|
آفاق زيارة كيري.. والتسهيلات الإسرائيلية في سياق حل سياسي
نشر بتاريخ: 29/11/2015 ( آخر تحديث: 29/11/2015 الساعة: 15:13 )
الكاتب: تحسين يقين
وإن لم تكن في سياق الحلول، أين تكون؟
فالمهم: هل سيكون الفعل السياسي الإسرائيلي على الأرض في سياق حل سياسي؟ وهل ستعجب نوايا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في خطواته الأحادية المفترضة في ما اصطلح على تسميته وفق اتفاقية أوسلو "إعادة انتشار" وزير الخارجية الأمريكي السيد جون كيري!؟ وكيف سيفعل ذلك نتنياهو ورصاص الوزير بينيت مصوبا على رأسه؟ والأخير هو ما هدد نتنياهو إذا فعل ذلك ليس في الانسحاب من الائتلاف بل برصاصة بالرأس! والمهم أيضا: هل سيكون بالتنسيق مع القيادة الفلسطينية وما يعني ذلك بأنه من المنظور الإسرائيلي ما زال هناك شريك فلسطيني!؟ الشعب الفلسطيني ينظر لقضيته كقضية شعب له كرامة وحق تقرير المصير، لكن للأسف فإن الساسة الإسرائيليين في مجملهم ينظرون لقضيتنا كقضية سكان. نحن نتحدث عن الحق بالسيادة على الأرض وهم يقتصرون ذلك فقط على السكان، ويريدون الاستمرار بذلك إلى الآخر. دهشت فتى حين علمت أن من معاني الأدب هو مائدة الطعام: إقامة مأدبة والدعوة إليها، حيث كانت ذهن الفتى متعلقة بالمعنى الاصطلاحي الشعر والنثر. وما بين المعنى اللغوي والاصطلاحي لعلنا نتساءل في أدبياتنا السياسية الراهنة: ما الذي يتم طبخه سياسيا؟ وما الذي لم يطبخ بعد؟ وهل سيكون لنا دور في التمليح والتبهير والتحريك؟ طلب رئيس الوزراء الاسرائيلي اعترافا أميركيا بالبناء الاستيطاني ضمن الكتل الاستيطانية والمستوطنات الكبرى، مقابل رزمة من الخطوات "التسهيلات" التي تخطط اسرائيل لتنفيذها في الضفة الغربية، وفقا لما كشفته صحيفة "هأرتس" العبرية يوم الثلاثاء، عشية زيارة السيد كيري لفلسطين وإسرائيل. وهو الطلب ذاته الذي الذي تم تقديمه قبل أسبوعين في واشنطن. تشمل رزمة نتنياهو تسهيلات اقتصادية، بما فيها المصادقة على تنفيذ مشاريع اقتصادية للفلسطينيين، ودفع مشاريع أخرى تتعلق بالبنية التحتية قدما، واخرى تتعلق بتسهيلات تتعلق بالسماح للفلسطينيين بالبناء في بعض مناطق الضفة. غريب أمر رئيس الحكومة الإسرائيلية، هل هي سذاجة سياسية؟ أم قلة اعتبار للوسيط الأمريكي؟ كيف يطالب الولايات المتحدة بتشريع ما هو غير شرعي مقابل تسهيلات ليست أكثر من تسهيلات إنسانية تمنح للسكان؟ وهل بسبب صعوبة شراكته مع وزرائه وما يمثلون من مواقف، يطلب الاعتراف الأمريكي بالاستيطان ليضمن تمرير رزمة "التسهيلات" في المجلس الوزاري المصغّر "الكابينيت"؟ إنها مرواغة مكشوفة في اقتصار الطلب الإسرائيلي على الكتل الاستيطانية والمستوطنات الكبرى، كأن هذه الكتل والمستوطنات أمر بسيط، حيث أنه لا يتحدث عن الاستيطان بشكل عام. وهي مراوغة منطلقها الأساسي هو التأكيد على المنطق الكولينيالي العسكري لا السياسي، حيث وفقا لما ذكرته وسائل الاعلام الاسرائيلية، "أن المؤسسة الأمنية الاسرائيلية تدرس مباردة حسن نية اتجاه الفلسطينيين ممثلة بخطة لنقل اراضي بمساحة حوالي 10 آلاف دونم من المنطقة "ج"، التي تحت السيطرة الإسرائيلية، الى السلطة الفلسطينية. بالطبع لم يتم اقرار هذه الخطة في المجلس الوزاري المصغر بعد، بانتظار الاعتراف الأمريكي باستمرار البناء في الكتل الاستيطانية والمستوطنات الكبرى. بالرغم أنه يمكن فلسطينيا التعاطي مع هكذا مقترحات تأتي ضمن سياسة حسن النوايا، في سياق البدء