى بالعلاقة ما بين الدولة الواحدة والدول العربية والإسلامية، فمن الطبيعي أن تزول علاقة العداء، ويتم استبدالها بعلاقة حسن جوار.
علاقات تقوم على التعاون والصداقة، وهي صداقة من نوع خاص، كون نصف سكان الدولة فلسطينيين عربا لديهم صلات طبيعية مع دول الجوار العربي والإسلامي.

ستكون الدولة فيها الأديان الإسلام والمسيحية واليهودية..ومن اللغات العربية والعبرية والإنجليزية..وستكون عروبية غربية، وهي بهذه المعاني ستكون دولة مميزة، تستطيع الاستفادة من هذه المزايا، ستكون لها علاقات مع المحيط العربي.
وستكون لها علاقات مع الغرب والولايات المتحدة..وربما ستتوسط الشرق- والغرب..بالمعنى الرمزي والواقعي..حيث سيكون حل النزاع هنا بين العرب والمسلمين وإسرائيل، حلا لمشاكل تاريخية بين العرب وأوروبا والغرب عموما..
أي ستكون عضوا في جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي، وربما الاتحاد الأوروبي..
وقلت وقتها "قد يبدو ذلك رومانسية فكرية وسياسية، لكنها فكرة إنسانية لحل القضية من جذورها، وهناك ما يشجع "خصوصا أن أوساطا واسعة في العالم يمكن أن تبدي تفهما أكبر للأبعاد المتعلقة بالمساواة والعدالة وحقوق الإنسان كما يمكن أن يجسدها هذا الخيار".
ونصحت الفصائل الفلسطينية والأحزاب الإسرائيلية المؤمنة بهكذا مستقبل للعلاقة بين الشعبين وبينهما وبين الشعوب العربية والعالم أن يضعا ذلك الطموح في برامجها الحزبية..

وعرضت بعض الخطوات التي يمكن أن تفعلها الفصائل والأحزاب في فلسطين وإسرائيل التي تصل للحكم، من أجل تسهيل الوصول لهذا الحل، ومن هذه الخطوات: منح إسرائيل الاستقلال للشعب الفلسطيني على معظم أراضي عام 1967، إزالة الحواجز وجدار الفصل العنصري، ومساهمة إسرائيل في تنمية فلسطين وتعاون شامل كبير بين الدولتين، وضع ما يلزم من متطلبات في التعليم واللغة والإعلام، حرية التنقل والعمل والتجارة، وعمل كل ما يخفف من الفجوات والتناقضات، وبما يزرع الثقة بين الشعبين.
عودا على بدء، واستئنافا لما أشار له مسؤولون أمريكيون حول الدولة الواحدة، أكان منطلقه "الحفاظ على تنفيذ حل الدولتين"، أو "التهديد النظري بواقع اخذ بالتبلور في الميدان على مرأى ومسمع العالم" فإنهم وبمناسبة زيارة نتنياهو باتوا "يسلطون الأضواء على سير إسرائيل بخطى ثابتة على طريق الدولة ثنائية القومية، للإشارة الواضحة والصريحة "لافتقار نتنياهو لأي رد أو خطة للتعامل مع هذا الاتجاه".

ولنتأمل سخرية موقع "هارتس الإسرائيلي في التعليق على الإيجازات الصحفية الأمريكية: "من الصعب معرفة فيما أو كيف ستشبع رزمة نتنياهو نهم البيت الأبيض لان المجموعة القيادية التي تعتقد بان حل الدولتين يلفظ أنفاسه الأخيرة ستنظر إلى رزمة نتنياهو كحبة أسبرين يقدمها لمريض مصاب بالسرطان والبيت الأبيض يريد رؤية إلى جانب خطوات من نوع " السلام الاقتصادي " التي تحدث عنها نتنياهو خطوات وعمليات كبيرة تؤشر إلى أن وجهة إسرائيل الإستراتيجية صوب حل الدولتين حتى وإن تم تطبيق هذا الحل في المستقبل البعيد" .
يبدو أن الولايات المتحدة تسعى لخلق واقع جديد يؤدي إلى "تغيير الاتجاه السائر حاليا نحو الدولة الواحدة إلى اتجاه أخر نحو حل الدولتين، من خلال لجم البناء الاستيطاني خاصة خارج حدود الكتل الاستيطانية الكبرى وزيادة تواجد السلطة الفلسطينية في مناطق C الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية الكاملة والتي تشكل خزان الأراضي الاستراتيجي للدولة الفلسطينية المستقبلية" .
والولايات المتحدة التي تدرك رفض إسرائيل مثل هذه الدولة الواحدة المفترضة، مطالبة أكثر من أي وقت مضى بالضغط على إسرائيل لتخليصها من نفسها من جهة، ولتقديم استحقاقات إعلاناتها المتكررة عن حل الدولتين من جهة أخرى حفاظا على مصداقيتها تجاه عملية السلام التي تكفلت برعايتها، حتى لا يتقدم رعاة آخرون للتعامل معها.
أما أن يستمر كل هذا العبث، فلا أحد هنا وهناك سيحتمله!