نشر بتاريخ: 24/11/2015 ( آخر تحديث: 24/11/2015 الساعة: 21:50 )
القدس - معا - سلمت أربع منظمات حقوقية فلسطينية تقريرًا سريًا لبنسودا (Bensouda)، المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية، بالأصالة عن نفسها وبالنيابة عن الضحايا الفلسطينيين الذين سقطوا خلال "عملية الجرف الصامد" التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة.
ويشتمل هذا التقرير، الذي قدمته مؤسسة الحق ومركز الميزان لحقوق الإنسان ومؤسسة الضمير لحقوق الإنسان والمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان بموجب أحكام المادة (15) من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية؛ على معلومات حول الجرائم التي وثقتها هذه المنظمات معًا خلال الهجوم العسكري الذي شنته إسرائيل على قطاع غزة في العام 2014.
"لقد اعتدنا على ما تقوم به إسرائيل من قتل الفلسطينيين وإصابتهم في قطاع غزة. فالحرب التي شنتها إسرائيل على القطاع في العام 2014 هي الحرب الثالثة التي تشنها على أبناء شعبنا في غضون ست سنوات تقريبًا. ولكن لا شيء يمكنه أن يعوضني بالكامل عن الخسارة الفادحة التي ألمّت بي بفقدان أبنائي وأحفادي وحفيداتي في هجوم استهدف بيت عائلتي." هذه رواية بثينة اللوح، وهي أم ثكلى تبلغ من العمر 57 عامًا. "ففي يوم 20 آب/أغسطس 2014، في الساعة 4:45 فجرًا، قصفت إسرائيل بيتنا في دير البلح بينما كان أفراد عائلتي يغطون في النوم، وقتل ابني واثنان من أبناء زوجي في هذا القصف، كما قتلت زوجة ابني التي كانت في الشهر التاسع من حملها مع أطفالها الثلاثة. لن تعود عائلتنا كاملة كما كانت أبدًا، وتحول بيتنا إلى كومة من الركام. آمل أن تعترف المحكمة الجنائية الدولية بالجرائم التي وقعت علينا وأن تعاقب أولئك الذين حرمونا من أحبتنا."
وقال شعوان جبارين، مدير مؤسسة الحق، في حديثه من لاهاي: "لقد قدمنا لمكتب المدعية العامة ما يكفي من المعلومات التي تتيح له أن يقرر وجود أساس معقول يحمله على الاعتقاد بأن كبار المسؤولين العسكريين والسياسيين الإسرائيليين ارتكبوا جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب خلال الهجوم العسكري الذي شنته إسرائيل على قطاع غزة. ونحن على ثقة بأن هذه المعلومات التي باتت الآن تحت تصرف مكتب المدعية العامة تعتبر كافية لفتح تحقيق، ونحن نحثها على اتخاذ الإجراءات لإطلاق تحقيق رسمي على وجه السرعة."
وبالاستناد إلى ولاية المحكمة التي ترمي إلى وضع حد للإفلات من العقاب الواجب على جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، أوردت منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية التي رفعت التقرير شواهد حية ومفصلة حول جرائم القتل والاضطهاد والتعذيب وغيرها من الأفعال اللاإنسانية، إلى جانب الهجمات المتعمدة والمقصودة التي طالت الأشخاص المدنيين والأعيان المدنية والدمار الواسع الذي لا تبرره الضرورة العسكرية. فعلى وجه العموم، أقدمت القوات الإسرائيلية على قتل ما يزيد على 1,540 مدنيًا فلسطينيًا على مدى 51 يومًا وتسببت في تهجير مئات الآلاف وتشريدهم من مناطق سكناهم. وكانت هذه الحصيلة المرتفعة لأعداد القتلى والتهجير الجماعي نتيجة مباشرة للهجمات الإسرائيلية العشوائية والمباشرة التي استهدفت المدنيين والأعيان المدنية الفلسطينية. كما يستعرض التقرير هجمات محددة طالت بيوت الفلسطينيين والمستشفيات والمدارس والمباني العالية.
وقال راجي الصوراني، مدير المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، في تصريحه: "بناءً على خبرتنا الطويلة في تمثيل الضحايا الفلسطينيين أمام الآليات الإسرائيلية المتاحة، بما فيها المحكمة العليا، فمن الواضح أن مبدأ التكامل لا يمنع المدعية العامة من السعي للحصول على التفويض بفتح تحقيق. فإسرائيل لا تبدي الاستعداد لإخضاع المسؤولين عن ارتكاب الجرائم الدولية للمساءلة على المستوى المحلي لديها، ولا تملك فلسطين القدرة على ذلك. إننا بحاجة إلى المحكمة الجنائية الدولية لكي نضع حدًا لدائرة الإفلات من العقاب."
وتفيد المنظمات المذكورة بأن الجرائم الإسرائيلية ارتكبت في سياق هجوم واسع النطاق أو منهجي بناءً على سياسة وضعت على أعلى المستويات في القيادة المدنية والعسكرية الإسرائيلية، بما فيها أعضاء المجلس الوزاري، وهي تصل إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
ومن قطاع غزة، قال عصام يونس، مدير مركز الميزان لحقوق الإنسان، إن "الاحتلال الإسرائيلي، والحصار الخانق الذي يفرضه على قطاع غزة، متواصل على مدى ردح طويل من الزمن، ونحن لا نعتقد بأن أي أشخاص، ولا سيما الضحايا الفلسطينيين، يتعين عليهم أن يختاروا بين السلام والعدالة. وتملك المحكمة الجنائية الدولية الفرصة التي تتيح لها إجراء تحقيق موضوعي وملاحقة الإسرائيليين المسؤولين عن الجرائم البشعة التي أدانها المجتمع الدولي ومعاقبتهم عليها. كما تستطيع المحكمة أن تردع إسرائيل عن اقتراف الجرائم في المستقبل. وبناءً على ذلك، ينبغي للسيدة المدعية العامة أن تباشر في طلب التفويض لفتح تحقيق في تلك الجرائم."
وأعلنت منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية المذكورة، في سياق تقديم تقريرها، عن نيتها مواصلة التعاون مع المحكمة بغية التأكد من أن الضحايا سينالون العدالة والتعويض عن الضرر الذي وقع عليهم.