وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

نظرة إلى المستقبل

نشر بتاريخ: 19/11/2015 ( آخر تحديث: 19/11/2015 الساعة: 10:26 )
نظرة إلى المستقبل
الكاتب: أيمن هشام عزريل
يعيش الإنسان في الوقت الحاضر في عالم متغير، وتحت تأثيرات اجتماعية، وثقافية، واقتصادية، وسياسية، وقد تعقدت الحياة التي يعيشها الإنسان وتحولت من البسيطة إلى المركبة ولم يعد الإنسان قادراً على تحقيق هدفه، ولم تعد الأهداف قادرة على أن تجلب الطمأنينة والأمن النفسي، إن أكثر الأفراد قدرة على التكيف هم أولئك الذين يستجيبوا لزمانهم ويعيشونه حقاً ويحسون شوقاً وحنيناً للمستقبل ليس قبولاً واستسلاماً لكل أهوال الغد ولا إيماناً أعمى بالتغير من أجل التغيير بحد ذاته، وإنما فضولاً قوياً واندفاعاً نحو معرفة ماذا سيحدث في المستقبل فكلما كان التفكير في المستقبل بموضوعية أكثر كان الواقع أكثر راحة وتأكيداً لمشاعر الاطمئنان والتوازن.

يتطور قلق المستقبل بشكل تدريجي مع الزمن ومع ازدياد المخاوف والمسببات التي تؤدي إلى هذا القلق، وتنعكس هذه الحالة وتلك الميول حتماً بشكل سلبي على التطور الاجتماعي – والسياسي في البلد عموماً، مما يؤدي إلى ترك الشباب لوطنهم والهجرة إلى الخارج بسبب تردي الأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية، وقلق المستقبل هو ميل فطري للتعامل مع الخوف، ويبدو أن هذه المخاوف تزداد مع الزمن لأن قائمة الأحداث غير السارة كثيرة جداً.

يوجد تشابه بين الخوف من الفشل وبين قلق المستقبل، ففي ظل الثورة العلمية والمنافسة الشديدة أصبح من الضروري للفرد أن يجد لنفسه مكاناً مميزاً وقد أشير إلى أن الفشل يؤدي إلى فقدان الفرد الثقة في نفسه وفي الآخرين، كما أن خبرات الفشل المتكررة تجعل الشخص عرضة للقلق ويشعر بعدم الاهتمام والإحجام بصفة عامة عن عمل أهداف واقعية لنفسه، كما ان الأفراد الذين يعانون الخوف من الفشل يفتقدون الدافعية للإنجاز والنجاح حيث يعتقدون أن النجاح يعتمد على الحظ أو على عوامل خارجية وليس على قدراتهم أي إن مركز الضبط لديهم خارجي كما أنهم يشعرون بأنهم غير قادرين على التحكم في مستقبلهم؛ وبالتالي تفتر همتهم، وتقل دافعيتهم، وتحبط رغبتهم بالعمل والنجاح، وهذا ما يخلق حالة من الاستسلام والعجز والميل إلى الرضا بالوضع الراهن دون تحسينه، ومن ثم انخفاض الدافعية للإنجاز.

ويؤثر التشاؤم سلباً في سلوك الإنسان وصحته النفسية والجسمية، والنظرة التشاؤمية للمستقبل تجعل الفرد عرضة للاكتئاب واليأس والانتحار، حيث يتصف المكتئبون بتعميمهم الفشل والنظرة السلبية للحياة والذات والمستقبل، و يمكن القول أن من لديه هذه النظرة السلبية للمستقبل قد يترتب على ذلك هبوط روحه المعنوية وتناقص دافعيته للعمل.
إذا افترضنا أن الأمل هو النقيض لليأس، وإذا افترضنا أن الأمل يتشابه مع التفاؤل (وهو ليس التفاؤل)، من حيث كل منهما نزعة استبشار، وتوقع النتائج الايجابية، إلا أن الأمل حالة من الوجود الإنساني، وإذا كان التفاؤل هو العكاز الذي يستند إليه الفرد عند مواجه الأزمات التي تحول بين الفرد وبين الهدف، فأن الأمل هو إنتاج طرق جديدة إذا فشل المسار الأصلي لتحقيق الهدف.

وتبدو العلاقة بين الأمل والخوف متفرعة ومرنة، فالأمل أكثر ارتباطاً بالخوف من التفاؤل، فالخوف والأمل مكملان لبعضهما البعض، حيث أن كلاً منهما يتضمن مكونات تتعلق بالمستقبل، وتتضمن هذه العوامل أعباء المعيشة، وأزمة البطالة، وقلة الدخل، وغلاء الأسعار وطغيان الماديات، والعلاقات الاجتماعية القائمة على مبدأ (النفعية).
وفي ظل هذه التساؤلات يصبح القلق من المستقبل، ومن المجهول واضحاً، حيث يتساءل الفرد: هل سيلحق بهذه المتغيرات، هل سيمتلك الأدوات اللازمة للسيطرة على مستقبله؟ أم أنه سينظر لنفسه والمستقبل والعالم بنظرة توجس وقلق؟ هل ستختفي القيم والتفرد ويبقى لكل واحد فينا خصوصيته أم أنه سيسود الجانب السلبي من العولمة الذي هو تنميط العالم بحيث يصبح العالم كله وحدات متشابهة وهذه الوحدات (البشر) هي أصلاً وحدات اقتصادية لا تتسم بأي خصوصية، وليس لها ذاكرة تاريخية أو أخلاقية، وذلك لتصبح الحدود بلا قيود لأن الخصوصية الثقافية والأخلاقية تعوق الانفتاح العالمي.