الفعلي بحلول سياسية، تضمن حقوق شعبنا وكرامته، إلا أن ما يجعلنا دوما متشككين هو منطق التعامل الاستعماري الإسرائيلي المصرّ على الكولينيالية! لقد خاب أمل جون كيري إذن من الاقتراحات الاسرائيلية، كون الادارة الامريكية تطالب اسرائيل باتخاذ خطوات تؤكد التزام اسرائيل بحل الدولتيين، وتعطي اشارات على ارض الواقع تشير الى حدوث تغيير من واقع الدولة الواحدة باتجاه واقع حل الدولتين، مثل منح السلطة الفلسطينية مزيدا من الصلاحيات في مناطق (ج). وهذه خيبة أملنا الدائمة التي يلحّ عليها الساسة الإسرائيليون، باعتبار منطق القوة هو المنطق السائد والمسيطر، وأن علينا كفلسطينيين حتى نكون شركاء أن نذعن فقط ولا نناقش! بالرغم من ردود الفعل الفلسطينية إزاء تصريحات السيد كيري تجاه الأحداث، إلا أن المراقب المحايد يرى أنه رغم السنة الأخيرة في الإدارة الأمريكية، فإن هناك جدية أمريكية عبرّت عنها الإيجازات الصحفية الرسمية الأمريكية عن حل الدولة الواحدة، والذي ترسخه السياسة الإسرائيلية، بمنع حل الدولتين. أزعم أنه بالرغم من الحلف القوي والاستراتيجي بين دولة إسرائيل والولايات المتحدة، فإن الأخيرة باتت غير راضية عن تصرفات هذا الحليف الذي أخذ قرارا بعدم الوصول إلى الرشد والعقلانية. لقد بدأ منذ سنوات صبر الولايات المتحدة ينفذ، ولكن هذا لن يكون كافيا للأسف في ظل الظروف الدولية والإقليمية السائدة ونحن؟ ما الذي يمكن صنعه؟ الوحدة أولا! ما زالت مبادرة رئيس الوزراء السابق دكتور سلام فياض هي الوحيدة الموجودة الآن على السطح السياسي، وهي في استجابتها للهم الفلسطيني، واعترافها بما يحدثه الشباب والشابات على الأرض، تستحق البدء بتنفيذها فورا، إذا ما استعدنا جميعا إرادتنا في تحمل مسؤولياتنا الوطنية. إحياء الإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير كإطار تمثيلي انتقالي لحين إجراء الانتخابات، بالنظرة الموضوعية، نجدها مبادرة إبداعية تستجيب للشباب المنتفضين وتقدم لهم الوحدة كهدية، في الوقت نفسه تطمئن المنظمة وتحفظ ماء وجه الجميع كما تم وصفه، بحيث تكون الحوارات وأخذ القرار داخل هذا الإطار، والذي يكون شأنا فلسطينيا بحتا، في حين تعبر عنه سياسيا منظمة التحرير. إنها ادارة إبداعية للتعددية السياسية، تقوم على الاحترام المتبادل والندية السياسية، وتعيد الحياة في اتفاق الشاطئ، وخلال ذلك نبني الوطن ونحافظ على البقاء، في ظل طول فترة المراهقة السياسية الإسرائيلية، والتي بوحدتنا يمكن استفزار إسرائيل لدخول مرحلة سن الرشد، من خلال حرمانها من أية مبررات واهية عن التمثيل والشريك. في ظل هذا الإطار المؤقت، تتكون حكومة وحدة وطنية حقيقية، تبدأ بحل الإشكاليات التي اعترضت تنفيذ الاتفاقيات الكثيرة عن المصالحة. وفي الوقت نفسه تتصدى لمشاكل المجتمع الداخلية، وخصوصا فئة الشباب، وعلى رأسها البطالة. ولن تكون مشكلة "موظفي حماس في غزة" مشكلة كبرى تطغى على الهم الوطني، حيث أن التزام الوطني الحقيقي هو ما يخلق الحلول، فلقمة الواحد تكفي اثنين، هذا ما تعلمنه من روائع التراث، حيث يمكن البدء تدريجيا بالحل، وفق إدارة رشيدة للمال الفلسطيني والعربي والوافد أيضا. كلما كنا معا، فإننا نستطيع الثبات أكثر، وكلما نجحنا في حلول مشاكلنا، فإننا نصبح في وضع أفضل تجاه الحلول السياسية. أما منا أن نتحدّ، وأن ندفع العالم لتبني موقفنا: أي حدث على الأرض يجب أن يصب في الحلول السياسية. هل أمامنا غير ذلك؟! |