|
فالج لا تعالج
نشر بتاريخ: 24/11/2015 ( آخر تحديث: 24/11/2015 الساعة: 14:37 )
الكاتب: رامي مهداوي
أصبحنا نتعامل مع "الشلل" وكأنه المرض الدائم في الجسد الفلسطيني، وكأننا أصبحنا نسعى الى وصول كافة مكونات هذا الجسد الى " الشلل" حتى نضمن بأن وظائف الجسد جميعها متعايشة مع "الشلل"، وإذا ما نظرنا الى النظام السياسي الفلسطيني فإننا نجده ليس فقط مشلول؛ وإنما في غرفة الإنعاش مما يجعل أغلبية قيادة هذا النظام في حالة من الراحة والاستقرار على الصعيد الشخصي، غير مدركين بأنهم "الشلل" ذاته الذي لا يروه بأعينهم، ولا يسمعونه من المجتمع/الشعب الذي يشكل القاعدة الأكبر لأي نظام سياسي.
والأخطر من هذا كله، هو تقبل الأغلبية المكونة للنظام السياسي هذه الحالة بل والعمل على خلق نظريات وأيديولوجيات تتناسب مع "الشلل" بتبريرات عاجزة، تجعلني أفكر في ذات هذا الشخص: هل هي عضو مجلس تشريعي... وهل هي تعلم معنى أن تكون عضو في البرلمان؟ هل هو أمين عام فصيل/حزب... أم هو أمين فقط على ذاته ومصالحه؟! لماذا يحق له نقد الراحل ياسر عرفات ولا يسمح للموظفين بنقده وهو يدير هذه المؤسسة الأهلية أكثر من مدة حكم معمر القذافي لليبيا؟! نعم، علينا أن نعترف بأننا نعيش في أزمة نظام كان يمكن علاجها والآن هذه الأزمة أصبحت مطلب لعيش العديد من الشخصيات لأنهم يعتاشون على الأزمة، أزمة متشابكة من أسفل لأعلى وبالعكس، وأيضاً أزمة بالعرض ما بين المؤسسات لخلق مؤسسات ومواقع خاصة بهم ولأحفادهم. بالتالي هم ذاتهم خلقوا أزمة تفاعل بين مكونات المؤسسات المختلفة المكونة للنظام السياسي ما بين كافة المؤسسات الحزبية، الحكومية، النقابية والأهلية، الخاصة، حتى وصل البعض لمؤسسات العائلة. مما جعل الشعب_ المجتمع_ يعاني من شلل غيابه في قيادة الأزمات التي يتعرض لها_ ليس فقط الأزمة السياسية_ وكأنه في حالة شلل كامل للجسد بالتالي أصبحت وظيفته التنفس ضمن ما هو موجود دون أي دور لوظائفه الأخرى التي يجب أن يقوم بها. لهذا كله أصبحت المنظومة الرئيسية التي تدير كل ذلك هي الولاءات الوهمية التي تكون أشبه بالسراب، من أجل تعزيز "شخص/فرد" معيّن وفق للمصالح وليس الكفاءات والخبرات ومدى الإنتاجية وإنما مقدار الولاء والإيمان بالعقيدة التي يتم تشكيلها إما من خلال فرد ما أو مجموعة أفراد يريدون الحفاظ على دائرة المصالح وتوسيعها. ومن يجب أن يعارضوا ما يحدث أصبحوا يقبلون جوائز الترضية، بل يسعون لاهثين بحثاً عنها مع جاهزيتهم وموافقتهم بأن يصابهم الشلل، هؤلاء كانوا في الماضي أشد أعداء السلطة وحركة فتح بالتحديد ويحفرون لها في كافة اجتماعاتهم ومقالاتهم ومقابلاتهم في الإعلام والمؤتمرات الدولية؛ والآن هم من يقودون زمام الأمر وكأنهم أصحاب المشروع منذ البداية وتناسوا بأنهم من كانوا يثقبون السفينة كل حسب مكانه، حتى من مازال معارض هو معارض فقط من أجل أن يقول أنا هنا .. مازلت هنا... من باب "خالف تعرف" دون طرح بدائل عملية تجمع المبعثر وطرح بديل لحالة التشرذم والاستمرار في التدحرج الى الهاوية. وعند محادثتي لبعض الشخصيات في مواقع مختلفة لتلك المؤسسات، نقع في حالة استغراب متبادلة، هم يستغربون ما أتحدث به وكأني قادم من كوكب آخر، وأنا أستغرب استغرابهم وكأن الشعب عبارة عن أشباح يعيش هؤلاء "المستغربون" معنا نراهم ولا يشاهدوننا!! وهذا يؤكد بأن البعض منسجم مع ذاته كونه "مشلول" ويرفض الاحتكاك بمجتمعه، لنصل الى حالة من الغياب في التواصل وبالتالي انعكاس ذلك في البرامج والتوجهات لمختلف المؤسسات، وعدم تقديم بدائل ملموسة لحالة الشلل التام. حتى المؤسسات التي يجب أن تكون مختلفة كونها تلعب دور المجتمع المدني أو المعارضة، أصبح الشلل متبادل معها كونها داخل هذا النظام السياسي، لهذا كان من المجدي لها ضخ دماء جديدة في هيئاتها وهياكلها التنظيمية والإدارية ومجالس الأمناء التي لا تستيقظ فقط عند وجود انتخابات داخلية!! دون أن تمنح لأبنائها وأعضائها هامش للتحرك والتجديد؛ والمخجل يتم محاربتهم اذا ما حاولوا معاجلة الشلل والوقوف كأول حركة محاولين بعد ذلك السير على الأقدام غير مكترثين للشلل ومعالجين لآثاره، ليتم اتهامهم باتهامات جاهزة مسبقة!! مما يؤدي الى حالة عقم وتشرذم داخل كل مؤسسة وهذا ما يزيد الشلل القائم وتزايد حجم الهوة بين مكونات النظام السياسي والقاعدة الأساسية له. ما هو الحل؟ ليخرج مصطلح سياسي " فالج لا تعالج" ... بمعنى أن الحالة ميئوس منها ولنبقي هذا الجسد المشلول فقط داخل غرفة الإنعاش، دون أي محاولة لعلاج ما يمكن علاجه، بالتالي يصبح عنا حالات من التضخم الميئوس منها، دون البحث عن استراتيجيات للمعالجة، تصميم سياسات، تطوير وتنمية أجهزة الرقابة التي أصبحت أيضاً ميئوس منها من قبل الشعب وكأنها أصبحت أداة لتثبيت الشلل، فتح المجال للتداول السلمي للسلطة في كافة المؤسسات. يريدوننا أن نردد علاجهم السحري للوضع القائم.... فالج لا تعالج. |