|
الجمعيات غير الحكومية:مضارها ومفاسدها يفوق منافعها وفوائدها
نشر بتاريخ: 25/11/2015 ( آخر تحديث: 25/11/2015 الساعة: 14:50 )
الكاتب: محمد خضر قرش
يزدحم المجتمع الفلسطيني بعدد كبير غير مبرر وغير مفهوم من الجمعيات غير الحكومية أو الأهلية، غير المنتجة بل والمفسدة، والتي يطلقون عليها أسم منظمات المجتمع المدني. وقد ازداد العدد بشكل ملفت للنظر بعد توقيع اتفاقية اوسلوا عام 1993. ويتركز معظمها في المدن الكبيرة وخاصة رام الله /البيرة والقليل يعمل في المحافظات الأخرى، لدرجة بات معها الناس يقولون في رام الله على سبيل المثال بين جمعية وأخرى هناك جمعية.أو كما يطلق عليها بعض المتابعين، باتت أكثر من الهم على القلب.
في البداية يتوجب علينا أن نفرق أو نميز بين الجمعيات غير الحكومية، لأنه لا يمكن ان تكون كلها على نفس المسافة،أو وضعها كلها في كيس أو سلة واحدة.فالجمعيات المهنية المتخصصة كالجامعات والمستشفيات والأطباء والاقتصاديين والمحاسبين والمنظمات النقابية والأسرى والشهداء والمحكمين والمعلمين وذوى الاحتياجات الخاصة وكافة الجمعيات ذات الطابع المهني والممولة محليا ومن في نسقها وإطارها المهني، لا يمكن أن تدرج ضمن الجمعيات غير الحكومية الممولة من الولايات المتحدة الأميركية ووكالاتها ومؤسساتها التابعة والاتحاد الأوروبي وكندا. فكل الجمعيات الممولة من الخارج هي المقصودة في هذه المقالة وخاصة تلك التي تعمل تحت كليشيهات وأسماء براقة مثل حقوق الإنسان والديمقراطية وتنمية المجتمع وحقوق المرأة والدراسات النسوية والمساءلة والشفافية والحوكمة وتنمية الشباب وحقوق المواطن ونبذ العنف والتعايش مع الشعوب والبحوث الإنسانية واقامة الحوار الإنساني مع الآخر وبعض مراكز الاستطلاع الموجهة للتأثير على الرأي العام الفلسطيني والمنافع المتبادلة وبعض المراكز الثقافية ..الخ فكل مثل هذه الجمعيات غير الحكومية ومن في نسقها وإطارها وممولة من مؤسسات الولايات المتحدة الأميركية عدوة الشعوب رقم واحد في العالم والاتحاد الأوروبي وكندا لم تؤسس وتمول بملايين الدولارات من أجل عيون الشعب الفلسطيني كما لم تكن كاستجابة لضرورات تنمية المجتمع والمرأة كما يحلو لها أن تبرر وجودها. المشاركون في تأسيس هذه الجمعيات ورؤساء مجالس إدارتها ومدرائها التنفيذيون لا يقدمون تفسيرات مقنعة للشعب الفلسطيني عن الحيثيات والمبررات أو الدواعي التي تدفع الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وكندا وغيرها بتقديم مئات الملايين من الدولارات سنويا للإنفاق على نشاطات هذه الجمعيات؟هل ينفقون كل هذه الأموال لسد احتياجات اجتماعية وتنموية وثقافية محددة ؟ هل استيقظت إنسانيتها فجأة لمساعدة الشعب الفلسطيني بعد أن عملت قرون كثيرة على تحطيم وطنيته واستعماره وتجهيله؟ أم بغرض تخريب فكره وحرف بوصلته النضالية عن قضاياه الرئيسة؟ فإذا كانت تريد مساعدة الشعب الفلسطيني حقا فبإمكانها وبسهولة وبدون إنفاق هذه الملايين من خلال التصويت في مجلس الأمن الدولي تحت البند السابع بضرورة انسحاب إسرائيل من الأرض الفلسطينية ، فهذه أكبر مساعدة يمكن أن تقدم للشعب الفلسطيني. فكيف لمن أوجد إسرائيل ومول كل حروبها العدوانية ضد الفلسطينيين والعرب أن يمد يد العون للفلسطينيين الذين شردوا وطردوا من وطنهم تحت سمع وبصر الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وغيرها؟؟ ساذج جدا – هذا في حال أحسنا الظن- من يتوهم أن الأموال الأميركية والبريطانية والفرنسية والكندية ..الخ تقدم من اجل مساعدة الشعب الفلسطيني وتنمية مهاراته وتدريبه ؟ من يريد أن يساعد الشعب الفلسطيني بالإضافة إلى ما ذكرناه أنفا عليه أن يساعده- وهذه الدول قادرة عليه – بالتخلص من الاحتلال البغيض. من يريد حقا مساعدة الشعب الفلسطيني عليه أن يتعهد بعدم استخدام الفيتو ضد مشاريع القرارات المتعلقة بالاستيطان والقدس والتصويت لصالح إقامة دولة فلسطينية كاملة العضوية وان لا يعترض على ذهابها لمحكمة الجنائية الدولية لرفع قضايا ضد الاحتلال ؟ ومن يريد مساعدة الشعب الفلسطيني والوقوف معه عليه أن يتوقف عن التأييد الأعمى لكل ما تفعله إسرائيل من قتل المدنيين والأطفال وأحيانا حرقهم ووقف الاعتقالات؟ الجمعيات غير الحكومية الممولة خارجيا حولت الفلسطينيين مع سبق الإصرار والترصد كالأيتام على موائد اللئام؟ لم يعد مقبولا أن تستمر هذه الجمعيات بحرف البوصلة النضالية لشعبنا وتشويه تاريخه العريق وتغيير أولوياته بحيث يصبح مقاومة الاحتلال إرهابا وعنفا لا يخدم عملية السلام؟ فكل هذه الجمعيات تعمل وفق الأجندة والأغراض الأجنبية وليس وفق الأجندة والاهتمامات الفلسطينية الوطنية. الجمعيات غير الحكومية أوجدت فئات وشرائح غير منتجة وطفيلية وتقتات على غيرها لتعتاش.فهي لا تولد قيمة مضافة للاقتصاد الوطني وإنما تستنزفه وتهدر موارده وتحرف الشباب عن القطاعات الإنتاجية وتجعله عالة على المجتمع . لم يسجل للجمعيات غير الحكومية في فلسطين منذ تأسيسها وتمويلها من قبل الولايات المتحدة الأميركية ودول حلف الأطلسي أية إنجازات ذات شأن تذكر على صعيد المجتمع الفلسطيني ،ونتمنى عليها أن تقدم كشف حساب للشعب عما أنجزته ميدانيا وما حققته لتثبت أنها تعمل للمصلحة الوطنية الفلسطينية. فهذه الجمعيات باتت مافيا منظمة لها مصالح وأنصار وقنوات اتصال مع الولايات المتحدة الأميركية والغرب الأوروبي تستطيع أن تضغط وتحصل على مبتغاها غير النظيف. ليس هذا فقط بل ذهب بها الأمر أبعد من هذا حينما توجهت لوزارة الخارجية الأميركية لتشكو رئيس وزراء فلسطين لأنه يريد أن يحد من نفوذها ويسأل عن مصادر أموالها ويطلع الشعب الفلسطيني على حقيقة ما تفعله من تخريب للبنية الاقتصادية الفلسطينية. لقد هبت في وجهه واندفعت بقوة وأصدرت بيانا ضد رئيس الوزراء أقل ما يمكن وصفه بأنه وقح.الشعب الفلسطيني من حقه الاطلاع على نشاطات هذه الجمعيات ومعرفة حجم الأموال التي تتلقاها وخاصة أنها تسجل تحت بند مساعدات للشعب الفلسطيني، فما دام الأمر كذلك عليها تقديم كشف حساب مفصل وتقول للشعب ماذا تفعل وما هي منجزاتها. كل ما يراه شعب فلسطين من مسئولي هذه الجمعيات أنهم باتوا من كبار الأغنياء والمتنفذين ويعرفون معالم وأسماء شوارع عواصم العالم أكثر مما يعرفون مزايا وأسماء شوارع القدس عاصمة شعب فلسطين. سنبقى نكتب عن هذه الجمعيات غير الحكومية الممولة من الخارج حتى تفيء وتنصاع لإرادة شعب فلسطين وتعود إلى رشدها ووطنها الغالي فلسطين. ومن الضروري أن نقول للمدراء التنفيذيين ورؤساء مجالس إدارة هذه الجمعيات ماذا ستفعلون في يوم تتوقف فيه الدول الممولة عن الإنفاق عليكم ؟؟ الم تسألوا أنفسكم يوما مثل هذا السؤال؟ فالتجارب في كل دول العالم تقول ، أنه حين انتفاء الغرض من التمويل وتحقيق أهداف الممول الخارجي يتم وقف تدفق الأموال. لقد لعبت الجمعيات والمنظمات غير الحكومية الممولة من الغرب دورا تخريبيا في بلدانها ،مثل مصر وسوريا والعراق والجزائر وحتى روسيا أخيرا، قبل أن تغلق العديد منها.الجمعيات غير الحكومية باتت الذراع المسموم للغرب الاستعماري وانكشف دورها في الفتن وتشويه البنية الاقتصادية والاجتماعية للدول التي تعمل فيها.لقد أفرزت قيادات ملوثة همها الوحيد الدفاع عن مصالحها (مصر مثال واضح على ذلك). حان وقت الوقوف في وجه هذه المنظمات غير الحكومية ومعرفة ماذا تفعل. وبعد كل ما تقدم ألا تتفقون معي بان مضار ومفاسد ومساوئ هذه الجمعيات يفوق منافعها وفوائدها إن كانت موجودة؟ |